ليس المقصود عري الجسد أو صلع الشعر، وإنما أعني الرجل الذي تعرت حقيقته فظهر على حقيقته العارية، ليس من الرجال لكن ربما كان ذكرا، هذا ما بدا للوهلة الأولى ذلك الفاتن الوسيم ذو القامة متوسطة الطول إلى الطويل يتسم باللباقة في الكلام والأناقة في الزي، يهتم بكل تفاصيل شكله الخارجي ليبدو في أبهى هيئة، يتجنب الحديث كثيرا ليس عن صلاح او فضيلة لكن كي لا ينفضح أمره، كما يتجنب النظر في عينك إذا نويت الكلام معه، تحب النساء هيئته ورائحته التي تعطر بها من أغلى العطور الفرنسية للرجال، ذقنه ناعمة وشعره طويل مصفف بالواحدة في رسمة كالرخام، حذاؤه الجلد لامع يعكس كل أشكال الإضاءة ويجذبها نحوه…
وما أن اقتربت منه تلك المسكينة منبهرة بشخصيته الكرتونية حتى سقطت في شرك معقد ومهما حاولت بأجنحتها الرقيقة أن تفلت فلا تجد لها مفرا لتكتشف تلك الشخصية النرجسية التي لا تعرف سوى أحادية الرأي مع سطحية التفكير وبعض الغباء الاجتماعي، فهو يستأثر لنفسه بكل أنصبة الحياة من القول والفعل والحق في الحياة ورعونة التصرف وهمجية الحديث بصوت عال واستخدام قوة الثور العضلية للتعبير عن رفضه، وإذا تمنعت أظهر لها من التعاسة والألم ما يجعلها تشعر أن قاتلة لهذا الجرو الرقيق، فهو تلك الشخصية السامة التي تبث سمها في قلب زهرة رقيقة مكانها الطبيعي بين زهور البنفسج والياسمين، فتعود محاولة ارضاء هذا الفرعون فيكيل لها من الاتهامات ما يجعلها تزرف دموع الحسرة سنوات ضوئية من حياتها وسعادتها وتعيش أعمارا من تأنيب الضمير على ذنب ربما لم تقترفه، ولو حاولت أن تناقشه كره الحوار وتعلل بضعف شخصيتها وسطحيتها، وفي وقت تحاول فيه أن تكون الحبيبة الناعمة التي تهب نجمها السينمائي دور البطولة في قصة غرامها الجديدة كمحاولة لاسترضائه تجده مع أنثى أخرى كحيوانين في موسم التزاوج، فتنكشف عورته الروحية وينكشف رأسه الفارغ إلا من شعر الرأس.
