من مصر الجديدة الى (وايومنج Wyoming) : ياقلب لاتحزن ..

______________________________
منذ ايام قليله مضت .. سافر ابنى ( مصطفى ) الى الولايات المتحده الامريكيه للدراسه فى جامعة وايو منج Wyoming بمدينه لارامى فى ولاية وايو منج فى اقليم الجبال غرب الولايات المتحده … والتاريخ يعيد نفسه .. فهى نفس الجامعه التى حظيت بمنحه دراسيه فيها عند فجر شبابى .. وبالتالى وجب على ان اشكر رجال الاعمال فى الحزب الوطنى ( المنقضى ) وتحديدا رجل الاعمال المصرى العظيم الراحل محمد نصير .. ولمن لايعرف محمد محمود نصير رجل الاعمال البارز فهو رئيس مجلس إدارة شركة فودافون مصر ( الاسبق ) ورئيس مجموعة ( ألكان ) القابضة ورئيس جمعية رجال الأعمال المصرية البريطانية …..
والمنح الدراسية هي تعهد من جهة أو مؤسسة ( قد تكون حكومية أو خاصة) أو شخص، بتحمل كل أو جزء من تكاليف الدراسة والمعيشة للطالب الحاصل على المنحة طوال مدة الدراسة…
_____________________________
سفر ابنى مصطفى احزننى . ولكن الحق يقال .. كان ولابد من استكمال تعليمه خارج الوطن العربى الذى فى طريقه الى الانهيار التام فى كل شيئ .. لانه وللاسف قد فشلت الامه العربيه فى النهوض والرقى والتحضر .. انهارت منظومة الصحة وانهارت منظومة التعليم .. وانتهت وانعدمت القيم والمبادئ والاخلاقيات والسلوك العام … للاسف الامه العربيه ماتت ( اكلينيكيا ) … انتهت بعد نهاية الحرب العالميه الثانيه فى 2 سبتمبر عام 1945 .. وتحديدا بعد استسلام اليابان فى 14 اغسطس 1945 على ظهر السفينه الحربيه ( ميسورى ) بعد أن وافقت من حيث المبدأ على الاستسلام غير المشروط ………..
بعدها تحركت كل دول العالم نحو التقدم ونحو المستقبل والنهوض والتنميه .. الا الامة العربيه …. التى غرقت تحت اكذوبة ( القوميه العربيه ) ..
____________________________
سفر ابنى دفعنى ذات ليله للجلوس وحيدا فى شرفة منزلى بمصر الجديده .. والتى تطل على حديقة المريلاند بروكسى … جلست اعيد ذكريات الماضى داخل هذا الحى الجميل .. الذى لامثيل له بين كل احياء الجمهوريه .. فهو من اجمل واروع وارقى احياء الجمهوريه واكثر احياء الشرق الاوسط فى روعة مبانيه الرائعة التصميم والتى صمم 80 % منها المعمارى البلجيكى الراحل ( ارنست جاسبر ) الذى صمم قصر هليوبولس او جراند أوتيل (Grand Hotel) .. الذى اصبح فيما بعد قصر الاتحاديه ( رئاسة الجمهوريه ) فى منطقة روكسى .. بتكليف مباشر من مؤسس مصر الجديده الراحل البلجيكى العظيم .. البارون / امبان او إدوارد لويس جوزيف إمبان … وقد كلف ايضا المهندس الفرنسى المبدع العظيم الكسندر مارسيل بتصميم وبناء قصر البارون .. وقد صممه الكسندر مارسيل على طراز العمارة الهندوسية الأوروبية .. وتحديدا استلهمه من معبد( أنكور وات ) في كمبوديا ومعابد ( أوريسا الهندوسية) ..
______________________________
مصر الجديده التى ولدت فيها وعشت فيها وتزوجت فيها .. مصر الجديده التى شهدت رحلة الفشل والنجاح .. الافراح والاحزان .. الضحك والسهر والسمر واللعب والمراهقه …. وفيها تعلمت كل شيئ .. حتى الرياضه والموسيقى … الرياضه حيث بطولتى الاولى فى السباحه فى نادى هليوبوليس .. ومن روائع الحظ الجميل ان الذى سلمنى جائزة الفوز فى مسابقة 400 حره سباحه على مستوى الجمهوريه كان المشير الراحل عبد الغنى الجمصى وزير الحربيه الاسبق ( الدفاع ) – الان – حيث كان رئيس مجلس ادارة النادى .. وكان اعظم من تولى رئاسة النادى منذ أول رئيس مجلس إدارة مصري (نجيب باشا اسكندر) في 24 مارس 1949 وحتى اخرهم ( الان ) وهو السيد / عمرو السنباطى ..
هو نفس النادى الذى شهد اول عزف لى على البيانو فى مسابقه خاصة ( للموسيقى ) وللمواهب الشابه .. وكانت ( فضيحه بجلاجل ) وسببها الموسيقار العظيم الراحل فريد الاطرش … فلقد اعلنت للحضور باننى سأعزف اروع واجمل الحان الموسيقار الراحل فريد الاطرش .. سأعزف لحن اغنيه ( حكاية غرامى ) وقلت لهم انها من اروع الحان فريد الاطرش بل هى اعظم لحن فى العالم ….. وللاسف لم اكن اعرف ان موسيقى اغنية حكاية غرامى .. للاسف الشديد هى معزوفة ( استورياس ) للموسيقار الاسبانى الراحل العظيم اسحاق البينيز ( Isaac Albeniz ) وقد اقتبسها فريد الاطرش ……. ( الله يسامحك يافريد ) ..
_______________________________
قبل الفجر بساعتين تقريبا … اقتحمت وحدتى زوجتى الاعلاميه القديره ( عبير ناحوم ) وابنى الاصغر ( اسلام ) والذى تربطه بزوجتى علاقة قويه جدا .. رغم ان عبير ليست امه .. فهى زوجتى الثانيه .. الا انها من اروع مايتخيله اى انسان فى تعاملاتها .. وطيبة قلبها ورقى وتحضر اسلوبها فى الحياه … وعبير ناحوم هى مصدر سعادتى .. وهى ايضا عاشت فى مصر فترة طويله جدا وعشقت مصر رغم جذورها اللبنانيه الفرنسيه .. وبالمناسبة امها ايضا اعلاميه .. فهى المذيعه الفرنسيه الراحله سيلفى ديستان مديرة مكتب القناه الفرنسيه الثانيه فى لبنان منذ عام 1979 وحتى مارس 2003 ..
اقتحامهما وحدتى .. اسعدنى .. فلم يكن فى الشرفه غيرى انا وكلبى العزيز ( جانرى ) … وقد سبحت فى بحار الذكريات .. وعشت لدقائق انظر الى السماء واتأمل هذا الكون وفى ( عجائب ) الكون اولها عجائب ( البشر ) … وربما كان سؤال اسلام ابنى ( ماالذى تفكر فيه يابوب ) سؤال بالغ الاهميه .. فقلت مبتسما :
هل تصدق يااسلام ان قلت لك .. ان البشريه وللاسف الشديد .. فى عالم اخر .. بعيده كل البعد عن التأمل والتدبر والتفكر والعقلانيه … للاسف ابن الانسان لايعلم شيئا الا القليل القليل القليل … … ماذا لو عرف انه ( ضئيل جدا ) حتى هذا الكوكب الصغير الذى لايشكل اى قيمة بين النجوم والكواكب …
يااسلام يابنى نحن لاشيئ وسط الكواكب والأقمار والكواكب الصغيرة والنجوم والمجرات ومحتويات الفضاء الخارجي بين المجرات .. للاسف لايعرف الانسان انه ضئيل جدا جدا وليس كبيرا الا فى شره وغروره .. و كبير فى سلوكه السيئ .. وفى حقده وحسده وجشعه وطمعه وشراسته … … وجهله .. نعم جهله .. اكررها ( جهله ) .. فما الذى يعرفه غير الحروب والدمار وعشق الدم والتطرف والفساد … اين هو من حقيقة أن الكون بدأ بانفجار عظيم حدث منذ نحو 13.7 مليار سنة. . ان لم يكن 14 مليارا .. ويعتقد العلماء أن مع هذا الانفجار من نقطة صغيرة جدا فقد بدأ الزمن وبدأ المكان أي بدأ الوجود … وبعدها تكونت الجسيمات الأولية من بروتونات ونيوترونات ثم بعدها الإلكترونات. ثم التحمت بعض البروتونات مع النيوترونات وكونت أنوية ذرات الهيدروجين والهيليوم، تلك هي اللبنات الأولية لبناء الكون بالإضافة إلى الإلكترونات، وتكون غازي الهيدروجين بنسبة نحو 75% والهيليوم بنسبة نحو 23 % وقليل جداً جداً من العناصر الأثقل الخفيفة (مثل الليثيوم). تلك هي البداية، ومع الانفجار العظيم يبدأ الزمن.. الزمن الذى ظلمته ولعنته كلمات خرجت من افواه ابن الانسان ( التافه ) الذى لم يشعر ابدا انه ضئيل جدا جدا جدا …
______________________________
هل عرفت الان يابنى .. لماذا كنت دائما اعظك بان لاتغضب ولا تنتقم من خصومك او الذين اساءوا اليك .. كما فعل ابوك مع الذين اساءوا لى ولتاريخى ولسمعتى ولشرفى … ولم انتقم من الذين تنمروا وسخروا منى وانكروا كل ماهو مميز فى حياتى او نجاحاتى او نمط حياتى او اسلوبى او مظهرى الخارجى او ثقافتى … لدرجة انهم انكروا وجودكم انتم يافلذة كبدى .. انكروا مجهودى ورحلتى فى تحصيل العلم والمعرفة ..
عرفت يابنى لماذا كنت اعظك دائما واقول لك لاتشغل بالك بابن الانسان ( الضئيل ) فى الكون .. ولا تفكر فيما قالته العاهرة او الداعر او النمام او الفاشل او الحاقد او الحاسد او الصعلوك … لانهم ( صغار ) وعالمهم صغير جدا جدا .. نحن نعيش فى مكان هو من اصغر مماتتخيل يابنى … هل تصدق يابنى ان العرض الحالي للكون المرئي يبلغ حوالي 90 مليار سنة ضوئية ( الكون المرئى ) فقط فقط فقط (!!) اين نحن يااسلام في هذا الكون الضخم الرهيب ؟ اين نحن فى كون تقاس فيه المسافات بالسنوات الضوئية؟ هل يعلم الكل ان السنة الضوئية تعادل نحو 9.461 تريليونات كيلومتر (.!!) فنحن نعيش ضمن مجرة ( درب التبانة ) التي يتراوح قطرها بين مئة ألف و180 ألف سنة ضوئية(!!) والتي تضم ما بين مئة وأربعمائة مليار نجم .. ونحو مئة مليار كوكب .. ومع ذلك فهي مجرة واحدة في محيطات من المجرات …. بالله عليك يابنى هل تستحق هذه الدنيا الصغيره الاهتمام ؟ هل يستحق هذا الانسان ( الضئيل ) ان نشغل بالنا وتفكيرنا به وبسلوكه … فلتذهب البشريه كلها الى قاع الجحيم ..
اقترب يابنى واسمع معى اخر مقطوعه موسيقيه عزفها الموسيقار الفرنسى الرائع ريتشارد كلايدر مان ( Richard Clayderman ) هل تعلم يابنى اننى تعلمت موسيقى وعزف بيانو من خلال سماعى لمؤلفات هذا الموسيقار المبدع ؟وهل تعلم ان كل مؤلفاتى الادبيه والعلميه والتاريخيه والسياسيه كتبتها على صوت موسيقى هذا الموسيقار الرائع باستثناء مؤلفاتى الدينيه التى كنت اكتبها فى مناخ صامت وهادئ … وبعدها نتواصل تليفونيا مع اخيك لنعرف منه تاثير ابتعاده عن وطنه … اريد ان اعرف هل بالفعل تصلح له عباره ( من مصر الجديده الى وايو منج .. ياقلب لاتحزن ) .. ام اننى سأعيش حتى اسمعه وهو يروى لى سيرته الذاتيه من اول ( فجر الشباب .. ) وحتى ( غروب الذكريات )
واتمنى لك انت ايضا ان تصبح سياسيا مثل ابوك الذى افنى كل سنوات عمره فى السياسه .. هل تعلم يابنى اننى كنت امارس السياسه عندما كنت تقريبا فى مثل عمرك الان .. حيث كنت من طلائع الحزب الوطنى وقت ان كان مسموحا للطلبه الصغار الانضمام الى الحزب .. والمفاجأه ان عرفت يابنى اننى كنت من المقربين جدا الى …………………

(نستكمل غدا)