حملَنا الوجعُ على أجنحةِ الريح،
فانطلقنا إلى حيثُ تُنسى الأقدار،
حيثُ يبتلعُ الصمتُ صدى خطواتِنا،
نبحثُ في مرايا الذاكرةِ
عن وجوهٍ طمرتها غياهبُ الزمن،
عن أمسٍ مرّ كنسمةٍ خافتة،
لكنه تركَ أثرًا لا يمحى
في ثنايا قلوبِنا العطشى،
عن حلمٍ نُقشَ في صميمِ الروح،
وما زالَ يروي ظمأَ الشغف.
همسنا إلى المسافاتِ
علَّها تُصغي لنداءِ الحنينِ
الذي لا يعرفُ حُدودًا،
الذي يُغرقُ الأفقَ بنداءٍ
يبقى رغمَ كلِّ الفناء،
علَّ القلمَ الذي لا يكلُّ
يُخلِّدُ آثارَ خُطواتِنا المبعثرة،
فخططنا على الأوراقِ
نبضَ أرواحٍ تضيءُ ظلماتَ الدروب.
في زوايا الصمتِ
نسجنا من الأماني أشرعةً،
ورسمنا على جدرانِ الليلِ
ضوءًا يُشبه الفجرَ الأول،
يقودُنا إلى مرافئِ الحلمِ البعيد،
حيثُ يتوقفُ الزمنُ
عند عتباتِ الذكرى الأولى.
على شرفاتِ الأملِ
بَنينا قصورًا من خيوطِ الفجر،
حيثُ يعانقُ الحلمُ
نجومَ الليلِ الهادئة،
في محاولةٍ لاستعادةِ
ما ضاع في عتمةِ الليالي.
غنّينا للأفقِ البعيدِ
ألحانًا تترددُ في فضاءاتِ الروح،
وحملنا في صدورِنا
نبضَ الأرضِ الثائر،
كي لا يخبو لهيبُ الحنين،
فظلتْ حكاياتُنا
تُروى على لسانِ الرياح،
وترقصُ فوقَ أصداءِ المدى،
علَّ المسافاتِ تُعيدُنا
إلى حيثُ كنا.