لواء دكتور سمير فرج يكتب..هل أصبح البحر الأحمر منطقة صراع؟
يعد البحر الأحمر أحد أهم ممرات التجارة العالمية، باعتباره الطريق البحري الأسرع والأقصر، وبالتالي الأقل تكلفة، بين آسيا وأوروبا، وذلك عبر باب المندب، حيث أصبح معبراً لجميع السفن التجارية والعسكرية، خاصة ناقلات النفط من دول الخليج إلى أوروبا.
وقد تجلت أهمية البحر الأحمر عقب افتتاح قناة السويس، إذ نسي العالم طريق رأس الرجاء الصالح، لطول مسافته، وما يحفها من مخاطر على الملاحة البحرية. وأمام تلك الأهمية المُطلقة، تكاتفت دول العالم على إبقاء البحر الأحمر خارج دوائر الصراعات العالمية، لضمان استقرار سلاسل الإمداد العالمية.
إلا أن الأمر لم يخل من بعض التهديدات، في العصر الحديث، والتي تزامن أولها، مع الاضطرابات التي شهدتها الصومال، مما أسفر عن ظهور بعض العناصر الإرهابية، التي نفذت عمليات قرصنة ضد السفن والناقلات، عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مهددة سلامة الملاحة العالمية، إلا أنه، على الفور، تشكلت قوات بحرية مشتركة، من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، متخذة من قواعدها في جيبوتي مركزاً للقضاء التام على تلك العناصر الإرهابية الصومالية، ليعود البحر الأحمر آمناً كما كان.
ومرة أخرى، مع توتر الأحداث في اليمن، وسيطرة الحوثيون عليها، أحد الأذرع العسكرية لإيران في منطقة الشرق الأوسط، عاد التهديد للبحر الأحمر، من ناحية مضيق باب المندب، ليبلغ ذروته بتدخل الحوثي، ضد إسرائيل، مع بدء حربها على غزة يوم 7 أكتوبر الماضي، بإطلاق طائرات مسيرة ضد ميناء إيلات، ثم بمهاجمة السفن الإسرائيلية، أو غيرها، المتوجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي، واختطاف سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، وحجزها بميناء الحديدة. بل وأعلنت قيادة الحوثيون في اليمن، صراحة، أن وقف الهجمات مرهون بحدوث تحول إيجابي باتجاه فك الحصار عن غزة، ومهددة بمزيد من الهجمات حال استمرار الحرب.
ومع محاولات القطع البحرية الأمريكية، في البحر الأحمر، اعتراض الصواريخ والمسيرات الحوثية المنطلقة باتجاه ميناء إيلات الإسرائيلي، فقد أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مؤخراً، أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، أمام التهديد الحوثي للبحر الأحمر، والتجارة العالمية، وفي استجابة لدعوته بإنشاء تحالف دولي، للتصدي لهجمات الحوثيين، أعلن وزير الدفاع الأمريكي، عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات، أُطلق عليها اسم “حارس الأزهار”، لحماية التجارة في البحر الأحمر، اعتماداً على القواعد العسكرية لأمريكا، وحلف الناتو، في جيبوتي، كأساس لانطلاق العمليات العسكرية، وهو ما قد تتصدى له إيران لدعم حلفائها الحوثيون.
ومن هذا يتضح أن عدم وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، من شأنه إشعال الموقف في البحر الأحمر، بما لذلك من انعكاسات سياسية، واقتصادية، وأمنية، على العالم برمته.