طه العبد يكتب.. فراشة زرقاء
فراشة زرقاء
ما الّذي ساقَكِ إلى دَربِي هكذا
مُفعَمَةً بكُلِّ هذا البَهَاء؟
ببعضِ الفَراشاتِ الزُّرقِ ينْهَضْنَ تألُّقا
ببَعضِ الأسَى وحِكمَةِ الّذينَ تعوَّدُوا أن ينْهَضُوا قبلَ الشُّروق؟
ما الذي رمَاكِ بلا مَوعدٍ تحتَ نَافِذَةِ القَصِيدَة؟
ليجبِرَنِي على اقتنَاءِ الكَلام
لأرى في الصَّمتِ بعضَ العبَارَاتِ المُفيدَة
وأسئلةً ممنوعَةً من الصَّرف في مُدُنِ القواعِدِ واليَاسَمين
وفي احتِلالِ الفِرنجَةِ هدأةَ الرّوحِ حين تَجرِي فِي العُروق
يكفي أن ألاحِظَ أنَّ القمَرَ اللّيلةَ لم يَبْتَسِم،
لأعلَمَ أنّ الرّيح لم تَجرِ،
ولم يقذِفِ البَحرُ موجَه نَحو الصّخور
لأدركَ دونما قَصدٍ
أنَّ المحيطَ الذي لم يُحِطْ بالسَّفينةِ يومًا
ثُقِبَتْ رجلُهُ ففاضَ على المسامَاتِ مِلحا
يكفي أن يرفُضَ الشَّجرُ الغِنَاءَ
حَتَّى أعلِّقَ صامتًا أنّ البردَ عادَ إلى جهَةِ القلبِ،
وأصَابَتْه رَجْفَةٌ من أثَرِ المَجِيء
أصابَتْه انحناءَاتُ الشُّتولْ
غريبٌ في ديارِ الاتِّهام
أو هو المَوتُ البريء
ليس حِنطةً هذا الكلامْ
كي تحطَّ الطَّيرُ على وَرقي
وتَنْقُدَ حَبَّه
لا بأسَ إذنْ من هِجْرةٍ أُخرى
ليكتَشِفَ النَّدى لَونَ الشَّجر،
قبل أن يدْلَهِمَّ الموتُ البَطِيء
*من مجموعة (بهجة الموت)