رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام
تناولنا فى المقال السابق فاعليات وإيجابيات إنعقاد قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي،تحت عنوان “الاستثمار في الشباب، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. تشكيل اقتصاد الغد” وتم الربط الإستثمار فى الشباب وتشكيل اقتصاد الغد ، وأن أداة الإتصال هى اللغة،التى لا يمكن الإستغناء عنها لتحقيق هذه المستهدفات،وأن إستعمال اللغة بمردود جيد وكفاية عالية يكون أساساً لتحقيق الإقتصاد المعرفي،وهو تاج التنمية الذى تبحث عنه القيادة السياسية المصرية الآن، كما تمثل الوعاء الفكرى ، والهوية والإنتماء لأبناء الوطن.وتم التأكيد على أن العولمة أسلوب إستعمار ثقافي واجتماعي وسياسي يجب أن نتصدى له، وأن الشعب يفتقر ويستعبد عندما يسلب اللسان الذي تركه الاجداد، خاصة لو كانو أصحاب حضارة عظيمة،وبالتالى يجب علينا من الآن ضرورة التعامل مع اللغة كثروة اقتصادية يجب الحفاظ عليها عبر مجموعة من المتطلبات. أولها ضرورة السعى نحو تعزيز تراكم المعرفة باللغة العربية لأنها تساوي تراكم الأصول غير المادية، وتداولها يوازي تداول السلع في السوق. ثانياً نثق جيداً فى أن القيادة السياسية قادرة على جعل اقتصاديات اللغة العربية من الأوليات، والتعامل مع ملف اللغة كملف استثماري ورافد إقتصادي هام، يدعم بتخطيط لغوي وسياسة لغوية. ثالثاً ضرورة إعادة النظر هذا فى ضرورة الاهتمام بالتصدير اللغوي للبرامج والتقنيات التي تعالج منظومتها. وإيجاد لغة برمجية عربية متطورة تستطيع اللحاق بركب اللغات العالمية تتبناها جهة حكومية أو صندوق استثماري، لأن الاجتهادات الفردية غير مجدية في مواجهة الشركات العالمية.والتأكيد على أن نهضتنا الاقتصادية مرهونة بنجاحنا في إعادة احياء اللغة العربية كلغة للعلم والتكنولوجيا بتوفير العلوم بلغتنا الأم ،وتعريب التعليم خاصة الجامعي بجميع تخصصاته. رابعاً السعى نحو مواكبة اللغة العربية لكل ما يستجد من تقنيات لغوية حديثة والاستفادة من الذكاء الصناعي في هذا المجال . خامساً الحرص كل الحرص على إكتساب أطفالنا للغة العربية الفصحى في سن مبكرة، وتعويدهم على استعمال لغتهم الأم منذ نعومة أظافرهم حتى تكون اللغة الأصلية جز ءا من مكونهم الفكري . سادساً وضع القواعد الأزمة للتغلب على أي عوائق تنظيمية وبيئية تعيق توفر بيئات استثمارية جاذبة للغة ،مع تشجيع إستخدام الفصحى في أماكن العمل وداخل أروقة المصالح الحكومية وفي مؤسسات التعليم العالي. ويبقى التأكيد على أن عبء النهوض بالبعد الاقتصادي للغتنا العربية لا يلقى على كاهل جهة واحدة وهى غالباً الحكومة، وإنما هو مسؤولية جماعية،فلغتنا العربية تفرض على متخذ القرار والاقتصاديين ضرورة إدخال البعد الاقتصادي للغتنا الأم في حيز اهتماماتهم، نتيجة لما نتعرض له من هيمنة سياسية وثقافية أجنبية شاملة، تظهر أكثر حين نتفاجأ بجهود لغة أخرى رغم صغر حجم جماعتها اللغوية في السوق الدولية ،كاللغة العبرية. ولكن إقتصاديا فإن التجارب التنموية الناجحة عالمياً توكد أن الإستثمار في التقنية واللغة مورد اقتصادي مهم ، ولكن للاسف فى الدول العربية نجد أنه معطل أو شبه معطل، ولنا مثال في الشركات الصينية ،مثل شركة علي بابا ،التي توجهت لتقديم واجهاتها ووصف منتجاتها بالعربية لتشجيع العرب على الشراء.وكذلك فإن عدم الفهم الكافي لقيمة الأصول غير المادية وعلى راسها المعرفة ، والتى تمثل فى تاريخنا الحكمة والتي أكد ديننا الحنيف انها ضالة المؤمن انا وجدها فهو أحق الناس بها، وإيماناً بأن المعرفة لا تتبع مبدأ الندرة الأساسي في الاقتصاد التقليدي ( اقتصاد الندرة)، والمعرفة كلما استعملتها، كلما ازدادت إلى ما لا نهاية ، حيث لا تستهلك أو تستنفد، بل تتوالد ذاتياً بالاستهلاك، أو من خلال نقلها إلى الآخرين وخصوصاً في ظل التكنولوجيا الرقمية التي اعتمدتها الدوله المصريه في برنامجها الاصلاح الاقتصادي الثاني اواخر عام 2021 كاحد اضلاع مثلث التنميه في مصر بجانب التوطين الصناعي والتوسع الزراعي.وما أجل وأعظم أن نجتمع جميعاً على حب لغتنا الجميلة ، والتفاني قولاً وعملاً في ريادتها ،وهو الأمل الذي يرتبط باليقين، وقدرة القيادة المصرية الحكيمة في زيادو الولاء والإنتماء ،والعلم والتعليم، ضمن إستراتيجية الوعي المصري.