لواء دكتور/ سمير فرج يكتب....الرد الأمريكي غير المباشر علي إيران من خلال الاذرع العسكرية
في ضربة لم تستغرق أكثر من 20 دقيقية تم خلالها مهاجمة 85 هدف وإطلاق 125 قذيفة من الطائرات الأمريكية ب1 أحدث أسلحة الجو الأمريكية الإستراتيجية ذات الدقة العالية مستهدفة ثلاث منشات عسكرية في العراق وأربعة في سوريا ،جاء الرد الأمريكي علي الهجوم علي موقع برج 22 الأمريكي الواقع علي الحدود الأردنية السورية العراقية بواسطه طائرة مسيرة من طراز شاهد الإيرانية والذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وأصابة أربعون أخرون جميعهم يحملون الجنسية الأمريكية .
الضربة التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية أستهدفت مواقع كتائب حزب الله والحشد واهل الحق في العراق وعناصر فيلق القدس والعناصر المتحالفة معها في سوريا وكلها الاذرع العسكرية لايران في كلا البلدين .
وقد تم تحديد الأهداف المستهدفة من الضربة الأمريكيه وفقا لمعلومات البنتاجون ، لتشمل العملية استهداف قادة العناصر داخل تلك التنظيمات لتصفيتها في كلا من سوريا والعراق وكذلك العناصر المتمركزة في إيران والتي تقوم بقيادة تلك العناصر ، وكذلك إستهداف مواقع تخزين الصواريخ والاسلحة والذخائر ومواقع الطائرات المسيرة بدون طيار.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة عن قيامها بالتنسيق مع القيادة العراقية وإبلاغها قبل توجية الضربة ، نفت العراق وجود اي تنسيق مسبق بينها وبين القيادة العراقية ، وأعتبرت أن قيام الولايات المتحدة بتوجية ضربة عسكرية ضد هذه الفصائل علي أرضها هو إنتهاك للسيادة العراقية وتهديد لأمنها القومي المباشر ، خاصة وأن الضربة الأمريكية جاءت في توقيت حرج للقيادة السياسية في العراق .
فالعراق ،منذ ثلاث سنوات ،وخاصة منذ صدرو قرار البرلمان العراقي بخروج القوات الأمريكية المتواجدة علي أرضها بعد إنتهاء عملها كقوة تحالف من أجل القضاء علي داعش، تشهد العديد من النقاشات والشد والجذب مع الجانب الأمريكي ،الذي لا يبدو أنه يفكر في ترك العراق في الفترة الحالية ، وقام باللجوء إلي إجراء مباحثات مع الجانب العراقي من أجل تنظيم وجود القوات الأمريكية فقط بالعراق وليس رحيلها كما ينص قرار البرلمان العراقي وهو القرار الذي يلقي قبولا كبيرا من الشعب العراقي .
ولكن الولايات المتحدة تري أن وجود قواتها في العراق وفي المنطقة بشكل عام يمثل أهمية إستراتيجية لتأمين الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط وفي الخليج العربي ، لنسمع في الإعلام الأمريكي عن حديث لمصادر في الخارجية الأمريكية تشير إلي معارضة عدد من السياسيين العراقيين لخروج القوات الأمريكية في الوقت الحالي ، وضرورة استمرار بقائها للحفاظ علي العراق من المد الإيراني ،متخذين من سيناريو حزب الله في لبنان التي أصبحت بلا رئيس جمهورية وبلا رئيس وزراء بسبب حزب الله الذراع الإيراني في لبنان ، نموذجا لما يمكن أن تؤل إليه الأمور في العراق إذا ما تم ترك الساحة مفتوحة للتدخل الإيراني من خلال شيعة العراق .
أما بالنسبة للضربة الأمريكية الموجهة لأذرع إيران في سوريا والعراق فقد جاءت كمحاولة لإحتواء غضب الشعب الأمريكي ، وتحديدا الحزب الجمهوري المعارض لحزب الرئيس بايدن ، والذي طالب بضرورة مهاجمة إيران والقصاص منها لكونها المتسبب في تلك الخسائر ، ولكن ذلك الهجوم المباشر علي إيران يتنافي مع سياسة الرئيس جو بايدن في عدم مهاجمة إيران عسكريا ، خاصة وأنها أعلنت عدم مسئوليتها عن العناصر التي قامت بتنفيذ الهجمة التي استهدفت منطقة البرج 22 ، كما أن رئيس الحرس الثوري الإيراني أعلن أنه في حالة وقوع اي هجوم علي إيران فإنها ستقوم بالرد والدفاع علي أمنها القومي وسلامة أراضيها .
لذلك فقد وجد الرئيس بايدن الحل في مهاجمة الأذرع الإيرانية في سوريا والعراق ، وأعلن أنه لن يقوم بمهاجمة إيران حتي لا تتحول المنطقة بأكملها إلي حرب إقليها ، فبدخول إيران ساحة القتال بشكل مباشر ، ستنضم إليخا كافة أذرعها العسكرية في المنطقة ،خاصة وخاصة حزب الله في لبنان ثم الحوثيين في اليمن ، الأمر الذي قد يؤدي إلي توقع حركة الملاحة تماما في البحر الأحمر من باب المندب ، هذا بالطبع بالإضافة إلي تأثر حركة الملاحة في مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران والمار منه نفط الخليج الذي يمثل 20 % من إجمالي النفط العالمي ، الأمر الذي سيؤدي إلأي المزيد من المتاعب والمشاكل الإقتصادية في العالم .
كل تلك التداعيات لايرغب بايدن في حدوثها خاصة وأمريكا علي مشارف الإنتخابات الرئاسية 2025ولا ترغب في المزيد من الأزمات والمشاكل الإقتصادية ،كما يجب أن لاننسي تراجع مؤشرات الرئيس بايدن أمام منافسه دونالد ترامب في مؤشرات قياس الرأي العام الأمريكي ،لذلك كانت خطوات الرئيس جو بايدن محسوبة للغاية لعدم تورط الولايات المتحدة في قرارات سريعة تؤدي لان يفقد سباق الرئاسة القادم،
وربما ذلك التراجع يكون هو الذي دفع الرئيس جو بايدن لمحاولة بذل جهد كبير لحل مشكلة الحرب في غزة ، من خلال سرعة الوصول إلى تهدئة الأوضاع، ومحاولة إيقاف إطلاق النار للإفراج عن الرهائن المدنيين لدى حماس لمدة طويلة، وأعتقد أن المباحثات الآن تسير في اتجاه جيد وإن مازلت أرى كما قلت في حواري مع صحيفة “الواشنطن بوست” انه يجب أن تزيد مدة إيقاف إطلاق النار لمدة45 يوم، بهدف أن يبدأ شهر رمضان على الشعب الفلسطيني في ظروف أفضل، مع دخول أعداد أكبر من الشاحنات للمواد الإنسانية إلى غزة في الفترة القادمة، على أن يتم إيجاد حل لمشكلة الأونروا، التي حاولت فيها إسرائيل تسديد ضربه خاصة للشعب الفلسطيني سواء في غزة أو في الضفة أو في سوريا أو لبنان.
والأمر الباعث علي الأمل في قضية الحرب علي غزة هو الرؤية الأمريكية لحل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين ، وقد تمثلت تلك الرؤية الأمريكية بشكل واضح في زيارة الخارجية الأمريكي بلينكن للمنطقة والتي قام خلالها بعرض رؤية الولايات المتحدة التي يمكن أن تقوم بالإعتراف بالدولة الفلسطينية بشكلها الحالي كدولة مستقلة منزوعة السلاح وأن تكون عضوا في الأمم المتحدة، وأعتقد أن ذلك سيعطي الشعب الفلسطيني الأمل في أن يجد لنفسه أخيرا حل لهذه المشكلة التي استغرقت أكثر من 70 عاما.
لواء دكتور/ سمير فرج يكتب….الرد الأمريكي غير المباشر علي إيران من خلال الاذرع العسكرية