كأيِّ أُمٍِ
تعفَّرَ قلبُها بالغياب
أقضمُ الليلَ
قضمةً
قضمةً
لأسترَ نَهَمَ عينيَّ
بملامحهم
لم يكُ يوماً
ملحُ محيطاتهم بلسماً
وملحُ خبزي علقماً
صوتُ أمواجِهم
تسابيحَ
وتنهداتي ثرثرةً
***
أعانقُ كمراتٍ
جافةً
جاحظةً
عانقت وجناتِهم
وأردّدُ بصوت الدمعِ المتساقط
لحنَ الغياب
كنشيدٍ وطني
لأمومتي الضائعةِ
على أعتابِ غربتهم
أنا….
مزقةُ أشواقٍ
اختبأت خلسةً
في حقيبةِ سفرهم
تستنشقُ ثيابَهم
وتعيدُ ترتيبَها
كلما تناثرت.
***
تبحثُ في الذاكرة
عن عرائسِ الزعترِ
النائمةِ
في حقائبِ مدارسهم
كلما
تراقصتْ كالجِنّيّات
تمدُّ لي ألسنتَها
وتحرّكُ
أصابعَها فوق آذانِها
هازئةً بتناقضاتي
***
…. كفاكِ انتظاراً
تلك المسافاتُ
لا تنحني لدمعِكِ
ولا لقلبكِ المغفلِ
فما وراءَ البحارِ
أناشيدُ انتصارٍ
لقواميسِ البعدِ
فما وراء البحار
تنهيدةٌ ممزوجةٌ بالتحدي
وأحاديثُ موجعةٌ
عن جوازاتِ قهرِهم
***
إنسي
أو تناسَيْ
لم يذهبوا
ليعودوا
أنتِ مَنْ مسحَ الغبارَ
عن الطريق
لإنقاذِهم
من غربةِ الوطنِ
أنتِ من قدّمَهمْ للأوطان
بسلوفانٍ مرصّعٍ
بالنجوى
***
أنت
الوحيدةُ
الغريبةُ
بين كلماتٍ منمّقَةٍ
تعبّدينَ الطريقَ إليهم
بوحلِ اليأس
بنظرةِ استرحامٍ
ضاقت بها العيونُ
وتاهت بها القلوبُ
بلهاثٍ
…لهاثٍ
…لهاثٍ
خلفَ ما رميناه
في زمنٍ جميلٍ
***
تبحثين عن أصابعَ
تعلَّقَتْ يوماً
بأطرافِ ثوبِكِ
وتلفحينَ بأنفاسِكِ
أصواتَهمُ المعلقةَ
على جدرانِ عمرِكِ
تهدهدين النومَ
على وسادةٍ خاليةٍ
إلّا مِنْ شهدِ همسِكِ
***
ها أنتِ
تبحثينَ
عن أمومتِكِ
المشردةِ في مطاراتٍ
عصيةٍ على الوصول
وتبتلعينَ السلوى
***
ها أنتِ
أمومةٌ ممزقةٌ
على أرصفةِ الانتظارِ
أمومةٌ
تتحدى الأمومةَ
بالصبرِ
وتسجدُ للغيب
فقد يحملُ
قلبك ..
***
ها…. أنتِ
حروفٌ مبعثرةٌ
يتعثّرُ بها المسافرونَ
كقطعةِ خبزٍ
تُقَبَّلُ
وتوضعُ على جدارِ الزمن
كشيءٍ من البِرِّ
ويبقى الحلمُ الكبيرُ
قطعةَ الجبنةِ
من فمِ الذئابِ ..
ليندا عبد الباقي//سوريا
زر الذهاب إلى الأعلى