هناء الفضيلي تكتب..في محراب الموت والعزاء
مرت بنا أيام تحمل الموت؛ معها نخرج من عزاء لندخل عزاءً اخر. هذا حبيب.، هذا قريب وهذا صديق وهذا جار وكلهم في مواطن العزاء .نجد ما يلفت الانتباه كان للموت هيبة ووقار واحترام ودموع المعزين تشاطر الحزن أصحاب العزاء كان سابقا عندما يموت لنا جار نطفئ التلفاز والمذياع لكي لا نفرح وجارنا حزين كان هناك احترام للموت وهو أمر جليل وجلل نزل بهم كانت الجارات من النساء لا يجلسن في العزاء فكل واحدة منهن لها مهمة من تمسك النظافة ومن تمسك المطبخ ومن تمسك الغسيل وإن كان هناك أطفال فالجارة تأخذهم عندها بالبيت لكي لا يروعوا من البكاء ولايرو الحزن ويشغلوا الأمهات في كثرة الاسئلة وفتح الجراح . ولأن الموت له احترام فالكل هناك يعلوا وجهه الصفار والخوف ولا يتملكهم الجزع أو الصراخ فهم على يقين أن للموت هيبة ووقار وهو انتقال من حال إلى حال ولأن الإيمان يغمر القلوب فهم على يقين أن الميت له جزاء وحساب وعقاب من رب العباد فهم يشغلون العزاء بكثرة الدعاء والاستغفار له وأن ينزل السكينة على أهله أما الرجال فهم على نفس الحال ولكن يختلفون عن النساء فهم يهتمون لأمر المؤنة والعون لأهل الميت ومن يتكفل بهم بعد العزاء والكل يشارك في الحوار والكل يفتح الله له باب ليكون عونا لجاره .إن كان المتوفى رب الدار ولكي لا يشعر أهل البيت بالعوز والحاجه فتقسم الأرزاق على الجيران كلن حسب قدرته واستطاعته حتى يكبر الصغار ويكون في مصاف الرجال أما الأن؛ فما أن ادخل عزاء إلا واسمع الضحكات تتعالى بين الحاضرات وفي مجالس الرجال تعقد الصفقات وتدور الأعمال من يبحث عن مصلحه أو له حاجة يكون في ذلك العزاء لأن من بيده الأمر هناك والأمر كله لله فتغير حالنا وحال الموت عندنا فذهبت هيبته والوقار فلا نخاف منه اليوم ليس لأننا لا نعلم ما بعد الموت ولكن من مات نفذ رصيده في قلوب البشر وانتهت المصالح ولا يبقى للعبرة مجال أو للعظة ومن أهل الميت من تراه يردد استراح وأراح وكأنه هم وثقل على الأكتاف أسقط عنهم فرتاحوا من هم وعناء وشقاء نرى ذلك في كل الفئات لا من صغير لم يبلغ الحلم مات ولامن شيخ كبير لا من طفل هز الشوق قلب الأم مات ولا من شباب يملؤ الدنيا حياة. أصبح اليوم يابسا تحت التراب الكل يضحك في العزاء فقد ذهبت هيبة الموت والميت لا عزاء له أن لم يقدم لحياة بعد الحياة والأحياء نسوا أنهم في يوم ما سيكون لهم نفس المال وكفى بالموت واعظا، أصبحت عبارة جوفاء فلا عضة في الموت ولا عزاء .