عاد اسم “داعش خراسان” للظهور، بعد تبنيه للعملية الإرهابية على قاعة الحفلات الموسيقية الموجودة في Crocus City Hall، بالعاصمة الروسية، موسكو، والتي أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى، والجرحى، فضلاً عن تدمير المبنى. ظهر تنظيم داعش خرسان، في أواخر عام 2017، بشرق أفغانستان، مستمداً اسمه من كلمة قديمة، أطلقت على منطقة بين إيران وتركمستان وأفغانستان. سرعان ما ذاع صيت التنظيم، لوحشية عملياته الإرهابية، داخل أفغانستان وخارجها، والتي كان منها تفجير السفارة الروسية في العاصمة الأفغانية، كابول.
إلا أن تفجير قاعة الحفلات الموسيقية، كان مفاجأة من العيار الثقيل؛ فمن ناحية كانت تلك المرة الأولى، التي ينفذ فيها ذلك التنظيم عملية إرهابية داخل روسيا، ومن ناحية أخرى تزامن توقيتها مع نجاح الرئيس الروسي، بوتين، في الانتخابات الرئاسية. وقد أعلن تنظيم داعش خراسان، استهدافه لروسيا، بتلك العملية، لما يراه منها من تواطؤ مستمر في أنشطة تضطهد المسلمين. جدير بالذكر أن التنظيم يضم عدداً من مسلمي آسيا الوسطى، الذين تعرضوا لاضطهادات روسية.
وفور وقوع الحادث، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها حذرت موسكو، منذ فترة، باحتمال وقوع عملية إرهابية على أراضيها، مما أثار العديد من التساؤلات، عن مدى صدق الولايات المتحدة، في ضوء توتر علاقاتها الثنائية مع موسكو، إلا أن الحقيقة، أن جميع دول العالم تتحد، حالياً، في مقاومة العمليات الإرهابية، رغم خلافاتها، وهو ما يدفعها لتبادل الإخطارات، فور ورود أية معلومات أو أنباء عن الإرهاب، من خلال شبكة عالمية موحدة هدفها التصدي للعمليات الإرهابية.
ويبقى السؤال المحير، عن أسباب اختيار توقيت تنفيذ العملية الإرهابية، فور نجاح بوتين في الانتخابات الرئاسية، والذي يبقى دون إجابة، رغم الاجتهادات المُرجحة لأن ذلك العمل الإرهابي ليس موجهاً ضد روسيا، قدر ما هو موجه ضد شخص الرئيس بوتين، لإفساد فرحته بالنجاح في الانتخابات لرئاسة بلاده لست سنوات قادمة، متفوقاً بذلك على الرئيس الأسبق ستالين، في عدد سنوات حكم روسيا.
وهنا اتذكر كلمة الرئيس مبارك، التي وجهها لقادة العالم، داعياً إياهم لمساندة جهود التصدي للإرهاب، قائلاً “انتظروا الإرهاب على أراضيكم في الفترة القادمة، لأنه لن يقتصر على الشرق الأوسط”. وفي ظني أن ذلك الحادث الإرهابي، في موسكو، سيدفع دول العالم للتكاتف وزيادة إجراءات التعاون بينها، في الشهور القادمة، لمكافحة الإرهاب، وللتصدي لعناصر داعش، التي عادت بقوة، وتتخذ من منطقة غرب أفريقيا بؤرة جديدة لها.