بعد مرور مائتى يوم على بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، يبدو أن التوقعات المتعلقة بالإقتصاد الإسرائيلي ستبقى سلبية إلى حد كبير، حيث تكبدت خسائر مباشرة فادحة بقيمة أولية لا تقل عن 60 مليار دولار، نتيجة الإنفاق على عمليات الجيش في غزة وتعويضات مواطنيها وجنودها المتضررين من النزاع، وهو رقم أقل مما نقدره ، حيث أعلن وزير المالية الإسرائيلي أن خسائر تل أبيب في الشهر الأول للحرب تقدر بنحو 200 مليار دولار، وهو ما يفوق الإحتياطي الاستراتيجي الإسرائيلي، وهذا بدوره سيؤدي إلى إنهيار في معدل النمو،بل وإنهيار أى كيان، وذلك إذا ما أخذنا فى الحسبان إمتداد الحرب للشهر السابع على التوالى ،مما يعنى أن التكلفة الكلية لهذه الحرب قد تتعدى 600 مليار دولار.لذا فقد بدأت تطرح اراء ترى أن نتنياهو أدخل بايدن والولايات المتحدة الأمريكية في ورطة، وحتى اللحظة لم يستطع أن يقدم منفذا للخروج. وهو ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز الاسبوع الماضي، عبر تقرير عن حجم الضرر الذي لحق بشركات التكنولوجيا الإسرائيلية تحديداً ،والتي تمثل المحرك الاقتصادي في البلاد، وقالت إن أكثر من ربعها تضرر بسبب الحرب في غزة، في ظل انخفاض حاد في الإستثمار وتعبئة جنود الإحتياط للحرب.فأبرز التداعيات الفورية للحرب على شركات التقنية الإسرائيلية كانت في قطاع القوى العاملة، حيث حشدت إسرائيل أكثر من 350 ألف جندي خلال الأشهر الماضية ،ودعمت رواتبهم. وأدى ذلك إلى تعطيل عمل العديد من الشركات، إذ تم تعليق طلبيات العملاء أو إلغاؤها، بالإضافة إلى تردد وانخفاض ثقة المستثمرين فى هذا القطاع تحديداً ، والاقتصاد الإسرائيلي عاماً.فهؤلاء الجنود الاحتياطيين يعملون في مجال التكنلوجيا الفائقة المتعلقة بالإنترنت والزراعة والتمويل والملاحة والذكاء الاصطناعي والأدوية، فقطاع التكنولوجيا في إسرائيل يعتمد على الاستثمار الأجنبي في البحث والتطوير، الذي يأتي من كبرى الشركات الأمريكية، بما في ذلك مايكروسوفت و أبل وجوجل. وبالتالى فإن ما يحدث على حدودنا الشرقية نرى أنها قد تكون بداية مخاض جديد لهذه المنطقة التى كتب عليها أن تعيش قروناً من الصراعات المختلفة، والافتراءات المفتعلة ، وأننا على أعتاب مرحلة بداية نهاية المشروع الصهيونى لأسباب أهمها إندلاع الحرب اليهودية الأهلية التي شهدناها قبل 7 أكتوبر الماضي، بين المعسكر العلماني والمعسكر المتدين في المجتمع اليهودي في إسرائيل. كذلك الدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية في العالم، بعد هذا الغزو لقطاع غزة ، واستعداد معظم المنخرطين في حركة التضامن لتبني النموذج المناهض للفصل العنصري الذي ساعد في إسقاط هذا النظام في جنوب إفريقيا. أيضاً فإن العامل الأهم وهو العامل الاقتصادي،والذى يبدو واضحاً فى وجود أعلى فجوة بين من يملك ومن لا يملك، بالإضافة إلى رؤية قاتمة لمستقبل الصلابة الاقتصادية لدولة إسرائيل.والذى سينعكس سلباً على عدم قدرة الجيش على حماية المجتمع اليهودي في الجنوب والشمال.مع تغير شديد في موقف الجيل الجديد من اليهود، بما في ذلك في الولايات المتحدة، والذي يأتي على عكس الأجيال السابقة.والسؤال الذي يطرح نفسه هل سنكون على أعتاب الإعداد لشرق أوسط جديد لمرحلة ما بعد إسرائيل ؟ بعد كثير من المؤشرات التى تحمل دلالات قوية إلى أن انتهاء دولة الكيان الصهيوني في فلسطين أصبح حتما قريباً. وللحديث بقية إن شاء الله