تعد القدرة على التصدي للتحديات والصمود في وجه الأزمات مقياساً هاماً لقوة الاقتصاد الوطنى، وفي هذا السياق، يبرز الإقتصاد المصرى في مواجهة للتحديات الداخلية والخارجية التي عصفت بالعديد من الاقتصادات العالمية.حيث يشكل الواقع الاقتصادي المصري منطلقاً لإستكشاف كيفية تحقيق هذا الصمود في ظل هذه الأزمات المتعددة.ففيما يتعلق بالتحديات الداخلية، فإن الإقتصاد المصرى واجه مجموعة من الصدمات القوية تمثلت فى الإضطرابات التي أعقبت أحداث عام 2011، فضلا عن النمو السكاني السنوي الذي يقول البنك الدولي إنه كان عند 1.7% في 2021.كذلك مشكلة الفقر إذ تشير بعض التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60% من مواطني مصر البالغ عددهم 106 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو قريبون منه.وعلى الرغم من إنخفاض البطالة إلى حوالي 7%، لكن المشاركة في سوق العمل هبطت أيضا بشكل مطرد في العقد المنتهي في 2020. وتعاني بعض جوانب التعليم العام من حالة من التدهور. ويسعى كثير من الخريجين الذين تتاح لهم الفرصة إلى البحث عن عمل في الخارج.وهو ما عبر الرئيس السيسى مؤخراً في ضرورة إعادة هيكلة التعليم العالي خاصة للكليات النظرية. كذلك كانت من أهم التحديات الداخلية العامين الماضيين، ضغط الشح الحاد في الدولار على الواردات وتسبب في تراكم البضائع في الموانئ مما كان له تأثيره على الصناعة المحلية. وارتفعت أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية بوتيرة أسرع بكثير من معدل التضخم الذي تسارع لمستوى غير مسبوق.تلك التحديات لا تقل أهمية عن التحديات الخارجية، حيث شكلت عبوراً صعباً يتطلب تدابير استباقية ومرونة اقتصادية.في سياق التحديات الخارجية، فقد واجه الإقتصاد المصرى الضغوط الناتجة عن جائحة كورونا والتأثيرات الاقتصادية العالمية الناجمة عنها، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية. وقد ظهر الاقتصاد المصرى في هذه الظروف كقوة قادرة على مواجهة المصاعب الدولية والتكيف مع التغيرات العالمية. وعلى الرغم من النجاح فى مواجهة تلك التحديات والأزمات المتوالية، فإن الحكومة المصرية يجب أن تسعى جاهدة لتحقيق الإستقرار الإقتصادي وتبني خطط إستراتيجية محكمة للتصدي للتحديات الراهنة.تركز هذه الخطط على تعزيز القدرات التنافسية للإقتصاد المحلي وتعزيز الإستثمار في القطاعات الحيوية على أن يكون الموجه لهذه الخطط والبرامج المجلس الأعلى للإستثمار الذى يرأسه الرئيس السيسى شخصياً، مع ضرورة التركيز بشكل خاص على إستراتيجية صناعة السياحة فى مصر ،ولا مانع أبدا من الاستعانة بخبرات بعض الدول خاصة دول تجمع البريكس مثل الصين والهند ، كذلك السعى بقوة نحو تفعيل رؤية الرئيس السيسى فى توطين الصناعة، والإستفادة من مشروع تنمية محور قناة السويس والذى يمثل حالياً الرئة البديلة لدول تجمع البريكس للوصول الى نظام اقتصادي عالمى عادل ومنصف.وهو ما يعكس التفاؤل بإمكانية تحقيق نمو مستدام في هذه القطاعات التى تسعى مصر إلى توطينها خلال السنوات الست القادمة.
وعلى الجانب الآخر فإن التحديات المستمرة كبيرة وتتطلب مزيداً من الجهود لتعزيز الإستقرار وتعزيز قوة الإقتصاد المصري في وجه المتغيرات الداخلية والخارجية.والتى نرى أيضاً أنها تقوم على ثلاثة إشكالات رئيسية تواجه اقتصاد المصرى، الإشكالية الأولى هي الماء، فمصر تعمل على حل أزمة المياة بشكل أساسي من خلال تحلية مياة البحر، وإنشاء محطات تحلية للمياة وإقامة أحواض مائية. الإشكالية الثانية تتمثل في تكلفة الطاقة، بينما تحاول مصر رفع إنتاجها من الطاقة الجديدة والمتجددة بنسبة 50%خلال عام 2030. الإشكالية الثالثة مرتبطة بالتضخم. لذا نرى أن التدابير الاقتصادية التي اتخذتها الدولة المصرية مؤخراً قد ساهمت في دعم قدرتها على التكيف مع بعض التحديات الداخلية والتخفيف من حدة تداعيات الأزمات الإقليمية والعالمية المحيطة، خاصة وأن الدولة عكفت على انتهاج سياسات مالية من شأنها تعزيز مرونة خططها، من خلال تحديد أولويات الإنفاق والتنوع في البرامج الاقتصادية، مع السعي الجاد نحو تحسين مناخ الاستثمار لتوفير النقد الأجنبي ودعم القطاعات الحيوية، ومواصلة الجهود لإزالة المعوقات التي تواجه الإستثمار والعمل على توسيع قاعدة الإنتاج لخفض الواردات من خلال استكمال المبادرات والبرامج الوطنية، بجانب تعزيز شراكة القطاع الخاص في الخطط الاقتصادية وهو ما أسهم في دعم استجابة الاقتصاد المصري، والدفع نحو تحفيز النمو الاقتصادي.