قراءة فى ديوان على أرصفة قصائدي لدكتور / سحر كرم بقلم صابر الجنزوري
الشعر كائن حساس ويعبر عن أفكار ومشاعر فى لحظة شعورية ووجدانية
وربما فلسفية ونورانية وصوفية
وأحيانا تكون التجربة الشعرية
سياسية وإجتماعية فينطلق الشاعر
من خلال تلك التجارب ويعبر بالشعر
عن مكنون ذاته فى تلك اللحظة التى يتوحد فيها الشعور والفكر والخيال
تلك اللحظة تسمى عند الشعراء
لحظة الإلهام ولحظة التوهج ولحظة الوميض ومن آجل ذلك فالشعر الذي لا يعبر عن صاحبه فهو صنعة وحرفة
حتى لو كانت القصائد احترافية وتستوفى كل شروط البناء الشعري
من لغة وبحور وبلاغة ولكنها تظل كالدمية بلا روح وإن كانت جميلة.
أما الروح والوجدان والتجربة الشعرية
والوجدانية التى تعبر عن الشاعر حتى كأننا نراه فى قصيدته فهذا هو المدخل إلى شعر د / سحر كرم .
القاريء لشعر د/ سحر يستطيع أن يتعرف عليها كإنسانة شاعرة أو شاعرة إنسانة وربما لا يراها كطبيبة
بشكل مباشر ولكن إذا تعمق فى التجربة الشعرية عند د سحر كرم يستطيع أن يصل إلى أصل هذه التجربة
التى استمدتها من التجربة الإنسانية كطبيبة ثم من التجربة الحياتية والمشاهدات والتجارب العملية
وكل ذلك أوجد
زخما وتراكما بداخلها مما جعلها
تسجل وتترجم كل التجارب وتحولها إلى قصائد شعرية ..
وقد بدأت تلك التجارب بديوانين فى عام ٢٠١٩
الأول كان عيون القمر
والثانى عاشقة بلا حدود وكما قالت عنهما أن الديوانين تناولا القضايا الرومانسية وفى الحب خاصة ..
ثم أصدرت فى عام ٢٠٢٠ ديوان رسائل الياسمين الذى حصلت عليه
من معرض القاهرة للكتاب قبل أن أتعرف على د / سحر وكنت قد قرأت عن الديوان فى الفيس بوك وقررت أن أقرأه وأعجبني جدا من حيث لغته الشاعرية الهادئة والقضايا
الإنسانية فيه، فقد تجد قصيدة تتكلم عن أطفال السرطان وقصيدة تؤرخ لزمن الكرونا وقصيدة عن الفقر وأخرى عن التنمر بالإضافة لرسائل الياسمين والحب والرومانسية.
ثم أصدرت ديوان كبرياء أنثي والذى قرأته أيضا ووجدت أنه امتدادا لنفس التجربة الشعرية لديوان رسائل الياسمين من حيث القضايا الإنسانية والمجتمعية
فنجدها تعبر عن قضايا المرأة وكبرياءها التى تكون أكبر وأقوى من الحب .
إذن رأينا التنوع فى اربعة دواوين
كل ديوانين لهما رسالة وكل رسالة
تنبع من تجارب وجدانية وإنسانية ومجتمعية
وهانحن الأن مع الديوان
الخامس ” على أرصفة قصائدي “
وأمام العنوان لا بد أن يتوقف القاريء والمتلقي ويتأمل ويفكر ويسأل
ماهو رصيف تلك القصائد ؟
ورويدا رويدا وبدء من الإهداء وحتى يصل إلى قصيدة رصيف قصائدي
يعرف أن استخدام الرمز والتشبيه
فى التعبير عن العمر والذكريات والحب بالرصيف الذي ألقت فيه و عليه قصائدها فكان منه العنوان الذى ظل متلازما معها لأنه يمثل العمر والتجربة الوجدانية عند طبيبة الأشعة التشخيصية فكأنك تراها تحلل التجربة
وتصورها كأنها أشعة صورتها وتخيلتها ثم كتبت القصيدة كتقريرا أخيرا لنعرف من خلال كل قصيدة
أو أشعة جديدة ماذا تقول وماهي التجربة التى ميزت شعرها عن شعر
الآخرين أو الأخريات ؟
من تلك الزاوية نستطيع أن نتعرف على الإنسانة والشاعرة من خلال قصائدها وتجاربها الشعرية والإنسانية والفكرية.
فإذا نظرنا لاختيارها تصميم غلاف ديوانها لوجدنا التماهي بين المهرة والفرسة العربية الجميلة الأصيلة التى
تجمع فى نظرة عينيها بين الطموح والجموح والتحدي والإنطلاق وبينها كأنثى تملك كل صفاتها ومقوماتها..
ثم نجدها تقول فى المقدمة والإهداء:
إلى ذلك السر الذي لا يعلمه الا الله.. الروح..
فى هذه الجملة سر تجربتها الإنسانية والوجدانية التى انطلقت منها كطبيبة
وشاعرة وإنسانة ففى الروح سر الأسرار وسر سرها فأهدت سر الكل إلى الله الذي يعلم وحده سر الأسرار وسر الروح ثم تكمل الإهداء إلى
كل المعاني السـامية والمشـاعر الراقية
وإلى الشـعر و الحـروف التـي لا تخوننـا ..
وتؤكد على التماهي الذى قدمنا له بين المهرة الجميلة وبينها فتقول :
وعلى أرصفة ُ قصائدي أمتطي مهرة خيالي أراقـص ً طيفـا علـى تسـابيح نبضـي بتميمة الهـوى اللا مستحيل.
يعرج ٍ بي إلى سماء ِ قدسية ِ العشق أكابد َ جموحها، فأرنو إلى مدارات ِ الكون ، يهديها انبثاق شعاع النور
ترقبه عيون التمني ، فى برزخ الروح
عند سدرة المنتهى بانطلاقة سحرية
للحياة ، وإطلالة أسطورية للأمل ليرسم رحلتها الأبدية ، إلى عالم عشق الروح والجوهر ..
انتهى الإهداء الذى كتبته لكننا لا نستطيع أن ننتهى من التوقف أمامه وتأمل كلماته وتأمل النظرة الكونية
للحياة والروح والبرزخ الذى تجده عند سدرة المنتهى حيث الروح هناك معلقة
هناك تنتظر الانطلاق لرحلة الخلود.
لقد كان الإهداء تمهيدا وإعدادا للقاريء
لقراءة التجربة الإنسانية التى بها شيء من نظرة فلسفية لوجودها وكذلك نجد التجربة
الشعرية والوجدانية التى جعلت كل الذكريات والتجارب على رصيف العمر
ورصيف الحياة ووصلت لسر الأشياء
وهو الروح وبنظرة فلسفية تأملية
تقول هناك روح ..هناك حياة
وهناك أحياء بلا روح فهم موتى
وهناك موتى يتركون أرواحهم فى الحياة فيكون لهم الخلود .
فإذا انتقلنا الأن لقصائد الديوان
الذي يتكون من أربعين قصيدة
بلغتها الفصحى البسيطة التى اختارتها
بعيدا عن التعبيرات المعقدة أو الكلمات غير المفهومة نجد أنها استخدمت البلاغة فى الوصول إلى قلب وسمع القاريء مباشرة
فنجد الرمز ونجد التشبيه والتورية
والإستعارات وقد أتاحت لها القصيدة
النثرية المجال لتعبر بحرية كبيرة
عن تجربتها وأفكارها واستخدمت
مفرداتها ووظفتها جيدا حسب كل قصيدة ومتطلباتها.
*******
فإذا نظرنا للقصيدة الأولى التى
جعلت عنوانها :
“انطلاقة على مرافئ الأمل”
نجدها تستخدم مفردات بلاغية
جميلة فتقول فى بداية القصيدة:
سافرت بشغف ضياء الروح
تحملني حقائب الذكريات
بألوان قوس قزح
أسابق أضواء النجوم
فرسوت بمحراب ملحمة الأحلام
وتنتهي بقولها :
وعلى أرصفة قصائدي
أغزل من خيالي
فكرة أحلامي
أراقصها على تسابيح نبضي
بتميمة الهوى اللا مستحيل
وتختم القصية :
وإطلالة أسطورية للأمل
فى برزخ الروح عند سدرة المنتهى.
انتهت القصيدة الأولى ورأينا الفكرة والنظرة الفلسفية واستخدام المفردات البلاغية من تشبيه ورمزية عالية
تجسد لحظة سمو شاعرية جسدتها فى لحظة نورانية تقترب من النزعة الصوفية لكنها ليست بصوفية ولكنها تتماهى مع مقام من مقاماتها العلوية
وهي المشاهدة التى تجعلها تصل إلى سدرة المنتهى.
هكذا نمضي مع الديوان
ولكن لا نستطيع ان نتناول كل القصائد فى هذه القراءة المكثفة وإن كنت أتمنى لو كانت بحثا حتى أفرد مساحات كبيرة لشرح كل قصيدة ومفرداتها ومعانيها
ولكن أرشح لكم بعضا من المحطات أو الوقفات والنقلات بالديوان فنختار معا بعضا من الأبيات المميزة ببعض القصائد التى جسدت الفكرة التى بنيت عليها هذه القراءة وتناولتها بالمقدمة ..
*******
ففى قصيدة ” أيها البحر “
تقول :
على صفحات شاطىء الغرام
أتأمل فيك بلسما وترياقا
فلا اكتفاء بك منك
وبشغف العاشقين
وحروف الحنين
أغوص فى صخب سكونك
لتعرج بقلبي وروحي نشوى
إلى سدرة المنتهي
هنا تخاطب البحر وتجعله يعرج بها إلى سدرة المنتهى أيضا التى ترنو
وتطلع إليها وكأنها فى مقام المشاهدة.
********
لك فى قلبي وطن
قصيدة أعتبرها من أهم قصائد الديوان
ولو كان هناك عنوانا آخر لكان ذلك العنوان ..تمنيت أن اكتبها لكم كاملة
ولكن سأختار بعضا منها :
كل القصائد تؤكد أنك وطني
يا أيها السر المقدس
لماذا يا سيد قلبي أنا عندك لاجئة ؟
ثم تقول :
أعلنت الحجر عليك
فى أعماق قلبي
عندما أكتب إليك
فإن لك فى كل فاصلة نبضة
ما بين الشدة والكسرة
أخفي لك ضمة
أنت سطر الجدل فى قصيدتي
لا حرف يستطيع وصفك
ولا ورقة تحتمل هواك
سأنتظرك فى أحلامي
وطنا لا يضيع !
فلكل إنسان وطن..
وتستمر القصيدة بهذا الجمال
والسمو ورقي الكلمات والجمل الشعرية
وكأنها قصيدة أو نوتة موسيقية.
*****
على أرصفة قصائدي
قصيدة الديوان وعنوانه وقد استخدمت فيها بتعمد وتأنق كل مفرداتها البلاغية
ولغتها الراقية فنراها
تبدأ القصيدة كعادة المحبين والعاشقين
بمخاطبة المحبوب فتقول :
أمد لك بساط الحب وأبحر نحو الغروب
علني ألقاك مختبئا خلف حلمي
وبين دفاتري وكتبي
أنت عفويتي الجميلة فى زحمة الحياة.
وبعد أن مهدت وخاطبت المحبوب بكل كلمات العشق والهوى الجميل
نجدها فجأة تقول وكأنها تكتب قصة قصيرة تفاجئ القاريء بعقدة القصيدة
أو القصة فتقول :
وأعلن الهزيمة تحت منفى العشق
ويترنم قلبي بحروف اسمك
فتداعبه ظلال الياسمين
وتمضي فى القصيدة ولا تنسى الروح
فتقول :
وتبقى الروح عالقة
بين الأمنيات والأقدار
بمعزوفة العشق الأبدي
ترنيمة قدس الأقداس
لتحملنا بعيدا على شاطئ الأمل.
ثم تصور كبريائها وثقتها أمام الحبيب
الذي هامت فيه وجدا :
ولأنني كنت على عجل
جئتك بأعماق براءتي
جئتك مرتدية قلبي لتضيء براءتي
فأنا الجميلة والبقية أشباه جميلات !
وتختم قصتها فى مشهد درامي:
سألقي بقصائدي بين طيات صفات البحر
لعلها تمتزج بروعة النظر
ويقف قوس قزح أمام النوارس
فى مشهد مهيب محتضر.
انتهت القصيدة لكن لم تنته معها جمالية المعاني وسمو الفكرة
ورقي الكلمات .
*****
رسائل من ورق
قصيدة توفرت لها عناصر الجمال
وتشعر أن القصيدة جعلتها تكتبها بهذا الشكل على غير عادتها فى كتابة القصيدة النثرية حتى أنها تقول أن الديوان نصوصا شعرية
لكن فى هذه القصيدة اختارت القصيدة الكلاسيكية واختتمت أبياتها بالقافية التى تنتهى بحرف القاف :
أيعقل أن أكتبك على ورق
وحبري عطر من ودق
أتساءل من أنت ؟
بطل من ورق ؟
فكيف احتللت الحدق؟
وتختم القصيدة بقولها :
لعلها أسطورة عشق من ورق
أو رسالة من رب السماء بغدق.
*****
وتتوالى القصائد فتقول فى قصيدة ياليتنا وتستهل مطلعها بالتمني المستحيل:
ياليتنا نملك ممحاة
تمحو كل الذين مروا
وسحقوا فينا ياسمين الروح
وفى ذاك المعنى تبدأ ببيت رائع :
ليتها تكررنا الفصول
وتذرنا كذرات ضوء فى القلوب
فإن جار الرحيل لأرواحنا
على كتف الرياح فسأنتظر الهبوب.
ثم نصل إلى لحظة
الحزن والألم فى الديوان
وكأن الشاعرة رتبت قصائدها تصاعديا
حسب الأفكار والتجربة الشعرية
ففى قصيدة بعنوان لحظة ألم وحزن
تختمها بقولها ختاما دراميا عنيفا :
أقسمت اليمين
أني سأقيم جنائز الحب
وأجعل له قبور حبي والسنين.
****
ولأني أنثى
ماذا تريد الأنثى ؟
صورة رمزية قدمتها الدكتورة سحر
عن الأنثى وماذا تريد
وماذا يريد الرجل فى مجتمعنا
فتقول :
لأني أنثى أبحث عن الأمان
الحب والعشق عندي هو كل ما أعيش من أجله
أما أنت ايها الرجل الولهان
فماذا ستعطيني من رجولتك
سوى قلب فارغ ؟
ويد مملوءة بالحلي والطعام
وفجأة تتسرب من حياتي
وكأن ما بيننا ما كان.
وتتركني فريسة للآلام
اقول لك بصدق ارحل
واغلق وراءك الباب
لن أرضي بك علاقة حسابية
الكم والكيف
الحياة علمتني
أن عمري صفحات تطوى فى كتاب
فلا دموع ولا خضوع ولا عتاب
لأني أنثى الكبرياء.
انتهت القصيدة لكننا نستطيع أن نصفق للشاعرة على تلك الرؤيا والنظرة
والفكر الذي ينتصر للمرأة وكبريائها أمام ذكورية الرجل فى مجتمع لا ينظر سوى لأنوثة المرأة ويتجاهل إنسانيتها ومشاعرها.
*****
أسئلة مشروعة
فى هذه القصيدة تعبر الشاعرة عن المرأة الجميلة المعتزة بنفسها وكبريائها وجمالها وأنوثتها وقد يحتار القاريء فيظن أن الشاعرة تتحدث عن نفسها وإنه ليصدق ذلك الحديث
فالشعر تعبيرعن الذات وعن مكنون النفس الذي نبوح به من خلال الشعر والقصائد :
يتسائلون من أكون ؟
أنا ملكة فى الحسن والبهاء
كنجمة يهتدى بها من ضل فى الصحراء
فى الأدب والعلم أنيقة حسناء
فارسة شديدة الدهاء
اسمى سحر الوجود
من بقايا الشفق ولمسات الضياء
اذا ما تأملنا هذا البيت الأخير
يستطيع القاريء أن يصدق
أن الشاعرة تعبر عن نفسها
إلى أن نصل لذروة القصيدة التى قد يختلف معها بالتأكيد بعض القراء
أو النقاد عندما تقول مجازا:
جميلة أنا كهاء الله
وميم محمد
كأول عين من علي
وآخر عين من عيسى ” يسوع “
كنون الوطن وحاء الروح وفاء الفؤاد
وفى آخر قصيدتها تكشف سبب الأسئلة
المشروعة ووصفها لنفسها بتساؤلها:
أيكفي هذا ؟
لأجيب عن أسئلة مسنونة
تريد أن تصيبني فى مقتل ؟
وتترك القاريء للإجابة ؟!
*****
ونصل إلى قصيدة
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
والتى تمدح فيها سيدنا محمد
لكن أتحفظ كثيرا على بداية القصيدة التى بدأت بها بأبيات للشاعر الراحل عبد الفتاح مصطفى التى غنتها الفنانة ياسمين الخيام فى تتر مسلسل
محمد رسول الله حيث
تقول :
دعوة ابراهيم ونبوءة نوسى
ترنيمة داود وبشارة عيسى
محمد رسول الله
وفى منتصف القصيدة
بيت
خير الأنام مسك الختام..
حتى لو ذكرت الشاعرة فى هامش الديوان أن الأبيات للشاعر الراحل عبد الفتاح مصطفى فإننا نختلف معها فى ذلك فقصيدتها فى غناء عن ذلك.
*****
وتستمر القصائد وبعد قصيدة محمد رسول الله تتحدث فى قصيدة عن الهجرة المباركة بعنوان الهجرة النبوية
وتنتقل بعد ذلك الى قصيدة عن السيدة مريم سيدة نساء العالمين بعنوان
“الطاهرة العذراء أم النور مريم البتول”
ثم قصيدة
“دقت الأجراس ذكرى مولد المسيح”
******
وتنتقل نقلة أخرى فى الديوان وتتحدث
عن اللغة العربية فى قصيدة
لغتنا الجميلة
ثم نجد نقلة أخرى
وحديث عن الإرهاب
فى قصيدة بعنوان
طوفان الدم والإرهاب..
ثم نقلة أخرى وقصيدة بعنوان
” أبي “
ثم قصيدة رفيقة دربي
” سيارتي “
وتستمر المتفرقات
بقصيدة
شباب الرياضة وقصيدة
أمجاد بلادي
وقصيدة سيناء لحن الخلود
***********
وتتوقف المتفرقات
وتتذكر نوتة الديوان الموسيقية
والتى شذت عنها بالفعل المتفرقات والنقلات الدينية والوطنية ونصل إلى
النهاية و مسك الختام
فنجد قصيدة تحمل عنوان
” موعد الروح “
فنجد كلمات الإهداء التى بدأت بها
إلى ذلك السر الذي لا يعلمه إلا الله وهو “الروح” ..
تقول فى آخر القصيدة
وآخر الكلمات
وآخر الحروف :
تعارفنا وتطابقنا
فعشقتك توأم الروح والوجدان
بتقارب المسافات ننثر العمر فرحا
بصور الذكريات
حيث بات الحلم حقيقة
بانتفاضة الحياة
فى أوردة الروح
لبريق النور
بومضة عشق أبدية
**********
انتهى الديوان الذي
بدأ بانطلاقة على مرافئ الأمل
وانتهى بومضة عشق أبدية
على قارعة رصيف العمر
وخريف الذكريات وإشراقة روح
صعدت إلى سدرة المنتهى والمقام العلوى وتوقفت هناك فى إنتظار
إشارة ومضة العشق الأبدية والخلود.
*******
مما تقدم نستطيع أن نقول أن الديوان لا شك أن د/ سحر وضعت الكثير من التجارب الإنسانية والفكرية والروحانية فيه فكانت التجربة الشعرية وليدة تلك التجارب مجتمعة والتى عبرت عنها فى نصوص شعرية وقصائد نثرية مميزة
تميزها عن غيرها من خلال الأفكار والتعبيرات والتجارب الإنسانية خاصة
حتى كأننا نستطيع أن نجدها بين سطور قصائدها وأفكارها ولعلني أعجب كثيرا
بالنص الشعري الذي يقدم لى فكرا
ونظرة فلسفية أو لمحة صوفية أو إنسانية فليس الشعر مجرد نظما وكلاما مرصوصا كما نرى هذه الأيام من كلام مرصوص غير ذي معنى ولن أطيل؟!
فقد قدمت لى د/ سحر الفكر الذي أريده فى الشعر بصرف النظر عن تصنيفها أدبيا وعن شكل القصيدة وبحورها وانتمائها الشعري سواء كان الإنتماء الرومانسي او الكلاسيكي أو نثري أو مقفى أو أي انتماء آخر ؟!
ويبقي لى تحفظات مهمة قد أشرت إليها
مع بداية النقلة التى حدثت فى الديوان وغيرت من مساره ووصفت ذلك بأنه خروجا على النوتة الموسيقية للديوان
عندما بدأت بالقصيدة الدينية ثم الوطنية
وكان ذلك عند الصفحة رقم ” مئة “
تقريبا ..ولو توقف الديوان عن تلك الصفحة متبوعا بقصيد الروح الأخيرة لكان أروع وأفضل كثيرا ..والتحفظ الآخر إقحام أبيات الشاعرعبد الفتاح مصطفى رحمه الله التى غنتها الفنانة ياسمين الخيام فى تتر مسلسل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
******
انتهت قرائتى للديوان ولا يسعنى
إلا أن أقدم كل الشكر للدكتورة الطبيبة
الشاعرة صاحبة الكلمة الراقية
د/ سحر كرم
وأستطيع أن أقول أنها ايضا صاحبة
” القصيدة الراقية ” ..
مبروك لك إنجازاتك الشعرية وديوانك الخامس الذي بين أيدينا..
” على رصيف قصائدي “
الذي يجد القاري فيه كثيرا من المتعة الفكرية والتجربة الشعرية الناضجة ..
فإذا كان عنوان هذه القراءة
الكبرياء فى شعر د/ سحر كرم
فإننا فى النهاية نقول بعد أن
وصلنا لمسك الختام فى قصيدة
“موعد الروح”
فإن الكبرياء هنا أصبح
كبرياء الروح الذى لم تصل
إليه عبثا ولكن بعد جهد وتجارب كثيرة.
مبارك لك د/ سحر وكل التمنيات
الطيبة بدوام التوفيق والتألق
والإبداع والنجاح