عبقرية قدماء المصريين
هل تعلم أن القدماء المصريون أول من أخترعوا التكييف.
كتب دكتور ياسر أيوب ثابت
رئيس لجنة الفنادق بنقابة السياحيين
كيف واجهوا القدماء المصريون أرتفاع درجات الحرارة…
عاش المصريون القدماء فى بيئة قاسية، حيث عانوا من ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير فى فصل الصيف، ورغم هذه الظروف المناخية الصعبة، تمكنوا من ابتكار العديد من الوسائل لمقاومة حرارة الصيف والحفاظ على راحتهم.
وواجهت الحضارة المصرية القديمة الحر بطرق مختلفة لتكييف الجو واستخدم المصريين القدماء التهوية الطبيعية غير المباشرة فى مبانيهم، وذلك بوساطة مدخنة التهوية الرأسية كما وجدت فى مقبرة سنوسرت عنخ التي تعود إلى الأسرة 12 حوالى عام 1972 قبل الميلاد توجد تحت مستوى سطح الأرض ويصل إليها دهليز هابط تتخلله أربعة متاريس، وأعلى الممر نفق هوائى يصل إلى سطح الأرض للتهوية الطبيعية، وقد ثبت حديثًا أهمية هذا النفق في ترشيح رطوبة التربة أيضًا.
كما إيضا إستخدم المصريون القدماء التكييف قديما وأول الأنظمة المعروفة التي تستخدم المياه لتبريد المساحات الداخلية حاليا كان من ابتكار المصريين القدماء الذين خفضوا درجة الحرارة فى منازلهم عن طريق تعليق الحصير الرطب على مداخلهم فيؤدى إلى تبخر الماء من الحصائر المبللة إلى خفض درجات حرارة الهواء الداخلى وإضافة رطوبة منعشة إلى هواء الصحراء الجاف كما نجده حاليا من بعض أنواع مبردات الهواء الصحراوية المستخدمة فى هذه الأيام.
إن عبقرية المصريين القدماء برزت فى مجال الهندسة والبناء، فتمكنوا من تصميم مبانى حافظت على برودة داخلية ثابتة طوال العام دون الحاجة إلى كهرباء، ما يجعلهم رواد تقنيات تبريد الهواء قبل قرون من اختراع التكييف.
الحضارة المصرية القديمة تميزت بخصائص معمارية فريدة مكنتها من مقاومة درجات الحرارة المرتفعة، فكان لكل مبنى واجهة بحرية وقبلية، مع وجود فتحات تهوية محسوبة بدقة لتوجيه الهواء البارد داخل المبنى وسحب الهواء الساخن خارجه… الطوب اللبن عازل طبيعى للحرارة كما اعتمد المصريون القدماء على الطوب اللبن فى بناء منازلهم وقصور الملوك، لما يتمتع به من خواص عازلة للحرارة، حيث إن سُمك جدران المبانى المصنوعة من الطوب اللبن، بالإضافة إلى ارتفاعها وقربها من مصادر المياه مثل نهر النيل، ساهم فى الحفاظ على برودة داخلية لطيفة على مدار السنة.
أبتكر المصريون القدماء طريقة مبتكرة لاصطياد “نسيم الهواء” تمثل فى استخدام “مصائد الرياح” لخلق نظام تهوية طبيعية داخل المبانى فى العصور القديمة تسمى مصائد الرياح وهى عبارة عن “ماسورة” تُركب أعلى المبنى، وهى تتميز بوجود فتحة فى مواجهة اتجاه الرياح السائدة، بهدف استغلال طاقتها الحركية.
وبفضل هذا التصميم، تستطيع هذه “الماسورة” اصطياد الرياح من أعلى المبنى، حيث تكون أقوى وأبرد، ثم توجيهها إلى الأسفل داخل المبنى ويعود استخدامها إلى عام 1300 قبل الميلاد، فقد صُورت بدقة فى الرسومات الجدارية لمنزل “نب آمون” بمقابر تل العمارنة فى الأقصر، والتى تُعرض حاليا في المتحف البريطانى.
وأيضا نرى الملاقف الهوائية وهى إبداع مصرى قديم وذلك لمكافحة الحرو توفير التهوية الطبيعة للمنازل و تتكون الملاقف من ألواح مُثبتة بإطار خشبى و موجهة للرياح تسمح بدخول نسيم الهواء، ما يُسهم في ترطيب المنزل وإنعاش أجواء الغرف وتجديد الهواء وإدخال الضوء وتُوضع الملاقف أعلى الصالة الكبرى، التي يكون سطحها أعلى من سطح باقى صالات المنزل ويرفع سقفها على عمودين أو أكثر.
وأيضا نجد المراوح وكانت وسيلة أخرى للتغلب على الطقس الحار إلى جانب الملاقف الهوائية، واستخدم المصريون القدماء المراوح لمكافحة الحر وتُظهر الرسومات على المعابد المصرية وهى استخدام المراوح بكثرة، كما عُثر على بعض النماذج المنحوتة منها وصُنعت المراوح من خشبة طويلة، تنتهي بعود من ريش النعام، كان يُحضر خصيصا من النوبة للملوك..
حيل “فرعونية” كثيرة لمكافحة حر الصيف واعتاد المصريون القدماء على تغطية النوافذ والأبواب باستخدام “الحصير” لمنع دخول الحرارة، والتراب، والذباب، وكان يُبلل الحصير بالماء لتبريد الهواء الداخل من خلال النوافذ، وزيادة رطوبته.
كان لدى النساء في الحضارة المصرية القديمة وسائلهن المميزة لمقاومة ارتفاع درجات الحرارة، ومنها ما سمي “مخروط العطور”، الذي يتكون من مواد عطرية تذوب بفعل حرارة الجو، ما يُضفي شعورا بالانتعاش على الشعر والجسم، بالإضافة إلى، ارتداء ملابس مصنوعة من الكتان الأبيض للتغلب على حرارة الجو، وامتصاص العرق وتوفير شعور بالبرودة.
في الأوقات الحارة، كان المصريون القدماء يقدمون مشروبا رطبا مصنوعا من “بوظة الأرز” وتعرف هذه الأيام باسم “السوبيا”.
استخدموا أيضا العطور لمكافحة رائحة العرق فى فصل الصيف للتغلب على رائحة العرق.
ارتداء ملابس مصنوعة من الكتان الطبيعى الرقيق الأبيض، تميزت أيضا بأنها قصيرة ورقيقة للشعور بالراحة فى ظل درجات الحرارة المرتفعة.
وطور الرومان نظامًا بدائيًا لتكييف الهواء من خلال استخدام قنواتهم المائية الشهيرة لتوزيع المياه العذبة عبر الأنابيب الداخلية، وهي طريقة أدت إلى خفض درجة حرارة الهواء بشكل كبير داخل البيوت الخانقة.
عدة تجارب رائعة تمت على مدار قرون
ولم يبدأ تاريخ تكييف الهواء الفعلى إلا في عام 1902.
في ذلك العام تم تكليف مهندس شاب يدعى ويليس كارير بمهمة إنشاء نظام لمعالجة الهواء فى شركة ساكيت- ويلهيلمز للطباعة الحجرية والنشر فى بروكلين، نيويورك.
وصمم كاريير نظامًا من الملفات المبردة التي تحافظ على رطوبة ثابتة ومريحة بنسبة 55% داخل مصنع طباعة ساكيت-ويلهيلمز – أي ما يعادل استخدام 108.000 رطل من الثلج يوميًا لتبريد المصنع وهكذا ولد مكيف الهواء الحديث.