طه العبد يكتب..قصيدة الحنين
وَطَنِي يَجُوعُ القَلبُ للنَّسَمَاتِ
فَتَهُبُّ في قَلَمِي وفِي كَلِمَاتِي
مَنْ قَالَ إنَّ البُعدَ يُطفِئُ شَوقَنَا
البُعدُ مَقدُورٌ على النَّجَمَاتِ
بحرُ الشَّتَاتِ يَقُودُنِي نَحوَ الأَسَى
فِيهِ العَواصِفُ قَدْ دَلَقْنَ دَوَاتِي
فَالمَوْجُ يَرفَعُنِي إلى كَنَفِ النَّوَى
والموجُ يَخْفِضُنِي إلى الظُّلُمَاتِ
بالحُبِّ يَعْبَثُ والهَوَى متَلَهِّفٌ
يَا وَيحَهُ قَدْ قَدَّ لِي مَرسَاتِي
الرّيحُ تَعوي والسَّفِينَةُ تَلتَوِي
وشِرَاعُ ظَنِّي غَائِرُ القَسَمَاتِ
رُبَّانُ رُوحِي حَائِرٌ مُتَقَلِّبٌ
أَينَ البِلادُ أُقيمُ فِيها صَلاَتِي
عَبَثًا تُحاوِلُ يَا عَمِيقُ فَدُلَّنِي
كَيفَ السَّبِيلُ لِكَيْ يَنَامَ رُفَاتِي
هَذِي طَلَاسِمُ هِجْرَتِي وقِيَامَتِي
وأَنَا الغَريقُ وأَنْتَ طَوقُ نَجَاتِي
يَا بَحْرُ مَاذَا تَبتَغِي بِهَزِيمَتِي
وَطَنِي هُنَاكَ وأَنْتَ مِنْ عَثَرَاتِي
وَطَنِي هُنَاكَ تَلْوحُ لي يَدُهُ الّتي
حَمَلَتْ مَشَاعِلَ ثَورَتِي وَثَبَاتِي
وَطَنِي الأَسيرُ أَسيرُ نَحْوَ قُيودِهِ
لأَفُكَّها بالعَزمِ والإثبَاتِ
هَاتِ الطَّريقَ وَخَلِّ لي مِجْذَافَها
هَاتِ الطَّريقَ وآهِ مِنْ آهَاتِ
أُترُكْ سَبيلِي إنَّ بوصَلَتِي مَعِي
وارْحَلْ بَعيدًا عَن صَدَى أَبيَاتِي
وَطَنِي يَجُوعُ القَلبُ لا تَحْفِلْ بِهِ
ضَاقَ الفُؤادُ بأُمَّةِ الأَمواتِ
حَضَرُوا إليكَ بِعُرْيِهم
وعَرَائِهم
وتَقَاسَمُوكَ عَلى صَدَى النَّايَاتِ
ورَمَوكَ في بِئرِ الأخُوّةِ يُوسُفًا
بَاعُوكَ للسيَّارَةِ السَّادَاتِ
قَبَضُوا بِسِعْرِكَ شَعْرَ ايفَانكَا الّتي
هَزَّتْ خَزَائِنَهم بِغَيْرِ قَنَاةِ
فَتَقَاطَرُوا يَتَذَوَّقُونَ نَبيذَها
وَسَخٌ تَجَمَّعَ غَصَّ بالحَشَرَاتِ
وَطَنِي، يَجُوعُ القَلبُ مِنْ بُعْدٍ فَلَا
تَبْعُد لأنِّي دَائِمُ الحَسَرَاتِ
(نَفْسِي عَلَى زَفَرَاتِها مَحْبُوسَةٌ)
وأَنَا أَعِيشُ بِغُرْبَتِي وشَتَاتِي
والرُّوحُ تَزْفِرُ بالفَجِيعَةِ مُرَّةً
(يَالَيْتَها خَرَجَتْ مَعَ الزَفَرَاتِ)
(لا خَيْرَ بَعْدَكَ في الحَيَاةِ وإنَّمَا)
أَنْتَ الحَيَاةُ وأَنتَ مَاءُ فُراتِي
إنْ طَالَ بُعدِي فَالحَيَاةُ مَريرَةٌ
(أَبكِي مَخَافَةَ أَنْ تَطُولَ حَيَاتِي)