– نحتمي من الظلمةِ أحياناً بالفضاء الأزرق لأن الحرفَ بات خيالاً على ضوء الشموع وسطَ هدوءِ الصفحاتِ وعتمة المحيط ..
– فيكتب صديقٌ لنا : ( رحم اللهُ أختَنا الشاعرة فلانة)… فتعلِّقُ شاعرةٌ لها شأنها في الأدب بقولها : جميل ههههه
فكما أنّ هناكَ هويةً للمنشور تنمُّ عن ثقافة كاتبِهِ ، فإنَّ هناك أيضاً هويةً للتعليق تنم عن سخافةِ كاتبِهِ ..
لماذا نعلّقُ للمجاملة فقط ، ودون قراءةٍ المنشور ؟!!
لماذا لا نعطي أيَّ منشورٍ حقَّهُ بالقراءةِ ، ونعلقُ عليه بصدق حتى يبتعدَ الدخلاءُ عن القصيدة واللوحة والمعزوفة ، وتبقى الساحةُ لمن يستحق.،،؟
لن يكون الشاعرُ رائعاً ولا محترماً حين يعلّقُ على نصٍّ سخيفٍ لصورة جميلة ، والعكس تماماً. سيكون حينها مهرِّجاً ثقافياً يعمل على فنِّ التطبيق بحجة الإبداعِ ، وما أكثر المغفلاتِ منهن ، حيث يتحولنَ إلى بالوناتٍ تحملهنَّ الريحُ الى الهاوية ..
– هناك لصوصيةٌ ثقافية :
حيث يسرقُ بعضُهم النصَّ ، وينسبه لنفسه ، ويحصل على إعجاباتٍ وإطراءاتٍ أكثرَ من كاتب النص الحقيقي لأن اللصَّ المحترفَ أكثرُ ذكاءً من المبدع ويعرف كيف يسوّقُ نفسَهُ ..
وهناك لصوصيةٌ من نوعٍ أخطرَ ، حيث يتلصّصُ الأصدقاءُ والمقربون على النص الجميل دون أن يعلّقوا بشيءٍ ، ظناً منهم أنهم يقللون بذلك من شأن الآخرِ بمحاربة الضوء المبهر ولإيصال بعض الحسد والضغينة للمبدع وخوفاً من انتقالِ إبداعِهِ إلى صفحاتهم أو حتى لا يناقضوا أنفسهم بالنميمة عليه يوماً ..
ومنهم أسماءٌ لأشخاصٍ أشهروا أنيابَهم بكل وحشية ، بعد أن حملتهم بشراع الأمل الى ضفة الإبداع ، فعَضُّ اليدِ النظيفةِ يكسرُ النابَ في معركة الحقيقة.
– وهناك فئةٌ في الخمسين وما فوق يلهثون وراء شهادات التكريم ، ودالٍ فخرية وألقابٍ ، كطفل حضانة يستلم تقديراً من معلمٍ جاهلٍ فاسق .
– والأخطر هو أننا أضعنا عصى الظاء ، ونحن نبحث عن الضاد في زحمة الأخطاء اللغوية …
هذا كله يحدث في ساحة السجالات الثقافية ، ولم ندخلْ سجالاتِ الدين والسياسة الأشدِّ خطراً ، سجالاتٍ بالأسلحة البيضاء حتى ينزفَ الحبرُ دماً ..
– ها هي المعاييرُ تنقلبُ في الفضاء الأزرق والقزحيّ ، لنعودَ لعزلتنا رأفةً بأنفسنا ، وحفاظاً على بعض الأصدقاءِ الصدوقين والملاذ الحقيقي لحرفنا من عاصفةِ الخراب.