كتبت مريان نعيم
في تقرير أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء جاء فيه تحليلاً عن معدن الكوارتز، وأهم الصناعات التي يدخل فيها، والدول الفاعلة في تصديره واستيراده، بالإضافة إلى التطرق للتجارة الخارجية لمصر فيما يتعلق بمعدن الكوارتز، والجهود المبذولة لاستغلال هذا المعدن.
ووضح أن الكوارتز هو مركب كيميائي، يتكون من ثاني أكسيد السيليكون (SiO2)، مكون من جزء واحد من السيليكون وجزءين من الأكسجين، ويُعد من أكثر المعادن وفرة على سطح الأرض، كما أن خصائصه الفريدة تجعله أحد أكثر الموارد الطبيعية فائدة، فضلًا عن كونه يتشكل في جميع درجات الحرارة، ويوجد بكثرة في الصخور النارية والمتحولة والرسوبية، كما يتميز بأنه مقاوم للعوامل المناخية الميكانيكية والكيميائية، لذا فهو يتوافر في العديد من المناطق، سواء على قمم الجبال أو رمال الشواطئ أو الأنهار أو الصحراء، وتنقسم أنواع الكوارتز إلى قسمين: خشنة التبلور وخفية التبلور.
كما أشار التقرير أن القيمة السوقية لسوق الكوارتز تُقدر بنحو 7.02 مليارات دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 8.62 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2028، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.19٪ خلال الفترة (2023-2028).
وقد أبرز التقرير أن مصر من أكبر دول العالم التي تمتلك مخزونًا ضخمًا من الكوارتز، كما أنه يتميز بنسبة نقائه العالي التي تصل إلى 99.9%، مما يجعله يتمتع بمزايا تنافسية عالية على المستوى العالمي، وتتبنى مصر في الوقت الراهن استراتيجية توطين الصناعة المصرية، التي يتم من خلالها دعم الصناعة المحلية وتنميتها، وفي هذا الإطار حرصت القيادة السياسية على توطين صناعة الكوارتز في مصر، وذلك بدلًا من تصديره كمادة خام. موضحاً أهم الجهود المبذولة لتنمية صناعة الكوارتز في مصر
وذكر أن مصر كانت في البداية تصدر الكوارتز في شكله الأولي كمادة خام دون إجراء أية عمليات تصنيع عليه، ثم استيراده بعد إعادة تصنيعه؛ نظرًا لدخوله في العديد من الصناعات، إلى أن تقرر في عام 2020 إنشاء أكبر مجمع صناعي في إفريقيا والشرق الأوسط لاستغلال هذا المخزون والاستفادة من القيمة المضافة من تصنيع الكوارتز، وفي مايو 2023، تم بالفعل افتتاح مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة في محافظة السويس.
وبناء على التقرير إن مجمع مصانع الكوارتز يتكون من 5 مصانع، مصنع التكسير الأولي لخام الكوارتز بمرسى علم، وذلك لتكسير خام الكوارتز إلى أحجام صغيرة بمقاسات تصل من 3 سم إلى 5 سم، بالإضافة إلى أربعة مصانع أخرى بالعين السخنة، منها مصنع التكسير الرئيس لخام الكوارتز لتكسير الكوارتز إلى حبيبات أصغر، وذلك بعد إجراء عمليات الفصل الضوئي والغسيل، ومصنعين آخرين لطحن خام الكوارتز إلى حبيبات صغيرة للغاية وطبقًا للمواصفات المطلوبة لإدخالها في إنتاج ألواح الكوارتز، ويقوم هذا المشروع على استغلال خامات الكوارتز عالية الجودة من جبال البحر الأحمر، والتي تصل درجة نقائها إلى 99٪ في منجم في مرسى علم. مشيرا إلى أنه تم الأخذ في الاعتبار عند إنشاء المجمع كل الإجراءات التي تضمن الحفاظ على البيئة والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة بالمجمع، حيث تم استخدام الطاقة الكهربائية لتشغيل جميع معدات وخطوط الإنتاج، فيما عدا الغلايات التي تم تشغيلها بالاعتماد على الغاز الطبيعي، فضلًا عن إنشاء محطة تحلية مياه ومحطات إعادة تدوير المياه لتقليل الهدر من المياه. كما تم تشجير المناطق المحيطة بالمجمع للحفاظ على البيئة.
وأشار التقرير إلى أن القيمة الاقتصادية لمجمع مصانع إنتاج الكوارتز تكمن في عدم تصدير الكوارتز بشكله الأولي، والاعتماد على تصنيعه محليًّا للاستفادة من القيمة المضافة، والتي سيترتب عليها العديد من الفوائد الاقتصادية لمصر، نذكر منها ما يلي:
– إيقاف استيراد الكوارتز نتيجة لإنشاء هذا المجمع، وفتح أسواق للتصدير للخارج مما سيعمل على توفير العملة الصعبة.
– تلبية احتياجات السوق المحلية من الكوارتز، والاعتماد عليه في كثير من الصناعات، وتعظيم العائد منه وتحقيق القيمة المضافة وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني.
– توفير فرص عمل، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر في الصناعات التي يدخل الكوارتز في إنتاجها، وبالتالي خفض معدل البطالة.
إلى جانب هذا استعرض التقرير أهم الصناعات التي يدخل الكوارتز فيها وذلك نظرًا لخصائصه الفريدة التي يتميز بها، وأهمها:
– صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات: حيث تُستخدَم بلورات الكوارتز في الإلكترونيات؛ نظرًا لكونها تولد تيارًا على سطحها وذلك في حالة ثنيها أو ضغطها، كما يتم استخدام بلورات الكوارتز لإعطاء تردد دقيق لكل أجهزة الإرسال اللاسلكية، وأجهزة التلفاز والراديو، بالإضافة إلى أجهزة الحاسب الآلي، وأجهزة إرسال (GPS). وترجع هذه الدقة إلى عدم تأثر بلورة الكوارتز بمعظم المذيبات، حيث إنها تبقى متبلورة في ظل درجات الحرارة المرتفعة. كما أن هناك ما يُعرف بـ “البلورات الاصطناعية”، ويتم إنتاجها بشكل مصطنع من خلال إذابة ثنائي السيليكون الخام في محلول ماء قلوي عند درجة حرارة عالية. وتُستخدم هذه البلورات أيضًا في صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات وأيضًا الطاقة الشمسية، والأقراص الضوئية وأدوات الطباعة الحجرية، وغيرها.
– المجوهرات والأحجار الكريمة: يستخدم الكوارتز بشكل شائع للزينة، إذ يتميز بصلابته واللمعان الفائق والبلورة، ومن أمثلة المجوهرات والأحجار التي تستخدم الكوارتز: أحجار السترين، والجمشت، والكوارتز الوردي، والعقيق وغيرها.
– صناعة البترول: ويتم ذلك من خلال عملية تعرف باسم “التكسير الهيدروليكي”، حيث يتم دفع رمال الكوارتز مع الماء ومواد كيميائية أخرى تحت ضغط مرتفع أسفل آبار النفط والغاز، ويؤدي هذا الضغط إلى تكسر صخور الخزان، وإنشاء ممر لتدفق الغاز الطبيعي إلى فتحة البئر.
– صناعة الزجاج: حيث يتم تصنيع الزجاج من خلال مركب كيميائي يعرف باسم ثاني أكسيد السيليكا (SiO2)، ويجب أن يكون هذا المركب على درجة كبيرة من النقاء تصل إلى 99.9%، ويُترك حتى يبرد تمامًا، ويشكل بعد ذلك إلى أي شكل يفضله الصانع. كما تُستخدم بلورات الكوارتز الضوئية في صناعات أخرى مثل: صناعة الليزر، والتلسكوبات، والمجاهر، والأدوات العلمية، وأجهزة الاستشعار الإلكترونية.
– صناعة بوتقات المختبرات: وهي عبارة عن الحاويات التي تُستخدم لحمل المواد الكيميائية عند القيام بإجراء الاختبارات الكيميائية والحرارية، حيث يتمتع الكوارتز بقدرة انصهار عالية وهو خامل كيميائيًّا. هذا بالإضافة إلى مزايا أخرى، مثل: التمدد المنخفض، ومقاومة الصدمات الحرارية، واستقرار الأبعاد.
– صناعة الساعات: تمتاز بلورات الكوارتز بالقدرة على الاهتزاز بترددات دقيقة، مما يساهم في تنظيم حركة الساعة، ويجعلها دقيقة للغاية.
هذا بالإضافة إلى العديد من الصناعات الأخرى، مثل صناعة صب المعادن، وصناعة السيراميك، وأسطح المطابخ، وغيرها.
هذا وقد أكد التقرير على أن الكوارتز يدخل في صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات، بسبب المرونة العالية التي يتمتع بها، والذبذبات الدقيقة التي تُستخدم لإعطاء تردد عالٍ لجميع أجهزة الإرسال، لذا فإنه من المتوقع أن يرتفع الطلب عليه نظرًا لزيادة الطلب على الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر، هذا بالإضافة إلى استخدام بلورة الكوارتز كمذبذب في أجهزة الراديو والساعات ومقاييس الضغط. كما يستخدم كريستال الكوارتز في صنع مرشحات التردد وأدوات التحكم في التردد وأجهزة ضبط الوقت في الدوائر الإلكترونية لمختلف المنتجات. وأنه من المتوقع أن تساهم التقنيات الرقمية، مثل إنترنت الأشياء، وتقنيات الاتصالات الحديثة، مثل الجيل الخامس، في تطوير المنتجات الإلكترونية، وقد ارتفعت إيرادات المنتجات الإلكترونية عالميًّا لتبلغ نحو 3.4 تريليونات دولار أمريكي عام 2022، مقارنة بنحو 3 تريليونات دولار أمريكي عام 2020، كما من المتوقع أن يبلغ نحو 3.5 تريليونات دولار عام 2023.
أما عن حجم صادرات وواردات الكوارتز، وأهم الفاعلين الدوليين البارزين في هذا المجال، فقد أبرز التقرير أنها كما يلي:
– بلغت قيمة صادرات الكوارتز عالميًّا نحو 706 ملايين دولار عام 2022، بمعدل نمو بلغ 2.2% عن العام السابق له. وقد جاءت الصين في مقدمة الدول المصدرة للكوارتز بإجمالي قيمة تبلغ نحو 206.7 ملايين دولار، وهو ما يُمثل نحو 29.3% من إجمالي الصادرات العالمية عام 2022، تلتها الهند بنسبة 13.4%، ثم النرويج بنسبة 12%.
– في المقابل بلغت قيمة واردات الكوارتز عالميًّا نحو 970.8 مليون دولار عام 2022، بمعدل نمو سنوي بلغ 19.5%. وقد جاءت الصين أيضًا في المرتبة الأولى كأكبر الدول المستوردة للكوارتز بقيمة 284.2 مليون دولار، بما يُمثل نحو 29.3% من واردات الكوارتز عالميًّا عام 2022، تليها اليابان بنسبة 11.2%، ثم النرويج بنسبة 7.6%.
مركز معلومات مجلس الوزراء: مصر من أكبر الدول التي تمتلك مخزونًا ضخمًا من الكوارتز بنسبة نقاء 99.9%