سمير فرج

لواء دكتور سمير فرج يكتب.. القنبلة العنقودية

 

في مفاجأة غير سارة، قررت الولايات المتحدة، في الأسبوع الماضي، دعم أوكرانيا بالقنبلة العنقودية، المحرمة دولياً، وفقاً لاتفاقية أوسلو، الموقع عليها من 120 دولة، ليس من بينهم أمريكا وروسيا والصين وأوكرانيا وإسرائيل وغيرهم. جاء القرار الأمريكي، بعد فشل الهجوم الأوكراني، الذي بدأ الشهر الماضي، ضد القوات الروسية التي تسيطر، حالياً، عل 20% من الأراضي الأوكرانية

 

والحقيقة أن فشل الهجوم المضاد الأوكراني كان متوقعاً، لأسباب موضوعية، أولها استفادة الروس من شهور الشتاء في إنشاء خطوط دفاعية، قادرة على صد أي هجمة أوكرانية، وثانيها افتقاد أوكرانيا للسيطرة جوية فوق ميدان القتال، فضلاً عن عدم امتلاكها للقوات، والمعدات، الكافية، للتفوق على القوات الروسية، ولم تتريث لحين حصولها على طائرات F16 الأمريكية، ووصول طياريها، في شهر أكتوبر القادم، بعد تدريبهم، لتدعيم الهجوم المضاد، وهو ما دفع أمريكا لدعمها بالقنبلة العنقودية، التي يمكن إطلاقها بالطائرات أو بالمدفعية.

 

توصف تلك القنبلة بأنها مستودع، يحتوي على 3000 قنبلة صغيرة، مزودة بعنصر الزركون، لإشعال الحرائق. يُطلق هذا المستودع على ارتفاع محدد من الأرض، لتندفع بعدها القنابل الصغيرة لتدمير الدبابات، والمدرعات، والرادارات، وكافة المعدات العسكرية. ويمتد الأثر الانفجاري للقنبلة العنقودية الواحدة لمساحة تساوي ملعب كرة قدم، أما ما يتبقى منها دون انفجار، فيتحول لألغام، تهدد حياة المواطنين.

 

سبق لأمريكا استخدام ذلك النوع من القنابل، خلال حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي، وكانت أول دولة تستخدم القنبلة العنقودية، هي ألمانيا، أثناء الحرب العالمية الثانية، وأطلقت عليها، حينئذ، “القنبلة الفراشة”، إلا أنها وقعت، لاحقاً، على اتفاقية حظر استخدامها، وأعلنت عدم تزود أوكرانيا بهذه القنبلة.

 

ولقد أعلن أنطونيو جوتيريش، السكرتير العام للأمم المتحدة رفض استخدام هذا السلاح في الحرب الروسية الأوكرانية، ورغم إعلان الولايات المتحدة التزام أوكرانيا بعدم استخدام تلك القنابل ضد المدنيين، إلا أن معظم منظمات حقوق الإنسان تعترض على استخدام هذه القنبلة في الحرب، ومن بينهم منظمة هيومان رايتس واتش، التي أعلنت مندوبتها رفض المنظمة لاستخدام هذه القنبلة في هذا الحرب.

 

ورغم تباين الآراء، دعونا نسأل عما إذا كان استخدام القنبلة العنقودية سيحقق النصر لأوكرانيا في الهجوم المضاد القادم؟ والإجابة، ببساطة، لا … لأنه رغم كونها عنصراً مساعداً لتنفيذ الهجوم، إلا أنها ليست عنصراً حاسماً لنجاحه. وهكذا ستزيد تلك الأسلحة من فقدان الأمل في توقف الحرب، سريعاً، والوصول إلى اتفاق سلام، ليس بين أوكرانيا وروسيا، فحسب، بل للعالم كله.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى