ندى فنري تكتب..هل تحب وطنك ؟
يتخذ الوطن عند الإنسان الملاذ الأمن …. فتاريخه و طفولته ، و ذكرياته ، و مشاعره تتجلى في هذه البقعة الأرضية ، التي ارتبط بها الإنسان ارتباطاً عاطفيا وجدانيا .يعد الوطن مسقط الرأس، فهو مكان ولادة ونشأة وترعرع كل إنسان .فيه كانت مرحلة الطفولة، والشباب. يوجد فيه الأهل والأحبة والجيران والأصدقاء .يعد موطن الذكريات التي لا يمكن نسيانها. يعد ساحة الحياة التي انغرست بالآمال والطموحات. حب الوطن غريزة فطرية يشترك فيها الإنسان مع غيره، فيألف أرضه ولو كانت قفراً مستوحشا ، ويستريح إلى البقاء فيه على علاته، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجم ، ويغضب له إذا انتقص . حب الوطن، دليل بقاء هوية الإنسان ونسبه، وكان من أصرح أدلة على هذا حب النبي صلى الله عليه وسلم لمكة المكرمة، ثم دعوته بأن تحبب إليه …فمكة قد ثبت حب النبي صلى الله عليه وسلم لها، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك.
و قال صلى الله عليه وسلم ( والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت )
عبر الشعراء عن حبهم و إنتمائهم لأرضهم .إن الشعر ومنذ نشأته كان ولا يزال منبراً إعلامياً يتأثر مع كلّ مستجد يمرّ بقبيلة الشاعر ووطنه، فيفرح لفرحها ويتغنى بأمجادها ويفخر ببطولاتها وانتصاراتها، ويحمسها وقت الحرب ويشد من أزرها ويحزن لانتكاساتها، ولأن الشعر خفيف على السمع والحفظ فكان وسيلة لنقل تراث وثقافة حتى يومنا .لا ينظر الشعراء إلى الوطن من زاوية واحدة، فلا حدود لديهم لمعاني الوطن، وهم بارعون في تلوين الوطن بألوان الطَّيف ،وإضفاء البهجة والحُبّ على جميع تفاصيله، ما يجعل الصحراء كرنفالاً من ألوان.جبال الوطن وماؤه وترابه ونخيله، أطفاله وصباياه .. وكل شيء فيه يعبر الشاعر عن الوطن .
الشاعر أحمد شوقي يعتبر من أجمل الشعراء الذين تغنوا بحب الوطن في العديد من الأبيات الشعرية، وله العديد من الأبيات الشعرية المختلفة، والتي تحمل أجمل الكلمات والجماليات المختلفة، ومن أجمل شعر لأحمد شوقي عن حب الوطن الآتي:
ويا وطني لقيتكَ بعد يأسٍ
كأني قد لقيتُ بك الشبابا
وكل مسافرٍ سيؤوبُ يومًا
إِذا رزقَ السلامة والإِيابا
كأنَّ القلبَ بعدَهُمُ غريبٌ
إِذا عادَتْه ذكرى الأهلِ ذابا
ولا يبنيكَ عن خُلُقِ الليالي كمن فقد الأحبةَ والصِّحاباو كان الشاعر إذا ما ابتعد عن وطنه ذرف شوقا وحنينا فياضا لا ينقطع، كارتباط استثنائي وعلاقة انتماء روحية كطفل يستجدي أمه ، وكان ينسج القصائد ويغزلها كولهان ينتظر محبوبته، ونجد هنا كيف بكى الشاعر الأندلسي ابن الأبار القضاعي وطنَه بقصيدة أكثر فيها من التأوُّهِ, ومن ترويع الفراق، ومن عبرات البعد يقول:
أَبَيْنٌ واشتياقٌ وارتياعُ؟
لقد حُمِّلتَ ما لا يُستَطاعُ
تملّكني الهوى فأطعتُ قسراً
ألاَ إنّ الهوى ملِكٌ مطاعٌ
وروَّعني الفراقُ على احتمالي
ومَن ذا بالتفرُّق لا يُراعُ؟
وليس هوى الأحبة غَير عِلقٍ
لديَّ فلا يُعارُ ولا يُباعُ
فَلِلعبَراتِ بَعدهمُ انحدارٌ
وللزفَرَات إثرَهُمُ ارتفاعُ
نأَوْا حقاً ولا أدري أيُقضَى
تلاقٍ؟ أو يُباح لنا اجتماعُ؟