مدحت ثروت يكتب.. صباح الخير (قصة قصيرة)
وفي صبيحة ذلك اليوم الصيفي شديد الحرارة دون أي نسمة هواء تنقذ الأنفاس اللاهثة من قيظ الحر الشديد، يقف مفتول العضلات متصبب العرق أمام لهب المقلاة المشتعل تحت طاسة كبيرة يلقي فيها كرات عجينة الطعمية لتلقى مصير بات محتوما؛ فها هي تتقلب على كل الأجناب من حرارة الزيت المغلي وقد ارتضت لكونها جمادا أن تصبح طعاما للغني والفقير، وقبلت آلام القلي ووجع التقلب على النار، بل والضغط المؤلم الذي يضعها بعد تمزيق اشلائها في نصف رغيف بلدي وسط كومة من الخضرة وأصابع البطاطس السابق تقطيعها من أكف القحط.
أقف منتظرا دوري بين صفوف الجوعى الذين يسيل لعابهم قبل الحصول على قوت وقتهم، بيدي ورقة فئة العشرين جنيها طويتها كما طويت أحلاما بسيطة أكبرها أن اقضي حياتي دون مشاكل، وبيدي الأخرى عشرة ارغفة خبز بلدي فاح منهم روائح الكد والرضا، يقف جواري في ملابسه الرثة يكابد اوجاع مرضا بات في احشائه دون أن يتكلم، عندما ينطق ببضع كلمات قليلة تظهر بقايا أسنانه وقد تلونت برماد التدخين لم ولن يتب عنه، ربت على ذراعي برفق ارعب جسدي المتشح ببياض الثوب الذي مسح به كفه وقد تشقق باطنه، وتلون بلون الطين الذي ذاق من غرسه حلاوة. حملقت في وجهه لأرى ما عساه يريد مني، فأنا بي ما يكفيني؛ اليوم لم يبدأ بعد وينتظرني عمل طويل ووجوه سوداء وبيضاء واتعاب ونفاق البشر وحيوانية قلة منهم، وصراخ الأطفال وضجيج السيارات، وكنت أود أن أذهب إلى عملي في حلتي البيضاء كعريس يوم عرسه لولا تلك اليد المتسخة التي مسحها في ثوبي الأبيض، نظرات مهاجمة ومستفهمة ومتذمرة صببت جامها على وجهه الكهل الصبوح، ظننته يريد إحسانا، باغتني حين مد لي يده الأخرى بكيس بلاستيكي نظيف لأضع به الخبز الذي بيدي، شكرته من خجلي فابتسم قائلا لا تخف فهو نظيف طأطأت كبريائي قائلا في قسوتي:بل ان قلبك هو الأنظف ومضيت إلى يوم لم أحيا مثل جماله من قبل.