د.علاء رزق يكتب...حلم مصر الزراعى وتوطين التنمية (١)
استطاعت القيادة السياسية أن تدرك مبكراً أن ارتفاع معدلات التضخم فى مصر لم يأتى إلا عقب الأزمة الروسية الأوكرانية ، على الرغم من مرور أزمات عالمية كبرى قبلها مثل أزمة الأسواق الناشئة ،وبعدها أزمة جائحة كورونا ،وقد مر الإقتصاد المصرى منهما بسلام، ولكن مع إندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية فى فبراير 2022، تبدلت الأمور تماماً ،ووصل معدل التضخم لأكثر من 34% وهو الأعلى فى مصر منذ عقود، الأسباب قد تبدو واضحة، فمصر أكبر مستورد للسلع الإستراتيجية فى العالم خاصة محصول القمح ، وهو أمر مرتبط بعوامل أخرى مركبة أهمها الزيادة السكانية الرهيبة خلال السنوات السابقة، مع إنحسار الأراضي الزراعية خاصة بعد التعديات الكبيرة عليها عقب أحداث 2011 ،اصبحت مصر بعدها تحتل المرتبة الأولى عالمياً فى التصحر ، وهو أمر يصعب معه تحقيق الأمن القومي الغذائى ،لذا لم يكن مستغرباً إدراك القيادة السياسية لكل هذه التداعيات الخطيرة على أمننا القومى ،لذا جاء مشروع مستقبل مصر للزراعة المستدامة،والذى يبعد 30 دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر،كموقع من أهم المزايا الإستراتيجية لتوافر الأيدي العاملة،وسهولة وصول مستلزمات الإنتاج كالأسمدة والمعدات، مع سهولة توصيل المنتجات النهائية إلى الأسواق، وموانئ التصدير البرية والجوية. وهو ما يجعلنا ننظر لهذا المشروع على أنه قاطرة مصر الزراعية وباكورة مشروع الدلتا الجديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض. وبمساحة تصل إلى 1.05 مليون فدان من إجمالي 2.2 مليون فدان المساحة الإجمالية للدلتا الجديدة. تجعله قادراً على توفير نحو 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وأكثر من 360 ألف فرصة عمل غير مباشرة،مع توقع زيادة فرص العمل خلال المواسم القادمة، ولكن الأكثر أهمية هو أن هذا المشروع سوف يساعد الدولة المصرية على تحقيق هدف زراعة 4 ملايين ونصف المليون فدان بحلول عام 2027 ولكن يبقى الهدف الذى من أجله تحملت الدولة الكثير من التكاليف ، كإنشاء ثلاث محطات معالجة مياة الصرف وهى محطة المحمسة ومحطة بحر البقر ومحطة الحمام بتكلفة وصلت إلى 190 مليار جنية،وهذا كله من أجل تدارك الوقوع فى أزمات اقتصادية وإجتماعية تتلامس مع أمننا القومى ،نتيحة زيادة معدل التضخم مع إرتفاع أسعار السلع الأساسية وعلى رأسها القمح ، لذا فإن هذا المشروع وحده يسهم ب 1,1مليون طن من القمح المستخدم في السوق المصرية، كما تم إنتاج 3 ملايين طن من البطاطس خلال 3سنوات ، ليتم ترجمة هذا فى تحقيق هذا المشروع 4.3 مليار دولار عن طريق التصدير ،مع خطة لإحلال الواردات للمحاصيل الإستراتيجية .وبالتالى فإننا نؤكد على أهمية مشروع مستقبل مصر الذي يجمع بين الزراعة والتصنيع والتجارة في نفس الوقت، ليحقق التكامل بين الصناعة والزراعة. ورغم ما يمر به العالم من أزمات اقتصادية نتيجة التوترات الجيوسياسية والحروب ، الا أن مصر تخطت أزمتها الاقتصادية،ولابد من الإستمرار في تعميق التصنيع المحلي وتعظيم الصناعة والزراعة، لتصنيع أغلب الواردات لتنظيم الاستيراد،وتعظيم الصادرات،وهو ما يعد نموذجاً ناجحاً للتنمية الزراعية المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة لإعادة تدوير المخلفات بطريقة سليمة مما يرفع من العائد الإقتصادى للزراعة . ليتحقق معه هدف تحقيق التنمية المستدامة،وهو ما يعنى من وجهه نظرنا أننا قد نرى في القريب العاجل تغطية لجميع جوانب التنمية الإقتصادية والإجتماعية والبيئية.مع تعزيز للقطاعات الصناعية والزراعية والسياحية.كما قد نرى ما عجزنا على تحقيقه منذ عشرات السنوات وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات، بدءا من الزراعة والصناعة وحتى الطاقة. عبر نقل وتخزين وتوطين التكنولوجيا الحديثة في جميع القطاعات، لتعزيز وجه مصر المشرق بتطوير للمدن الجديدة والمناطق الصناعية والسكنية لضمان توفير بيئة حياة ملائمة ومستدامة للمواطنين. وللحديث بقية إن شاء الله.