هناك الكثيرون الذين يحبون أن يعيشون حياتهم بتخطيط لأحداث يومهم التالي. فيخططون لها من اليوم السابق لأنهم لا يستطيعون تحمُل المفاجأة إذا حدثت أحداثًا غير التي تأهلوا نفسيا لحدوثها. وهناك أشخاص يعيشون دون تخطيط، تاركين نتيجة يومهم لأي أحداثٍ تحدث من حولهم أيًا كانت هذه الأحداث. هي طباعُ واراءُ مختلفة، كما أنها إمكانيات مختلفة للتكيف مع أي ظروف. ولكن في كل الأحوال سواء كنت مُرتبا لأحداثِ يومِك أو غير مخططًا لها، قد تحدث أحداث فوق التوقعات.
قد يُفاجئك شخصُ لا تعرفه أو لم تعاشره من سنين بتصرف طيب منه فيكون فوق التوقعات، في حين يُفاجئك شخصُ آخر عاشرته وتشاركتم معًا الأفراح والأحزان بتصرف تخليْ أو عدم التواجد في الوقت المناسب، أو حتى غدر، فيكون أيضًا فوق التوقعات.
وقد تتوقع الكثير من النتائج السلبية من إنسان لا يحبك أو ينتمي إليك منذ سنين، ولكنك تُفاجأ بعد أعوام أن فكره تغير من ناحيتك وبالتالي طباعه أيضًا. فتندهش من تغير الأحوال التي هي فوق التوقعات.
وفي أوقاتٍ قد تشعر بسبب قسوة الحياة وأنه لا يوجد مَن يفعل خيرًا دون مقابل، فلا تصدق أنه هناك مَن يخدمك دون انتظار رد هذه الخدمة. ولكنك تُفاجأ بما هو فوق التوقعات.
قد تتعب زمانًا طويلاً في الترتيب لحدثٍ معين مثل الزواج أو السفر أو الحصول على وظيفة معينة، ولكن تُفاجئك الأحداث بإيقاف ما كنت تُرتب له لأي سببٍ. وفي أوقاتٍ أخرى قد لا ترتب أصلاً لهذه الأحداث، وتُفاجأ بأنك تسير في هذه الخطوات، فوق التوقعات.
قد يقلق طالب من امتحانٍ ما ويتوقع عدم النجاح، ولكنه يُفاجأ بأنه حصل على أعلى الدرجات في المادة التي كان متخوفًا منها، في حين توقعه الدرجة النهائية في مادة أخرى لأنه واثقًا من حله واجتهاده فيها ولكن يتفاجأ بنقصانه الدرجات، فتكون أيضا فوق التوقعات.
وقد يقلق شخص من السير في خطواتٍ وإجراءات كثيرة مُنهكة لتحقيق إنجازٍ معين، ولكنه يُفاجأ بأن الإجراءات قد سارت بمنتهى السهولة والسرعة. بعكس الأوقات الأخرى التي قد يضع في الاعتبار أنه لا يحتاج لإجراءات كثيرة لتخليص بعض المصالح، ولكنه يُفاجأ بأنها استغرقت وقتا طويلاً، لتكون فوق التوقعات.
فوق التوقعات سواء كنت مُرتبًا للأحداث، أو غير مُخططًا لها هي خطط إلهية يقودك بها الخالق لتتعلم شيئًا جديدا في حياتك بحسب الرسالة التي يريد إيصالها إليك. وفوق التوقعات أن تكون متمتعًا بالعيش تحت نير عادةٍ سيئة معينة لسنين طويلة، وأن تقرر في وقتٍ ما أنك سوف تتركها للعيش بفكر وعاداتٍ جديدة نافعة. وهي أيضًا حينما يتغير الإنسان من جيد لأسوأ في الطباع والأفكار.
فوق التوقعات حينما تتغير الظروف من حولك لأن دوام الحال من المحال. فليس الحال المُبهج دائم ولا الحال المُحزن. فوق التوقعات حينما يُفارق الحياة أشخاصًا غالية جدا على قلوبنا أو كانت تعيش وسطنا دون مقدمات، ظانين أن الوقت باكر جدا لفراقهم عنا بالجسد، ولكنه الميعاد. وفوق التوقعات حينما نُفاجأ بشخصٍ يعاني الكثير من الأمراض المزمنة، ظانين أنه سوف يفارق الحياة قريبًا، ولكننا نُفاجأ أنه يعش عمرًا طويلاً.
فوق التوقعات، حينما تجد طفلاً ذو سنواتٍ قليلة من عمرهِ يتحدث معك مثل الكبار تمامًا ويناقشك ويفهم ما تقوله جيدا. وحينما تُفاجأ بمواهب عند أطفال لا تتوفر لديهم الإمكانيات الكثيرة، ولكنك تنبهر بأجمل ما لديهم. فوق التوقعات أولئك الذين يتعرضون للكثير من التنمر في حياتهم سواء لسوء ظروفهم الشخصية وتجاربهم أو لسوء حظهم في وجودهم وسط آباء رافضين لوجودهم، أو للاستخفاف بقدراتهم، ويفاجئونك بنجاحهم بل وتفوقهم في المجتمع وعبقرياتهم فارضين ذلك على الجميع. لذا فهم درسًا حقيقيا يُستفاد منه.
فوق التوقعات، حينما يصبر المرء في أمورٍ لم يكن يتوقع الصبر فيها، أو حينما يتصرف في مواقف مفاجئة له كانت تسبب رعبًا له، ولم يكن يعرف عن نفسه أنه ممكن أن يتصرف فيها بأحسن تصرُف. وفوق التوقعات، حينما يغضب في أوقاتٍ كانت لا تستحق منه الغضب. وفوق التوقعات حينما تُفاجأ بهدية أعجبتك جدا وأصبحت مقربة جدا لقلبك. وهي التي يُصرِّح فيها شخصًا بحبهِ وتقديرهُ لك، أو كراهيته لك. وفوق التوقعات حينما تتفاجأ بمشاكل وتجارب لم تكن متوقعًا أنك سوف تكون جزءًا من أحداثها.
ليس كل ما هو غير متوقع سار، كما أن ليس كله مُحزِن. لأن هذه هي سنّة الحياة. ولكن لا يعني ذلك ألا نجتهد ونسعى في رحلة حياتنا، تاركين المفاجئات على جانبٍ آخر من التفكير لنتعلم منها. فاعلم جيدًا أن لكل حدثٍ ظروفه وتوقعاته ومفاجآته، التي تعود بالفائدة والنفع لنا، مهما كانت جيدة أو سيئة.
