الخريف الغربي هو ايذان بأفول الحضارة الغربية ..من يريد ان يكتب عنه لابد ان يتعرض للابعاد الاجتماعية والاقتصادية وانعكاسهما علي البعد السياسي ….
نحن نشهد سقوط ما نسميه المجتمعات المتحضرة الغربية في يد البرابرة ….تماما مثلما حدث لافول الحضارة الرومانية ….والبرابرة هذه المرة لا يمتشقون السلاح ولكنهم علي مراكز المال في العالم كله …من مصارف وبورصات عالمية وشركات متعددة الجنسيات تحتكر الطاقة والطعام والكساء ( 80% من سوق المبيدات، شركتان يسيطران على سوق البذور، شركة واحدة تسيطر على سوق الحبوب المعدلة وراثيًا، شركتان يسيطران على 50% من تجارة الموز في العالم -باستغلال دول الكاريبي ودول أمريكا الجنوبية-، 3 شركات تسيطر على 85% من السوق العالمي للشتي، 4 شركات تسيطر على سوق اللبن، 85% من تجارة الحديد في العالم تسيطر عليها هذه الشركات العالمية، 75% من تجارة البترول الخام تسيطر عليها شركات عالمية، 90% من تجارة الحديد الخام تسيطر عليها شركات متعددة الجنسيات، هذا علاوة على أن قطاع السلاسل التجارية للتجزئة تسيطر عليه 4 شركات عالمية. (شريف دلاور ))
ويتسلح هؤلاء البرابرة الاقتصاديون بصوت اعلامي كاسح يخضع لهم في كل بقعة من العالم بداية من اوروبا ووصولا الي امريكا وريثة الحضارة الغربية والمهيمنة عليها .
بل ان سلاحهم كان ايضا من خلال ما يسمونه (الشرعية الدولية ) فهم اقتصاديا يهبمنون علي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واجتماعيا بما يدعونه حقوق الانسان وتوابعها مما يسمونه منظمات المجتمع المدني (منظمات الصفوة التي اختارها البرابرة بديلا عن الاحزاب السياسية في المجتمعات ) وحتي سياسيا فهم يسيطرون علي اختيار امين عام الامم المتحدة ومجلس الامن لاقرار تلك الشرعية الدولية المزعومة وباسم منظمة الامم المتحدة .
ان كل ماسردته ليس خافيا .. ومنذ عام 1971 وحتي اليوم تتوالي اجتماعات المنتدي الاقتصادي دافوس وكان هدفه الاسمي للبرابرة الاقتصاديين ان يتم تدمير (الدولة القومية )وتحويل كل سكان الارض الي عبيد لخدمة الاسياد اصحاب الادارة في الشركات العابرة للقارات والتي كانت ومازالت السبب في كل الازمات الاقتصادية التي مر ويمر بها العالم .
ان آخر المناضلين لبناء الدولة القومية كان جمال عبد الناصر وكانت الدولة القومية النموذج هي مصر وبأحصائيات البرابرة عن صعود اقتصادها ومن الغريب ان ذلك كان يتم ومصر تتعرض لحروب متوالية ولحصار اقتصادي وخيانات داخلية وخارجية وكان (كعب اخيل ) اونقطة الضعف في مصر والقوة معا هو شخص جمال عبد الناصر ولهذا تم الاجهاز عليه للاجهاز علي الدولة القومية النموذج للتنمية ….
وبنفس الطريقة تم الاجهاز علي العراق بداية من استنزاف الموارد بالحرب الايرانية وصولا الي كارثة غزو الكويت وحتي الغزو للعراق باستعمال البند السابع للامم المتحدة …
ومن ثم تم تحويل الخليج العربي الي محمية امريكية وغربية ….وبداية الاجهاز علي ماتبقي من كيانات قد تتحول الي (دولة قومية )….
سوريا وليبيا وحتي اليمن وانفصال جنوب السودان وحتي تونس ومصر كانت مسرحا لكل تلك الخطط الشيطانية للبرابرة ….
ان الشركات العابرة للقارات هي من كان يهيمن علي جيوش المرتزقة وتوظيفهم في هدم الكيانات العربية ويكفي ان اشير الي مرتزقة(بلاك ووتر) وعلاقتهم بشركة شلامبرجير التي كان مديرها ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي بوش ( الأب ).
ان هدم الدولة القومية طال الدول الغربية ولأن الشركات العابرة المهيمنة علي الاقتصاد استبدلت العمالة واماكن التصنيع من اوروبا وامريكا الي آسيا ….ولان من يريدون هدم الدولة القومية واستبدالها برأس المال العابر لا يهمهم النظام السياسي بل يهمهم الربح وبدأ التآكل في الطبقة الوسطي لكل المجتمات الغربية فرنسا وهولندا وبلجيكا …وربما ظلت المانيا صامدة ولكن الي حين ومازالت المانيا طبقا للمنظومة الاجتماعية تملك طبقتها الوسطي .
لا يهم البرابرة التعليم ولاالموروثات الثقافية…..
لان ما يخططون له هو احلال الروبوت (الانسان الآلي) والذكاء الاصطناعي محل الانسان والمهارة العقلية البشرية.
ان أفول الحضارة الغربية هو ضريبة تدفعها الدول الرأسمالية بنظامها المتوحش لاستغلال شعوب العالم لصالح شعوبها وحتي وصل الاستغلال الي منتهاه وبدأ امتصاص دم الشعوب الغربية لصالح اسياد المال ….
انا لا أقرأ الغيب ولكن القوانين الاجتماعية تحتم انهيار الغرب وامريكا …قد يكون بعد سنوات او عقود ….لكنها سنة الكون …
.
شيرين حسين
استشاري هيدروجيولوحي
وكاتب ومحلل سياسي