تناولنا فى المقال السابق أن الولاية الجديدة للرئيس السيسى تتزامن مع التوجهات العالمية الجديدة المستندة على تحويل الحدود إلى صلات وصل بين الدول، أبرزها مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، مع التأكيد بأن العالم وهو يسعى لتحقيق التنمية الشاملة إما أن يكون في إطار من التعاون، أو بإنتهاج سياسة عدوانية لاتبني، بل تهدم حضارات ، وفى ظل إمتلاك مصر أهم موقع جغرافي في الشرق الأوسط، فإن إن الشراكة الإستراتيجية بين مصر وبكين، من المؤكد انها ستعزز من موقف الصين في مواجهة الولايات المتحدة،كما انها ستؤثر على علاقة القاهرة بواشنطن.وسيؤدى إلى وأد مبادرة الممر الإقتصادى لاسيما بعد أفول نجم إسرائيل المتوقع نهايته هذا العام على يد المقاومة الفلسطينية الباسلة،وهو ما يدعونا إلى ضرورة الإستعداد نحو الإنطلاق لغد أفضل ،وهو ما يؤكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة بذل الكثير من الجهود،مع التأكيد بـأنه إذا توقفنا عن التنمية والتطوير سنكون بذلك نخالف الواقع الموجود حولنا.وهو ما تم التأكيد عليه أثناء حفل إفطار الأسرة المصرية حيث أكد الرئيس علي الأتى أولا – الإستمرار فى تنفيذ إجراءات لإصلاح المسار الاقتصادى القائمة على توطين الصناعة، وخاصة الصناعات التحويلية ،والتوسع فى الرقعة الزراعية،وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة،ودعم القطاع الخاص مع توفير إجراءات الحماية الاجتماعية اللازمة للطبقات الأولى بالرعاية.ويعتبر هذا تحول فى مسار عملية الإصلاح الإقتصادي ،حيث تم التركيز على الإستثمارات الأجنبية المباشرة بعد أن عانت مصر بعد أزمة الأسواق الناشئة وأزمة جائحة كورونا وقيام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة وهو ما أدى إلى خروج أكثر من 22 مليار دولار إستثمارات أجنبية غير مباشرة سعياً وراء التربح فى أماكن أخرى ، وهذا أضر كثيرا بالإقتصاد الوطني ،كذلك سعى مصر عبر برنامجها الإقتصادى إلى تمكين القطاع الخاص بنسبة لا تقل عن 65% من المشروعات التنموية، وهو ما جعل الدولة المصرية تضع سقفاً للإستثمارات الحكومية لا تزيد عن تريليون جنية سنوياً.ثانيا – دعم حالة الإصلاح السياسى التى بدأت منذ إطلاق الحوار الوطنى فى أبريل 2022، مع التأكيد على ضرورة إستمراريتها والإستمرار فى دعم الشباب وتمكين المرأة، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وهو الأمر الذى يتسق تماماً مع الركيزة التالية. ثالثا – وضع قضية بناء الإنسان المصرى على رأس أولويات العمل الوطنى وفى الصدارة منها: توفير الحياة الكريمة اللازمة له، وسبل جودة الحياة بشكل عام من خلال توفير بيئة التعليم الجيد، والخدمات الصحية اللائقة، والسكن الكريم.وهنا لا بد من التشبث بهذه الركيزة التى أكدت كل النماذج التنموية العالمية أن مسار التعليم والبحث العلمي هما أساس السلام والإستقرار والإزدهار الإقتصادي والتقدم الإجتماعي. مما يعني أنه يجب علينا التحرك بشكل عاجل لجعل التعليم على قمة الأولويات،لاسيما وأن الأبحاث الدولية أظهرت أن الصراع العنيف ينخفض بنسبة تصل إلى 37% عندما يكون للفتيان والفتيات قدرة متساوية على الوصول للتعليم. وبالتالى يجب تثمين دور الدولة الداعى إلى الإهتمام بقطاع التعليم، وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والإبتكار لتكون في سلم أولوياتنا الوطنية، ومده بكافة أسباب التمكين بإعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة.رابعا – الإستمرار فى سياسات الإتزان الإستراتيجى، التى تنتهجها الدولة المصرية، تجاه القضايا الدولية والإقليمية والتى تحددها محددات وطنية واضحة ، وسوف نتناول هذه المحددات الوطنية فى المقال القادم إن شاء الله.