ينشر موقع هارموني نيوز مقالا جديدا لـ لواء دكتور سمير فرج بعنوان متى تتوقف الحرب الروسية الأوكرانية، وإلى نص المقال:
فجأة اشتعل الموقف في السودان وأصبح الاعلام يتابع ما يحدث هناك وابتعد الاعلام عن الحرب الروسية الأوكرانية ولم يعد زليسنكي الرئيس الاوكراني يتصدر عناوين الاخبار يوميا لكن هذه الحرب مازالت مشتعلة حتى الان ومازال الكل يتابع اخبارها. حيث أثرت على ارتفاع الأسعار وارتفاع معدل البطالة والتضخم، وارتفاع ديون معظم دول العالم الثالث. لذلك مع دخول هذه الحرب عامها الثاني بدأ العالم يتساءل متى ستتوقف هذه الحرب متى ستعود الحياة إلى طبيعتها وللأسف كان الجميع يتوقع بعد زوال فصل الشتاء أن يظهر على السطح من ينادي كفاية حرب وتعالوا نجنح إلى السلام.
ولقد جاء المقترح الصيني للسلام في هذه الحرب المكون من 12 بند وبالتزامن مع الذكرى الأولى. لبدء الحرب يوم 24 فبراير حيث كان المقترح بعنوان موقف الصين تجاه الحل السياسي للأزمة الأوكرانية حيث يتضمن الاتي:
أولا احترام سيادة كل الدول على أساس انه يجب أن يكون هناك التزام صارم بالقانون الدولي المعترف به، بما يشمل أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ثانيا التخلي عن عقلية الحرب الباردة: أي لا يجب أن يكون ضمان أمن دولة ما على حساب الآخرين. وإن أمن منطقة ما لا يجب أن يتم عبر تعزيز أو توسيع التكتلات العسكرية، ثالثا وقف الأعمال العدائية حيث إن الصراع والحرب لا يفيدان أحدا. وعلى كل الأطراف التحلي بالعقلانية وضبط النفس، رابعا استئناف محادثات السلام يعنى إن الحوار والمفاوضات هما الحل الوحيد القابل للتطبيق للأزمة الأوكرانية. خامسا ضرورة ايجاد حل للأزمة الإنسانية حيث المطلوب دعم جميع التدابير التي تؤدي إلى تخفيف حدة الأزمة الإنسانية وتشجيعها، سادسا حماية المدنيين من خلال تبادل أسرى الحرب وعلى الأطراف المشاركة في الصراع الالتزام بالقانون الدولي الإنساني،
سابعا الحفاظ على سلامة المنشآت النووي حيث تعارض الصين الهجمات المسلحة على محطات الطاقة النووية وغيرها من المنشآت النووية السلمية، ثامنا تقليص الأخطار الاستراتيجية علي اساس عدم استخدام الأسلحة النووية وتجنب خوض حروب نووية، تاسعا تسهيل تصدير الحبوب على أساس إن كل الأطراف بحاجة إلى تنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود الموقعة من طرف روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، عاشرا وقف العقوبات الأحادية الجانب على أساس ان العقوبات الأحادية الجانب والضغوط القصوى لن تحل القضية، إنما هي فقط تخلق مشكلات جديدة. الحادي عشر الحفاظ على استقرار سلاسل الصناعة والتوريد من مطلق ان كل الأطراف يجب ان تحافظ على النظام الاقتصادي العالمي القائم، الثاني عشر ان دعم مرحلة إعادة الإعمار حيث يحتاج فيها المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات لدعم إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب في مناطق النزاع.
وللأسف جاء الرد الأمريكي فور صدور هذا المقترح الصيني بالرفض حيث شكك وزير الخارجية الأمريكي في هذه المقترحات الصينية. وصرح أن الدعوة لوقف إطلاق النار دون انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية يقوي موقف الجانب الروسي. وأضاف وزير الخارجية الأمريكية إذا كانت الصين ملتزمة بوقف الحرب عليها استخدام نفوذها وتأثيرها على روسيا لكي تنسحب من الأراضي الاوكرانية.
وكانت المفاجأة بالتحول الأمريكي ودول حلف الناتو من دعم أوكرانيا بالأسلحة الدفاعية خلال السنة الاولى من الحرب حيث جاء قرار الولايات المتحدة والناتو بدعم أوكرانيا بأسلحة هجومية جديدة مع بدء العام الثاني من الحرب حيث قررت أمريكا إمداد أوكرانيا بصواريخ الباتريوت والدبابات M1A1. أما ألمانيا فقد قررت تزويد أوكرانيا بدبابات ليوبارد 2 وفرنسا بالدبابات AMX وإنجلترا بالدبابات تشالنجر هذه الأنواع الجديدة من الأسلحة الهجومية ستغير شكل أعمال القتال في العام الثاني من الحرب حيث من الممكن أن تعطي هذه الأسلحة الهجومية الجديدة قدرة قتالية عالية للجيش الأوكراني للقيام بهجوم مضاد لاستعادة الأراضي التي فقدتها أوكرانيا والتي تمثل 20 في المئة من مساحة أوكرانيا في مقاطعات لوهانسيك ودونتسيك وذابورجيا وخيرسون.
وعلى الطرف الآخر جاء الجانب الروسي ليعلن هو الاخر عن بدء الهجوم الشامل في الربيع القادم ضد اوكرانيا. بل تطور الامر عندما أعلنت روسيا انها ستقوم بنشر الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا في محاولة بالطبع لتصعيد الأمور الامر الذي يؤكد أن احتمالات توقف هذه الحرب قد أصبحت محدودة. كذلك أعلنت أوكرانيا عن استعدادها للقيام بالهجمات المضادة لاستعادة الأرض خاصة بعد قرار بريطانيا بدعم القوات الأوكرانية بقذائف خارقة للدروع تحتوي على اليورانيوم المنضب والتي لديها القدرة على تدمير الدبابات والطاقم داخل هذه الدبابات الامر الذي سيزيد من مصاعب الوصول الى توقف الفتال والوصول الى تحقيق السلام.
وهناك تساؤل اخر بدأ يظهر في الأفق هل ستقبل روسيا أن تمتد أعمال القتال في الفترة القادمة لعام قادم… هل سيتحمل الاقتصاد الروسي تبعات هذه الحرب خاصة أن الجانب الآخر وهي أوكرانيا تتقبل كل يوم الدعم العسكري والاقتصادي والمادي من الولايات المتحدة ودول حلف الناتو حتى أن البعض بدأ يقول أن الحرب الروسية الأوكرانية هي حرب بالوكالة بين روسيا وأمريكا.
لذلك كانت هناك آراء مختلفة من بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم تؤكد أن روسيا لن تسمح باستمرار هذه الحرب في الفترة القادمة، وأنها قد تقوم باستفزاز أوكرانيا لتنفيذ عمليات في العمق الروسي. تستغلها روسيا للقيام بضربات نووية تكتيكية. لإنهاء هذه الحرب، طبعا هذا القرار سيكون له عواقب وخيمة ضد روسيا إن قامت بمثل هذا النوع من أعمال الهجوم كذلك يتساءل البعض عن دور دول حلف الناتو التي بدأت تشعر أن استمرار هذه الحرب في عامها الثاني سوف يؤثر على أمنها القومي نظرا لأنها دعمت أوكرانيا بأسلحتها من المخزون الاستراتيجي لهذه الدول. كما أن شعوب هذه الدول بدأت تشعر بالضغوط الاقتصادية التي تعاني منها، لذلك فإن دول حلف الناتو سوف تكون عامل مؤثر لاحتمال سرعة إنهاء هذه الحرب في الفترة القادمة.
وبالنسبة للولايات المتحدة فإنها قد بدأت حملاتها الانتخابية الرئاسية مبكرا. وهذا قد يضع الرئيس جو بايدن في موقف يجعله ان يسرع بأنهاء هذه الحرب قبل أن يؤثر الوضع على الاقتصادي الأمريكي وبالتالي تؤثر على وضعه في الحملة الانتخابية.
جاءت المفاجأة العسكرية الأسبوع الماضي عندما قامت طائرتان مسيرتان بمهاجمة الكرملين في قلب موسكو العاصمة لاستهداف الرئيس بوتن ولقد أثار ذلك التصرف الجانب الروسي، الذي أعلن انه سيرد بالأسلوب وفي الوقت المناسب، والان تعمل روسيا حاليا على سرعة الاستلاء على باخموت لذلك مع تطور هذه الأحداث أعتقد أن الأمل مازال ضعيفا في أن نرى قريبا انتهاء هذه الحرب، وعلى الجميع أن يستعد لعام آخر من هذه الحرب وبالتالي مزيدا من التضخم ومزيدا من ارتفاع الأسعار والبطالة والديون لدول العالم الثالث وخاصة بعد عودة الرئيس الصيني من زيارته إلى موسكو والتي لم تأتي بجديد نحو إمكانية تحقيق المقترح الصيني للسلام وعودة الرئيس الفرنسي من زيارته الى الصين بدون أي أفكار حول سلام قادم وجاءت مكالمة الرئيس الصيني للرئيس الاوكراني لكي يظل الموقف كما هو على أي حال فإن هناك ملايين من البشر يدعون في كل صلاة أن تكون هناك من يقنع الأطراف بوقف القتال وتحقيق السلام.