بسببه لانت قلوب، وجحدت أخرى، وهم، سراب أم حقيقة ساطعة لا يراها كل من له عين! ويراها فقط من بجنانه مضغة من فطرة نقية، له يستلهم الشعراء زخرفاً من القول قد يكون كذباً؛ لكنه أجمل الكذب، ليلقي على مسامعنا طرباً، وفي وجداننا خمراً، نلهث وراءه وتضيع الأعمار في لهفة للوقوع في فخه، فهو الصياد وأنت الفريسة الساذجة التي تتلهف للوقوع في براثنه.
ويا للعجب، أنت ساذج، أحمق أم للحياة أنت مناضلاً وهل تستحق هذه الرحلة كل ما يتكبدها من آلام؟!
نعم، تستحق فبوجوده تحلو الحياة وإن أصابك طعنة ممن وقعت في شباكه، حتى وإن أوقعك حظك العثر في خائن، فإن كان لا يستحقك، فأنت أحق بمعان عشت لها أجمل مشاعر دقت باب قلبك، واستحوذت على كيانك، واحتلت في فؤادك من الذكريات ما كنت تحت تأثيرها كشارب خمر أو لاعب ميسر عنه لا يحيد ، ومعه لم تحظ غير بوقت قصير من السعادة، وخلفت لك آلاماً، فذاك أفضل من أن تكون حجراً لم تمسسه قطرة ماء، لا تخجل ممن طعنك وتركك وبسيف الغدر والخذلان أرداك؛ بل هو الأولى بأن يشعر عن جدارة بخيبته وفشله في الحصول على الفطرة النقية والروح الزكية والنشوة الساحرة التليدة .
لا تبتئس، ولا تلقي بسهام الوفاء أرضاً وتستبدلها بنبال الغدر، فليست كل التجارب مريرة، ولا كل الأيام متشابهة.
إبدأ من جديد، فكما صادفت الغادر ستصادف أيضاً يوماً ما من يستحق أن تتورد له وجنتيك، ويختلج له صدرك ويسعد به تمتمة قلبك باسمه.
وإذا عشت ما عشت ولم تجد شبيه روحك، فإعلم أن الأضداد بالأضداد تتضح وتتلألأ النجوم في السماء وسط الظلام، وعلى سطح الماء الصافي تظهر أشعتها وليست على سطح راكد