مدحت ثروت يكتب..الشبع والامتلاء
مقال للأديب المصري/ مدحت ثروت
فارق كبير جدا بين الشبع والامتلاء، فالإنسان قد يكون ممتلئ لكنه لا يشعر بالشبع، اما الإنسان الشبعان لا يريد مزيدا حتى لو لم يكن قد امتلئ، وخير دليل على هذا نجد اللصوص يسرقون أموالا طائلة لو امتلك فقير نصفها لأشبعته وأغنته ما بقي من عمره، ومع هذا نجد اللص لا يشبع ويسرق مزيدا بل ويحارب ويقاتل في سبيل إتمام سرقته، ويظل يفكر ويستحدث طرقا جديدة وافكارا مبتكرة السرقة ويطوع التكنولوجيا والتقدم العلمي حتى وصلنا اليوم إلى ما عرف حديثا بالذكاء الاصطناعي لاتمام عمليات السرقات بشكل احترافي ودون ترك اي آثار تدل عليه، أما الإنسان الفقير او محدود او حتى متوسط الدخل والاثرايء أيضا حينما تكون لديه القناعة والشبع الداخلي نجده حتى وإن عثر على كنزا في صحراء فهو يظل يبحث عن صاحبه ويرفض الحصول على مكافأة، والقياس على المثال كثير جدا، فالشبع هو الغنى غنى النفس وشبع العقل والروح، وأما الامتلاء فهو الوصول إلى حد معين من الاكتفاء قد يعقبه الطمع الذي هو ضد القناعة وحب النصيب الأكبر دون مراعاة لقيم ولا مثل عليا ولا حتى لأخلاق أو حتى دين ولا خوف من الله تعالى، ولذلك أعزائي نجد الإنسان الممتلئ دائما في حالة قلق وخوف وتوتر وعصبية؛ فهو يريد الحفاظ على ما امتلكه ويردي المزيد ولا يكفيه ما وصل اليه وفي المقابل يخاف على امتلائه ويخشى طمع الطامعين ودائم البحث في طرق لحماية نفسه وحماية ما يملكه وينزعج من كل الأشياء ويخاف من الناس، لا تجد من يعيش صراعا وحربا ضروس مع ضميره الا من رحم ربي، اما من يشبع فهو يمتلك الشعور بالرضا والقناعة الذين يهبان السعادة وراحة البال وراحة الضمير، متعكم الله بالصحة والسعادة وراحة البال.