هرول أحمد مع مازن مسرعين من المنزل لُج تلحقهم وهي تبكي سقطت من أعلى السلالم، فعاد لها احمد يُربط على كتفها وأمسك يدها وخرجوا، نظر أحمد للمنزل بعدما ابتعد فهو ذو أربعة طوابق مظلمة وبدأ ثُعبان أسود طويل بالاتفاف حول المنزل.استيقظ مازن من على سريره بعدما راوده حلم مسك هاتفه وبدأ في حكي الحلم على صديقه ” كُنت في غرفة متوسطة إلى حد ما ألوانها باهتة لا يوجد بها أثاث ، توجد سجادة مُذرقشة ولكنها بسيطة كانت مثل بُساط جدتي، تجلس امرأة تُحضر الملكة نائلة كانت غريبة وترتدي مثلها ثيابا خضراء ظهرت نائلة كما في حالتها خرجت المرأة وأحضرت فتاة ذات ستة أعوام، فتاة جميلة، خضراء العينين وشعرها مُموج لونه أسود كالفحم ، طولها لا يتخطى رُكبَتَي لمست نائلة على وجهها فحضرت بتول نعم بتول وظلت واقفة بجانب لُج مُرتبطة معها أينما ذهبت، لا أدري ما هذا أيُمكن أن تكون نائلة تُمِد العون لأحمد ولُج؟ .لا أعلم أظن أن الموقف قد خرج عن سيطرة عقلي إن بتول حقًٌا كانت تحمي لج كان همها هو عدم المساس بها هل تظن أن نائلة حضرت لتحمي لج؟ملكة ملوك العالم السفلي وابنة إبليس بنفسها تحضر لتحمي فتاة ؟
لابد من معرفة ما الذي يحدث
في صباح اليوم الثاني انتقل مازن للج، لج أهلًا وسهلا لقد رأيت ليلة أمس حلما لا أعرف له تفسيرا ولكن أخال أن تفسيره بحوزتك، قص عليها ما حدث بتعابير مُشبعة بالتساؤلات يتمنى أن يلتقط منها أي شيء، نظرت له لج وهي تحاول أن تستعيد ما حدث قبل أعوام كُثر والدتي أخبرتني أن اسمي منسوب لملكة ولكن لم تُخبرني من فأصدقائي لا يحبون اسمي ويضحكون عليه، وعندما كنت صغيرة كنت ألعب بالرمال التي في شارعنا كان هناك ثُعبان كبير كاد أن يلدغني فما لبث أن وجدته ميتا وقد انتشرت أشلاؤه في كل مكان ، هرولت مُسرعة لأمي لأخبرها فسمعت صوتا يقول لي ” لا تخافي لن يؤذيكِ أحد من هؤلاء الحمقى مرة أخرى” ومنذ ذلك اليوم وأنا أسمعها تُحدثني ولكن لا أعلم من هي وعند سؤال أمي لا تُخبرني تقول عندما تُخبرنا سأُعلمكِ.
نظرت مازن إليها باستنكار : لما لم تُحاولي ولو مرة واحدة أن تبحثي عن الوضع تسألي صديقاتك أحد أقاربك أي شيء؟
– لما تنظر إلى هكذا يا مازن أنا أثق بأمي وهي لا تكذب.
– حقًّا نحن فخورون بكِ.
– لم تسخر مني هكذا؟
– لأنك غريبة ، وهل أحمد له علم بكل هذا؟
– لا لم يُصادف أن أُخبره عن تلك الأشياء.
– سأخبره أنا إذًّا، سأرى ما الذي سأفعله وأتحدث معك فيما بعد.
– تمام، إلى اللقاء.
ذهبت لُجّ لوالدتها.
– أُمي، هل يُمكننا الآن أن نتناقش عن الأصوات التي تُحدثني؟
– لُج! مازلت صغيرة يا حبيبتي.
– لج بضجر أمي أنا لست صغيرة وأنا أريد أن أعرف من التي تحميني؟!
تركت والدة لُج ما بيدها وذهبت خارج حجرة الطعام رادفة ، لُج اتبعيني.
دلفت لُج للغرفة فوجدتها على غير عادتها ساخنة ورائحتها مُشبعة “بالمستكة ” تلذذت لُجّ بالرائحة فتلك ليس المرة الأولى التي تتغلغل بين خياشيمها ولكنها المرة الأولى التي تكون بمثل هذه القوة ، وكأنها هنا.
بدأت الملكة نائلة تتشكل بعدما دلفت الأم للغرفة فقد أمرت لج بالتوجه لغرفتها قبلها، عادت لج عدة خطوات إلى الخلف وتذكرت شكل نائلة عندما تشكلت في منزل مريم جميلة ومُبهرة شعرها يتراقص خلفها بانسيابية ، ردائها الأخضر آخِاذ تستحق أن تكون جميلة الجميلات حقًّا ، بدأت والدتها بالتحدث: ملكتي نائلة مر على رؤيتك الكثير من الوقت .
– أجل، لكن صغيرتك لا.
– كيف رأتكِ؟
بدأت نائلة تَقُص على لُجً.
• بعد انتهاء الغداء•
قامت فِكرة بتجميع الأواني من أعلى السفرة بعدما تناولت الغداء هي وزوجها زين، بدأت تُغني وتتمايل، شعرها يجري ليُلاحقها، تطير في الهواء كفراشة خرجت من للتو من الشرنقة ، نظر إليها زين بلُطف ثَم قال: رويدًا يا جميلتي حتى لا تتأذى صغيرتنا.
– لا أستطيع الانتظار أود أن أراها بسرعة لا أقدر أن أحتمل ثلاثة أشهر بعد.
– انتظري قليلًا، قليلًا فقط، ومن ثم قبل جبينها وبدأ بمساعدتها.
– هل لازالت تُفكر فيما أخبرتك؟
– فِكرتي لا هذا لن يحدث.
– ولم لا هي فقط ستكون حارسا لها لا تقلق.
– فِكرة لا.
عَبست فِكرة منه وذهبت لغرفتها للخلود إلى النوم .
*الساعة الثانية بعد مُنتصف الليل*
استيقظت فِكرة ودلفت إلى الخلاء أحضرت أغراضها – كما فعلت مريم عند تحضير نائلة- ولم يحدث شيء غريب ففِكرة كانت متمكنة وقرأت الطلسم بقوة وربطت نائلة بالعهد لحماية صغيرتها.
ولدت الفتاة في شهرها السابع وسميت لُجّ نسبة للبحر فاسم لُجّ يعني شدة ظُلمة الماء وسواده، وأرادت أن تُسمي الفتاة بذلك الاسم نسبة لها “ملكة البحور”.
وفي يوم من الأيام عندما أتمت لُجّ عامها العاشر، ذهبت هي ووالدتها ووالدها لمركب في مدينة “العين السخنة ” لقضاء إجازة الصيف ، رأت لُجّ فيه كُل خيرات البحر، الأسماك كانت تأتي على مركبهم وكأنها تعرف وجهتها، هي تُريد أن تُريهم زينتها، غاصت لُجّ في المياه ، نظرت من الأسفل للمركب،مركب بيضاء كبيرة نسبيًّا لا شك أنها استْؤجرت بالكثير من الأموال، وفي حركة مُباغتة وجدت كائنا غريبا يسحبها إلى القاع بدأت تصرخ حتى أُخرجت جميع أنفاسها فرئتاها الآن تستغيث تريد الهواء، تريد الأكسجين، تريد والدتها، تبكي ودموعها أشد ملوحة من البحر، غابت عن الوعي وهي ترى والدتها تُلاعبها، والصورة بدأت تتلاشى حتى رأت والدها يمد يده نحوها ليحاول جذبها وأغمضت عيناها.
استيقظت لُجٌ وهي في مدينة غريبة بها أسماك ولكنها كالمركب يمتطيها حوريات بحر لهن ذيل والنساء لديهن شعر جميل ولكن وجههوهن قبيحة ، المدينة كالقصر الكبير كأنني ذهبت إلى قصور الرومان، نظرت خلفي لأجد كاركان، ألم يقولوا أنك انقرضت لم أنت هنا الآن؟
حاولت أن أجري مُبتعدة عنه ولكن لم أستطع فقد أمسك قدمي بيديه أو قدمه لا أعلم فهؤلاء الثمانية ملعونين التفوا حولي كأني فريسة ، أنا بالفعل فريسة ، جاء المجالدون، سمكة قرش كبيرة أكبر من الكراكان التقم رأس الأخطبوط انتشر حبره الأسود في كل مكان ويده سقطت بي أرضًّا أبعدت يده مُسرعة عني أنا لا أفهم ما الذي حدث ، انتهى الحبر ولم يتبق من الكراكان سوي ذراعه التي سقطت بي وذهب القرش، بعدها ظهرت مجموعة من السلاحف الجميلة
بدأت بالتمختر فوقي وكأنها تُخبرني عَبقِ الحياة سيزول لا تقلقي، كدت أخرج من مخبئي ولكني رأيت جيش من الحور، معه حربه ورماح أهذه حرب؟ نظرت خلفي بعدما شعرت بشخص ما ينظر لي، لأجد فتاة جميلة ترتدي ثياب خضراء، شعرها ساحر هي مُختلفة عنهم، عن هؤلاء الوحوش، ذهبت إليها ولكن بترقب نظرت لي وابتسمت وقالت تقدمي يا لُجّ لا تخافي، ذهبت إليها فهي تعرف اسمي قالت لي ” لُجّ يا صغيرتي سأكون حارستك حتى مماتك وسأكون مع من تكوني وضد من تكرهي، وستكون بتول قرينك بعد الآن فقرينك قد قُتل لا تخافي يا صغيرة ما دُمنا هُنا” نظرت لبتول فهي لا تقل جمالًّا عنها، جاء أحد الحور وقال لها سيدتي ماجلدون عائد هل تريدين الاشتباك أم نرحل؟
أخبرته أنها سترحل وذهبت، وعند ذهابها أمسك الحور حربته وضربني خلف رأسي فسقطت.
وبعدها عُدت لأمي ولم تتدخل نائلة في حياتي مرة أخرى.
ولكن لم ذهبت لأحمد أأخبرتيه أنك ستكونين عونًّا له؟
لأنه يُحبك وأنتِ تُحبيه لذلك فهو مسئول مني كما أنتِ.
إذا أنتِ من قتلت القسيس عندما كان في الغرفة ؟
وأنا من دفع القارب بعيدًّا عن طريقكم.
قالت لُجّ وهي تتوسل لوالدتها أمي فُكي وثاقها اتركيها تذهب لعالمها سالمة لا تضرنا ولا نضرها.
قالت فِكرة: ولكن يا ابنتي هي تحميكِ منهم.
مِمَن يا أُمي؟
من الغيلان.
من وهم الغيلان؟
أفراد من الجن قد قتل والدك واحدا منهم وهو مُتشكل على هيئة ثُعبان حتى يحمينا كنا نظن أنه ثُعبان ولكنه لم يكن.
والآن ما الذي يتوجب علي فعله؟
لا تقلقي فقد فهمت الآن ما تريدين أن تفهميه اذهبي لأحمد واخبريه عما حدث وإياك أن تذكري له شيئًّا عن نائلة أو أنها تحميكِ.
لا أُصدق أن أُمي تُفكر بمثل هذا المنطق أنا لا أُريد حاميا لا أريد شيئا إن الله موكِل لي ملك يحميني وتأتين أنت بفكرة تحميني؟ مَمن؟ ألم تعلمي أنهم جميعهم مخلوقات لله؟ بأقل كلمة يموتون جميعًّا! عجبًا يا أُمي تَبعديني عن حفرة لتُقعي بي في خندق أعمق، أشهد ألا إله إلا الله وأن مُحمدًّا عبده ورسوله.
بدأت نائلة بالصراخ وعيناها يخرج منها الشرر ، فوجدت شخصًّا يقف أمامهم يقرأ بعض الكلمات الغريبة الغير مفهومة بهذه الهمهمة صوت أكبال تنفك وأصفاد تُكسر، انطلقت نائلة مُسرعة وقطعت عُنق لُجّ.
دِماء مُتناثرة في كل مكان، صرخات والدة لُجّ ترتفع، هرولت وهي تبكي لابنتها بدأت تلطم خديها، تصرخ بلا سكوت وهي ترى فتاتها الصغيرة أمامها مذبوحة العنق ، كنت تريدين حمايتها من شيء والآن هو من قتلها!
بدأت تقف وترتمي على الأرض لا تستطيع حراكا ، تحدثت مع زوجها تصرخ في وجهه وهو لا يدري شيء دَلف للمنزل بعد يوم شاق يقول: أين لُجّ حبيبتي؛ أين صغيرتي، نظرت له فِكرة بأعين حمراء كالدم لُجّ ماتت لم يعد لدينا فتاة فلذة كبدي قد ماتت وسقطت أرضًا حاول أن يقوم بإفاقتها ولكن قد لحقت بفتاتها، جُن بعد موت أحبته وتم حجزه في مشفى الأمراض العقلية، انتقل أحمد لمنزل لُجّ بعدما اشتراه من صاحب المنزل وجلس به وظل في المنزل بلا طعام ولا شراب حتى توفاه الله.