إبداعات أدبية

عناية أخضر تكتب..حكايتي الأولى 

 

حِينَ التقيتُكَ عندَ مُنعطفِ الرُّجوع ، وقرأتُكَ طَلاسِمَ أسْطورتي ، وأستخرجتُ مِن حُروفِ إسمِكَ مَعاجمي .. لَمْ أكُن أدري ما سرّ لقائنا.. !! ما سر انجذابنا ..!! فاكتفيتُ بأنْ أرَاكَ حِكايتي الأُولَى .. واستجمعتُ مِن اثير حضورك بِدايتي.. لأعلِنَ لكَ عندَ كلِّ مُنعطفٍ بأنَّك انتَ سبب وجودي ، حيثُ لمْ أكنْ قبلكَ إلاَّ همزة وصل بين الجَميع ، وَوَاو عطفٍ بين قلوبِ المتحابَّين.. وفاصلة بين عالمين مختلفين .. ونقطةْ نهائيَّة لكلِّ مأسَاة ..

كنتُ حينها أرَى مصالِحَ الغيرِ رسَالتي ، وسَعادتَهم غايتي ، الى أن دخلتَ عالمي المشحُون بِطاقاتٍ من العَطاء المُستمرّ واستوقَفْتَني لأُعيدَ النَّظر الى ذاتي بأن لها عليَّ حقّ الحَياة ..! ورأيتُك حينها حياتِي ..!

حَياتي الضَّائعة بين طيَّات الأمنيات .. ! تُناشدني بذرةُ حبٍّ مِن نوعٍ كنتُ أجهَلُه ، أو بالأحرى كنتُ أتَجاهلُه خوفاً مِن رهبةِ تجربتهِ ، أو رغبة فيه فأعيشُه ولا أنجُو مِنه .. !!

وكنتُ أُوصِدُ بوجههِ الأبواب ..اخشى من مخبوءٍ لاَ أعرِفه.. وكان ذلك الباب الذي أتيتَني منهُ على حينِ غفلةٍ مفتوحاً اذ لمْ يسبِق لأحدٍ أنْ رآه ولذلك لمْ أكنْ احذرهُ .!

كنتُ لسابقِ وهلةٍ قَد اعتقدتُ بأَنَّ عبورَهُ مستحيلٌ ، لأنَّه من أبوابِ اللاَّ وَعي عِندي .. !

وَاجتِيَازهُ أمرٌ مُستحيل واذا بي .. اتعثِّر عند أَعتابهِ بطابورٍ مِن كلماتِكَ التي لم تكن تشبَه الكلِمات ..!

تُخاطبُ رُوحي وَتتّصِلُ بِها دونَ أَيَّة حَواجز أو عَراقيل . . !

ذبذباتُ أحرفٍ روحيَّة تّصلُ الى أعماقي ولا باب يُغلقُ دونها . . !

قطعتْ كلَّ عَوائق الممكِن لترسَخ في اعماقِ ذاتي رُسوخ الذَّات مِنها والتحمتْ فكان لِشطريها اندِماج لا يُفَكُّ انصِهاره .. !

هناك في تلك الآونة حاولتُ انْ أُحَرِّرَ نفسِي منك فكنتُ كلَّما حللتُ رابطاً بيننا امتدَّتْ رَوابِط أخرى أمْكَن منه وأكثر إندِماجاً ..!!

أَهُوَ كان المستحيل بعينهِ ما أَفعل ؟!

أَم كانتْ ذاتي هي نفسها التي تزيدُ الوثاقَ تعلُّقاً بحضوركَ بين مساماتِ ربوعِها؟!

وتتشبَّثُ بكَ خِلسةً عنّي لا تُريدُ الإنشطار .. !!

ما حصل اعرفه.. وأعرف انَّه لمْ يكن عمداً لقاؤنا ولكن ايضا لم يكن عمداً أنْ لا تُفارقني أنفاسُك المتأرجِحة بين قلبي وأوردة فؤادي النابض باسمك.!

وكأنَّني بتُّ لا أعتزلُ الانفاسَ.. بلْ أحتبِسُها لأنَّها انت !

دونَ مُنافس ..!

كم كنتُ أَلُومُ المستضعفينَ في الحب.. كيف لا يتمرَّدون عليه ولا ينبذونه !؟! 

فلمْ يكُن الحبّ عندي إلاّ بابا من ابوابِ البلاءات الدنيويَّة ، أرغبهُ .وبقدرِ ما أَرغبهُ أَخافه ، فاكتفي بأنْ أكتبَ عنه وأتركهُ بعيداً عن التماسه مشاعري ، حبراً على ورق.. !

كنت المرشدة لمن سَلكَ طريقه أنْ يَضيع ، والمسعِفة لمنْ عانَ عِلَّته ، أو ذاقَ ألَم الفراق واحتضَرَ شوقاً للقاء.!

كنتُ أواسي قلوباً أنهكها الحنين وأبُلسِم جراحَ المتألِّمين.. الوالهين عشقاً. يسامِرون القمَرَ على هداَةِ الموت السَّاكن أطراف الغياب ..

وإذا بي طبيبٌ يُداوي النَّاسِ وهو عليل ..!! .

كَم غَدرني دُخولكَ حياتي خِلسةً على أنَّك عابرَ سبيلٍ ، وإستوطنْتَ في قلبي وطابَ لكَ المَسكَن !!

تمنَّيتكُ انْ لا ترحَل وانا أُظهِرُ لكَ عكسَ ذلك تماماً من أَجل أنْ ترحَل ! وكم كان يقتلني الرّحيل !!

 

أَهُوَ العشقُ انفصامٌ في الشخصيَّةِ فَأهْذي بين تقيضَين ..(بقاؤك ورحيلُك) .. ؟!

أم التحامٌ ووفاقٌ ووثاقُ عقلٍ مجنون يطلبُ المزيدَ في سَكراتِ العشق الممنوع ووَهْم الِّلقاء عندَ مفترقِ العمر ..!!؟

ما كنتُ أدري ما الحِكاية في بَادئ الأمر غيرَ أنَّكَ لستَ كالباقين عِندي ، كان لحضورِكَ لَون آخر ولِكلماتِك لحن آخر ولعينيكَ بريق آخر ، وكنتَ أنت آخِرَ بِدايةٍ لي أَعيشُها .. !

عِندمَا سأَلتُكَ يوماً مَن أنت ؟ وكان جَوابك : لا أدري ” علمت انك “انا” وأنَّي نصفك الضائع وبدونِك لا أكون . .!

ودخلتُ دوَّامةَ فِكركَ وعشتَهُ بكلِّ خَبَاياه فوجدتُ فيهِ صُورَتي الأصِيلة وهوِيَّتي التي كنتُ قد افتقدتُها منذ زمن وانا ابحث عن خيط أملٍ رفيعٍ في مكبّ الذّكريات..!

كمْ مِنَ الحَالاتِ عشتُ حِينها بين مدِّكَ وجَزرِكَ ، ووعيِكَ وهذاينِك ، وهُدوئك وغضبِك ،وجُنونِك وعقلنتِك ..!! كمَا فصول السَّنة لمْ تثبُتْ على حالٍ .. !! الى أنْ جَاءَ تِشرينُكَ وعَصفَ طبعُكَ الحادّ الذي تخطَّى حدودَ الصَّبر عندي وقرَّرنا الإنفصَال . . .

كَتوأمٍ مُلتصِقٍ بقلبٍ واحدٍ عندَ إنسِلاخِهمَا يَمُوتانِ مَعا .. كَذَا متْنَا …

وَهَكذا تكونُ نِهاية تَوائم الرُّوح بعيداً عن اتِّصال المادَّة فإنَّها تُختارُ الموتَ المؤقَّت من اجلِ حياةِ الخُلود .. وتنتهي الى مَلجئها الأوَّل الذي يَرعَى بعينهِ أرواحَ السَّالِكين اليهِ

 ..

خاطرةٌ من روايتي ” عندَ مُنعطفِ الرُّجوع”

عِنايَةخَضراءُ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى