مدحت ثروت يكتب..ذاكرة مؤقتة
اللوح الزجاجي بالنافذة الكبيرة مخترق من أشعة الشمس الذهبية، لونه الأزرق يعطي تأثير لون السماء وقت الشروق، ترتسم على الحائط المقابل الصورة المرسومة على الزجاج لعاشقين التقيا على قارعة الحلم امام النهر مداعبا خصلاتها المتطايرة من نسمات الخريف وقت الأصيل، فيما تحدق النظر لعينيه في هيام أخذها عن الوجود، تتحرك الصورة على الحائط بفعل دوران الأرض الذي يحرك الضوء على الزجاج، لم يدرك كل هذا الجمال وهو ملقى على سرير ظلامه، كف بصره لم يمنعه من الشعور بساعات النهار؛ فقد قضى الليل على أمل أن تشرق قبل الشمس بهمسها الرقيق ونعومة صوتها الرخيم، ويداها تعانقان وجهه في عطف وحنو وهي تلقي عليه تحية الصباح مع كلمة حبيبي التي يعشق سماعها منها وحدها، ظل يحرك أطراف اذنيه عله يسمع خطواتها وطرف أنفه ربما يلتقط عطرها دون جدوى، فتح جفنيه في محاولة بائسة منه لرؤيتها ولو لمرة واحدة، وعندما باءت كل محاولته بالفشل توسد صورة التقطها لها قبل أن تتركه وترحل مع حبيبها في دموع نارية افقدته الرؤية لكن ما افقدته الذاكرة.
مدحت ثروت