مهما عظمت مهما بلغت و مهما جاهدت .مهما اعتليت ومهما وصلت …فلا عظمة إلا بإذنه ولا بلوغ أهداف إلا بإرادته و لا جهاد إلا بقوته وحوله . فلا تغرنك المناصب ، ولا تعجزك المصائب ، وقل اللهم اجعلني على الأمور صائب ، وإليك ثائب و تحت ظلك مجند و للفساد محارب ،و مع ذلك يصدق قوله تعالى ( قليل من عبادي الشكور….) فالشكور من يعظم نعم الله البسيطة ويعززها لأنها من العزيز الذي أعزك بمنحها لك بلا حول ولا قوه منك… الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي واذن لي بذكره هذه نعم .فالمعافاة وإعادة الروح وتحريك اللسان بذكره فذكر المولى عز وجل بالشكر والحمد وأن لا اله إلا الله ..استشعار وتذكر .. عظمنا وكرمنا وأخلفنا في الأرض وخصنا بالأمانة والعقل والحكمة .
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول الحمد لله تملأ الميزان، هي كلمة بسيطة حقيقة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان وما أعظمها من نعمة، الحمد لله الذي صدق وعده مع عبده ، فالتعظيم نعمة لتكون عظمة اللقاء في جنة الرضوان مع المبشرين والصديقين، فالتعظيم للنعمة هدية ربانية ،اختارك المولى لتكون أهلا لها وتستمتع بها دون اخذ رأيك فيها، دون ان تطلبها و الهدية هي النعم التي بحياتك من جسد وروح من عضلات تتحرك من دم يتجدد ومن أعضاء، لكل منها وظيفة يعجز البشر عن تتمينها أو الزيادة أو النقصان فيها، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة حكم و عبر لن تبلى ولن يغيرها أي زمان. حيت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظم النعمة ويدققها حتى لو كانت صغيرة في أعين الناس. كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نستشعر كل ما به اسم الله وما من الله، على أنه نعمة مهداة، وليس حقا لنا. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اوى إلى فراشه يقول: ( الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له .. )وهذا الدعاء رسالة يريد بها نبينا ان يقول: احمد الله أنك أطعمت وسقيت وهناك من لم يعرف طعم الأكل وما شرب ماء صافيا وقد سلك أميالا ليصل ويشقى لجلبه، يريد أن ينبهنا أن هناك من يبيت بالعراء ،من سلبت أرضه أمام عينيه ولم يعد له مأوى ينعم داخله…فاحمد الله على فراشك وغطائك وسلامة بدنك و راحة بالك هذا الدعاء حكمة عظيمة. يعظم بها ويجلل من منحنا من عطاياه بأمره ما يليق بنا دون غيرنا في الزمان والمكان الذي يرى فيه صلاحنا وراحتنا، دون أن يشاورنا.. وتكرار الدعاء إلحاح والله يحب العبد الملحاح وفي قول سيدنا نوح عليه السلام بعد خروجه من الخلاء وقد كان عبدا شكورا (الحمد لله الذي اذاقني لذته وأبقاني منفعته واذهب عني اذاه .) وهذا سبيل المثال على خلق الطمأنينة للذات الراغبة حيث لا شيء إلا وانتهى عند أول لحظة فقدانه، وما لم تفقده لحظة حياتك لم يعد لك حين تودع الحياة، غير أن الطمأنينة كما قال الفيلسوف الروماني سكستوس إمبيريكوس أنه يمكن الحصول على حالة الطمأنينة (“أتاراكسيا”) أو راحة البال من خلال التوقف عن الحكم على الأشياء
وهذه رسالة ممن له فيها ماليس لغيره وقد يغلب عليك ما قد تتخيله أيها الإنسان حين يحتبس أحدنا يوما أو يومين ، وقد بقيت فضلات ما ناكل دون تصفية؟ تخيل الدور الذي تلعبه الكلى والمعدة والمعي الرقيق والغليظ ..تخيل حين تتوقف هذه الاعضاء عن وظائفها ماذا يحصل لجسمك وإلى أي مآل تصبح؟ لذلك فالشكر على النعم البسيطة يعطي قوة أكبر ويعطي شحنة يستطيع بها الإنسان أن يقول: الحمد لله على أي نعمة و اي ابتلاء. اللهم اجعلنا ممن يستشعرون النعم واكتبنا مع الصديقين والنبيين في جنانك في العليين
استشعر نعم الله و عظمتها فعند فقدانها لن تدرك قيمتها بعد …