جلست سعاد تحسب ما معها من نقود بعدما تمكنت من أن تبيع كل بضاعتها التي وقفت تبيعها بالقرب من مجمع مدارس في مدينتها طنطا ولما فرغت من خصم ثمن البضاعة كما حسبها لها تاجر الجملة واضافت عليها مصاريف ذهابها وعودتها من سوق الجملة وكذلك مصاريف ذهابها من منزلها إلى مكانها بالقرب من مجمع المدارس تيقنت انها تحتاج الى مزيد من رفع سعر ما تبيعه من اقلام واوراق فلوسكاب وملفات وايضا اقلام الوان و أقلام رصاص حتى يكون العائد مجزيا.
اختمرت الفكرة في ذهنها وقررت ان ترفع الأسعار واقنعت نفسها أن ليس في هذا اي مبالغة بسبب ان الازسعار زادت عليها كما زادت علي تاجر الجملة وانها بهذا الشكل ستظل في مكانها ولن تتمكن من توسيع قاعدة عملائها من الطلاب لأنها لا تشتري كل طلباتهم وانها بالكاد تنهي كل اسبوع وتكون قد استطاعت بيع كل ما أتت به من تاجر الجملة .لقد رفضت سعاد ان تتبع نظام الشراء بالآجل والبيع الآجل لأن هذا النظام سيجعلها تمضي وقتا طويلا في تحصيل اموالها بسبب مماطلة البعض وايضا ضيق ذات اليد للبعض الآخر وهي تعرف جيدا ان الشراء بالآجل من تاجر الجملة يصاحبه فائدة يجب عليها تسديدها بالإضافة إلى الثمن الفعلي للبضاعة وحتى إذا ما تمكنت احيانا من الشراء على النوتة فانها تخاف ان تتعرض بعض ما تبيعه من بضاعة الى التلف بسبب امطار الشتاء فلن تتمكن من اعادته لتاجر الجملة وليس من المنطقي أن تدفع هي ثمنه الاصلي من رأسمالها وتدفع الفائدة المستحقة بخلاف عدم تحقيق اي مكسب. اختارت سعاد أن تحدد ما يريده الطلاب وفقا لطلباتهم وتذهب إلى تاجر الجملة لتشتريه وتأتي به إلى الطلاب وتأخذ هي مكسبها مباشرة ووجدت في ذلك فرصة لتقليل المخاطرة من جهة وفرصة أن تجرب بعض البضاعة الجديدة التي يمكن ان تجذب انتباه بعض الطلاب الأثرياء وتجعلهم متميزين عن غيرهم وبالفعل ركزت مع الطلاب فيما يهتمون حينما أتت ببعض الأدوات المكتبية الجديدة والغالية منذ فترة كانت سها تتابع سعاد من بعيد وترى في عملها فرصة مناسبة لها لتعرف كيف تتعامل مع احتياجات الطلاب في الشارع الخلفي الذي تكثر فيه مدارس البنين والبنات ولم تكن سعاد تعلم بمتابعة سها لها وكيف انها تترصدها وتريد أن تجعلها تتوقف عن البيع لهؤلاء الطلاب وظهرت سها مرات امام سعاد وتعاملت معها واشترت منها بعض الادوات مدعية أنها تأتي بمثل هذه الأشياء إلى أبناء أخيها الذين هم في المرحلة الإعدادية. لم تقتنع سعاد بكلام سها خاصة ان سها تشتري بعض الادوات المكتبية الغالية الثمن ومنظرها لايعكس هذة الامكانيات المادية ولكنها تركت الوقت يحكم على أفكارها وظلت سعاد تحلم بزيادة عدد ما تبيعه من أدوات إلى أن أتى اليها رجلا يبدو عليه أنه متقدم في العمر وكان ظهره منحنيا بعض الشيء واعتاد أن يبادلها التحية أحيانا في الصباح الباكر واحيانا اخري وقت خروج الطلاب من المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي ووجد في سعاد انسانة طموحة ومجتهدة وصبورة تحتمل ما تواجهه احيانا من المناقشة في السعر من بعض الطلاب ورغبتهم في تخفيض السعر وتقسيطه. إلى أن في يوم من الأيام سمعها تحكي لعم سيد بائع الشاي عن حلمها في زيادة ما تعرضه من منتجات وكيف أنه يعوزها الكثير من المال لتتمكن من ذلك وأنها لا تزال تطلب من الله أن يمكنها من ذلك وأنها تخطط لتأجير محل صغير تخزن في ما تبيعه. سمعها هذا الرجل الكهل وفرح جدا انه وجد أخيرا من يحتاج إلى المساعدة المالية التي كان قد خصصها لمساعدة الراغبين في تنمية مواردهم المالية بدون مبالغة في الأسعار ولا تقديم بضاعة غير جيدة .ظل هذا الرجل يناقشها أن تضاعف الأسعار أو ان تأتي ببضاعة ليست جيدة وحاول أن يقنعها بأن تدعي أمام الطلاب المشترين ان هذا هو السوق وانها بهذا ستحقق حلمها سريعا ولكنها رفضت رفضا باتا فما كان منه إلا أنه زارها في أحد الأيام وقصد أن يسقط منه مبلغا ماليا ما يقرب من الفين من الجنيهات وتركها ومشي وتيقن أنها لاتعرف بانه هو من اسقطه ونظر إليها من بعيد حتي انها اكتشفت أن هناك مبلغا من المال وجدته بالقرب من كرسيها وتابع تعبيرات وجهها وكيف انها تحلم بمضاعفة نشاطها وأنها وجدت المبلغ ولكن لاتعرف صاحبه. ظل لمدة اسبوع يتابعها من بعيد مرات ومرات إلى أن مر اسبوع وتجارتها كما هي بدون ان تستغل هذا المبلغ المالي
مرت عدة أسابيع وهو لا يزورها ولكنه يتابعها من بعيد من شرفة غرفته في الدور الثالث في احدى البنايات القريبة من مجمع المدارس حيث تجلس سعاد. فقد تصنع انه اكبر في السن مما هو في الواقع وانه لا يعمل عملا منتظما ولكنه لم يخبرها عن سبب اختفائه فجأة
ظلت سعاد امينة بدون مبالغة في الاسعار وبدون أن تستخدم المبلغ المالي الساقط من يد هذا الكهل انه لم يأتي إليها ليسألها عن مبلغ مفقود وتيقنت أنه لم يعد هناك من يطالبها به كما أنها لم تتوقع أن شخصا ما أراد مساعدتها بمبلغ مالي واصطنع هذا الموقف .فجاءه في صباح يوم الإثنين الماضي زارها هذا الرجل الكهل وتبادل معها الحوار وتجاذب معها أطراف الحديث عن أحلامها في المستقبل فوجدها على انتظارها لرأسمال مناسب يساعدها وانها لاتقبل اي مبلغا ماليا بطريقة غير شريفة وضحك الرجل حينما علم أنها لم تمد يدها إلى المبلغ الذي وجدته وظلت محتفظة به ولم تخبره حتى هو عن هذا المبلغ ولم تناقشه في أفعال سها
في صباح اليوم التالي ادعى هذا الرجل الكهل أنه فقد مبلغا من المال في أثناء سيره من منزله إلى منزل أحد أصدقائه وأن هذا المبلغ كان قد وهبه من قبل لمساعدة أي شخص يقتنع هو بنفسه أنه في حاجة إليه وتركها مع بضاعتها وخرج هو إلى حال سبيله وما إن سار عدة خطوات حتى رآها تسير خلفه منادية لها تساله ان يسمعها فيما تريد أن تخبره به