لواء دكتور سمير فرج يكتب..وثيقة جدار أريحا
نشرت صحيفة نيويورك تايمز عن وجود معلومات مؤكدة بدراية القادة العسكريين، في إسرائيل، بأحداث يوم 7 أكتوبر 2023، وبخطة هجوم حماس على إسرائيل، منذ نحو عام تقريباً، إلا أنهم شككوا في صحة ما وصلهم من معلومات، وتجاهلوها، معتبرين أنه سيناريو غير واقعي. وقد أشارت الأخبار المتداولة أن المخابرات الإسرائيلية “الموساد”، قد أعدت وثيقة عن حماس، في 40 صفحة، أطلقت عليها اسم “جدار أريحا”، تناولت فيها الخطة التفصيلية لعملية حماس، التي وقعت يوم 7 من أكتوبر الماضي.
ورغم أن الأخبار تشير لعدم تحديد وثيقة “جدار أريحا”، بدقة، للتوقيت المحتمل لهجوم حماس، إلا أنها تناولت، بكثير من الدقة، طبيعة الهجوم وأسلوبه، الذي سيستخدم فيه طائرات بدون طيار، لإطلاق صواريخ ضد إسرائيل، فضلاً عن استخدام الطائرات الشراعية، وعربات الجر الرباعي لاقتحام الجدار الفولاذي، الذي يحيط إسرائيل من ناحية غزة، كما حددت أماكن وأهداف تلك الخطة، والتي تشمل تدمير كاميرات المراقبة، على ذلك الجدار.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في مقالها، أن محللة من وحدة الاستخبارات الإسرائيلية، قد حذرت، في شهر يوليو الماضي، من متابعتها لتحركات بين وحدات من منظمة حماس، فسرتها بأنها تدريبات على خطة عبور الجدار، وهو ما رد عليه، حينها، عقيد في الفرقة المسؤولة عن متابعة حماس، في جهاز الأمن الداخلي “شاباك”، بأن تلك الخطة خيالية ولا يصدقها أحد. وأضافت الصحيفة، بأنه لا يمكن الجزم، حتى الآن، بأن تلك المعلومات قد وصلت إلى نتنياهو وحكومته، متابعة أن الإهمال، والفشل، سيلاحق العسكريين بعد انتهاء الحرب الجارية.
ولكن بتحليلي الخاص، أرى أن هذا الخبر غير صحيح، بل ومفبرك من المخابرات الإسرائيلية نفسها، في محاولة يائسة لمحو تهمة التقصير عن نفسها، وإلقاء اللوم، والمسئولية، على متخذي القرار. فمن غير المعقول، أو المعهود، أن تُعد وثيقة بحجم 40 ورقة، تشير إلى تهديد من ذلك النوع، ويتم تجاهلها، من الجهات المعنية بالأمن القومي، والمنوطة باتخاذ إجراءات احترازية، لحين التأكد من صحة، أو نفي، ما ورد بها، خاصة في حالة إسرائيل، التي تدعي باختراق أجهزتها للجانب الفلسطيني، فكان الأولى بها أن تتأكد من حقيقة عملية بذلك الحجم.
وأظن أن “وثيقة جدار أريحا”، التي أعتقد أنها مسربة من المخابرات الإسرائيلية، تشير إلى حالة من الانقسام داخل الكيان الإسرائيلي، بمحاولات قياداته تبادل الاتهامات حول المسئول عن التقصير، الذي أدى لاندلاع حرب، ظهر خلالها وجه إسرائيل الحقيقي، الذي أفقدها التعاطف المحلي والدولي.