مر العام 2022 بكل أحداثة و صراعاته و أزماته , لنبدأ العام 2023 و الذى نتطلع فيه إلى الوصول لحالة الاستقرار العالمى و العمل على تجاوز كل المحن التى تعرضنا لها فى العام الماضى و ما سبقه منذ بداية جائحة فيروس كورونا العالمية و آثارها التى طالت و امتدت لكل بقاع العالم , و فى مصر الوضع لا يختلف كثيرا عن الدول الأخرى التى عانت و تعانى و قد يمتد الأمر لعدة سنوات أخرى حسب ما تطالعنا به تطورات الأحداث القادمة , فنحن اليوم فى عالم واحد يموج بصراعات و أزمات و لا تفصلنا ولا تحمينا عنها أى حواجز , فالعالم أصبح ينفتح على مصراعيه و لا توجد اى أزمة دوليه الا و يتأثر بها الجميع بلا استثناء و حسب درجة و قدره الصمود أمامها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن ظلال الازمة الروسية الاوكرانية التى ضربت العالم فى مطلع 2022 و لاتزال آثارها ممتدة و لا أحد يعلم متى سيصل مداها أو حجم تأثيرها أو تطوراتها التى قد تحدث.
و فى مصر لا يختلف الأمر كثيرا فنحن اليوم قد وصلنا للتعايش التام مع الأزمات العالمية وأصبحت مصر ضمن الدول الكبرى المؤثرة و المتأثرة بما يموج بالعالم من تحديات و أزمات
فعندما نعود للوراء بنحو عشر سنوات و نرى حجم التواجد المصرى عالميا أو أقليميا فى هذا التوقيت فقد يدعونا الامر لقليل من التأمل لما كانت عليه مصر وقتها واليوم , و قد نرى و نسمع اليوم بعض الأصوات التى تطالب الدولة و حكومتها بالعمل الفورى على كبح جماح التوحش الضخم فى ارتفاع الاسعار للسلع و الخدمات وغيرها من مستلزمات الحياة , بل و نسمع أصوات تنادى بالتقصير المحلى فى الحلول التى يراها البعض من زاوية رؤيته فقط و لا يضع نفسه فى موقع صانع القرار و لا يمتلك من تفاصيل الرؤية الشاملة أو ملفات الدولة التى يتم وضعها على طاولة القيادة السياسية فى اتخاذ القرارات والتى أصبحت فى الآونة الأخيرة لها من التأثير المؤلم على كافة شرائح المصريين و لا تستثنى أحد . و بقليل من الفحص من خلال العقول التى تنظر من الزاوية الفعليه لما يدور عالميا من حولنا و مدى ما تأثرنا به اليوم فى مصر , فإنه علينا اليوم أن نراجع كافة الأنجازات التى تمت على مدار السنوات الثمانية السابقة ليس من حيث الحجم أو التصوير العينى لها فقط و لكن من زاوية تقدير الموقف و توقيتات التنفيذ المسرعة و التى كانت مصر و قيادتها الواعية تعلم جيداً أن عامل الوقت كان أهم من أى شىء , فكانت البداية منذ أن قرر المصريون تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة و غيرة من مشروعات الطرق و الكبارى و المحاور والأنفاق و الاستصلاح الزراعى و المزارع السمكية واللحوم والدواجن بالأضافة لمئات المصانع و المناطق الاستثمارية الكبرى التى جميعها كانت فى محور التنفيذ والانتهاء والعمل بالفعل قبل مطلع عام 2020 , و هو ما يقترن بعام أزمة جائحة كورونا العالمية و تأثيراتها السلبية فى رفع مستوى الأزمة العالمية تجاريا أو اقتصاديا و محليا على كافة دول العالم , فلم تمر هذه الأزمة و تبعاتها مرور الكرام على أكبر دول العالم الاقتصادية بلا استثناء, و فى مصر كان الوضع مستقرا بعض الشىء و مرت الأزمة بتبعاتها العالمية و كان لها أثر سلبى و مردود مؤلم على الاقتصاد و حركة التجارة بشكل عام و هو ما دفع دول العالم للبحث عن بدائل آمنة لتجاوز مثل تلك الازمات مستقبلاً , و منها خطط استراتيجية ضخمة لتوفير الغذاء و الطاقة و تحقيق الاكتفاء الذاتى محليا لبعض السلع الأساسية للمواطن نفسه , تجنبا لمنع تكرار نفس الأزمة من جديد , و لكن لم تمر الأيام الا و يصطدم العالم بالأزمة الروسية الأوكرانية و ارتفاع مستوى الطلب على الحبوب و الطاقة بصورة شبه كارثية , و ما تأثرت به حركة التجارة والعملات عالمياً جراء تلك الأزمة و تبعاتها السلبية على العالم , فنحن اليوم داخل عالم واحد ولاسيما الدول الكبرى المؤثرة و المتأثرة بالأزمات والتى أصبحت مصر جزء منها بعد دخولها عصر التنمية و التطوير الجديد و المشروعات القومية الضخمة التى يمتد تأثيرها دوليا وأقليميا و أصبح تنوع الشركاء الأقتصاديين لمصر لا يقتصر على جانب واحد بل أصبحت مصر منفتحة على العالم بشكل كبير وهو ما يجعل أى أحداث عالمية سواء كانت إيجابية أو سلبية الا و يرتد أثرها بشكل كبير على حالة الأقتصاد المصرى , ينبغى أن يرى المواطن المصرى أن حالة مصر اليوم تختلف بشكل كبير جدا عما كانت عليه إبان الأزمة الكبرى لمصر فى الفترة بين عامى 2011 و 2013 , و قرار الدولة بالدخول فى عصر الجمهورية الجديدة لم يكن قرار بسيط أو غير مدروس و لكن يحضرنى بعض الأسئلة التى قد لا تدور فى عقول الكثير من شعبنا العظيم , هل كان من الممكن أن نصنع كل الأنجازات التى نراها اليوم قد تحققت على أرض الواقع فى نفس هذه الفترة التى يمر بها كبار دول العالم و هذه الظروف العالمية الصعبه ؟ , هل كنا نستطيع اليوم أن نقف فى مصاف الكبار بنفس القدر ؟ و غيرها الكثير من الأسئلة التى ينبغى أن نضعها أمام عقولنا قبل أن ترتفع أصوت تنادى بغضب عن ما جدوى ما تم من مشروعات كبرى فى مقابل ارتفاع أسعار الغذاء مثلا اليوم !! فقد تسمع البعض يتحدث إليك عن : هل سنأكل أسفلت و طرق و كبارى ؟ فأقول له من وجهه نظرى المحدودة : نعم سنأكل و أكلنا بالفعل من خلال ما تصفه بأنه الأسفلت .. و الاجابة ببساطة شديدة تتلخص فى أن المشروعات الضخمه التى بدأت و يتم تنفيذها قد استطاعت ان تقضى على جزء كبير من أزمة البطالة , بل و قدمت حلول ادارة أزمة على سبيل المثال فى حل مشاكل العاملة العائدة لمصر من دول الجوار التى اشتعلت بها الصراعات و نذكر على سبيل المثال لا الحصر أن مصر استوعبت عودة المصريين العاملين فى ليبيا والذى قُدِر عددهم بنحو مليونى مصرى فكانت بيوتهم عند عودتهم لمصر شبه خاوية , و أصبح دور الدولة الأساسي هو إيجاد البدائل لهم , فكانت المشروعات القومية الضخمة المقامة فى ذلك التوقيت هى الملاذ الأمن المستقر لمعظمهم , دعونا نفكر قليلا فى غيرنا الذى تمثل له مشروعات الطرق والمحاور الجديدة مصدر رئيسى فى الاستثمار والتجارة وحركة النقل الميسرة اليوم , فلا بديل عن تأمين حركة التجارة الداخلية للدول التى تسعى نحو الوصول لمعدلات جذب استثمارى و تشغيل للعمالة و حل أزمات البطالة لديها و هو ما تحقق عبر مشروعات شرايين الحياه المصرية أو باختصار مشروعات الطرق والاسفلت الذى يتندر بها البعض فى هذة الأيام بمدى الجدوى و النفع على المواطن .
لقد خطت مصر خطواتها الاستثمارية بقوة قبل أزمات العالم التى ضربت كافة أقتصاديات الدول الكبرى و تسببت فى شلل شبه تام فى الحالة العالمية و رفعت وتيرة الأسعار بالنسبة للغذاء و الاحتياجات الطبيعية لأرقام خرافية , لا ننسى مدى تأثير التنوع المناخى الخطير الذى أصبح يعانى منه العالم فى هذه العقود الأخيرة , والذى ظهرت مخاطره أمام الجميع و مدى حجم تأثر الكوكب به خلال مناقشات مؤتمرCOP 27 الذى استضافته مصر فى نوفمبر 2022 بشرم الشيخ , فنحن اليوم لسنا بمنأى عما يحدث فى العالم من حولنا و لا نرى الواقع من حولنا أصبح وردى بما انطلقنا به من أحلام نحو الوصول للجمهوية الجديدة بإذن الله و التى ستحتاج منا الكثير و الكثير لنحافظ جيدا عما وصلنا إليه من خطوات فعليه على الأرض وانجازات تتحدث عن نفسها و يراها العالم من حولنا أن مصر استطاعت أن تحقق معجزة كبرى و أن تدخل فى مصاف الكبار فى زمن قياسي و أن أكثر المتفائلين فى عام 2013 كان يتمنى فقط الا تنقطع الكهرباء لفترات طويلة .. أصبحنا اليوم من الدول المصدرة للطاقة الكهربائية و أصبحنا على الطريق الصحيح لتحقيق مستويات الاكتفاء الذاتى فى العديد من السلع و الاحتياجات الاستراتيجية و هو ما يتم قياس حجم قوة الدول بالفعل على أساسة , لست أخفى أننا بالفعل فى قمه ذروة أزمة عالمية معاصرة و نحن فى مصر كدولة ناشئة كان لنا نصيب ضخم من التأثر بها و لكن الله لن يضيع أبداً ما اجتهدنا للوصول إليه و ما صدقنا عليه أنفسنا لنصنعه و نصل لمرحلة تحقيقة على الارض بالفعل , و اذا كانت أزمة ارتفاع الاسعار اليوم هى أقصى ما نواجهه و هى بالفعل تعتبر فى تصنيف مسمى “الكبوة الكبرى” فى حياتنا و التى نتعرض لها جميعا على كافة المستويات , والتى قد تطلب من الجميع أن نعمل فى نفس صف الدولة و لا نضع الحكومة خصم لنا , فالأنسان المصرى القوى الذى استطاع من قبل أن يواجه أصعب و أقوى الازمات التى عصفت بنا كمصريين , هو نفسه الانسان المصرى القوى الذى سيعبر هذة الازمة القوية و يتذكرها فى سجل انتصاراته التى تحققت بسواعد الاجداد و اليوم يأتى علينا الدور كأحفاد لنصنع نصر مصرى جديد و نعبر هذه الأزمة أو غيرها . فنحن اليوم فى ما يطلق عليه أزمة مفترق الطرق .. و لا مجال للتراجع عما تحقق من انتصار حقيقى على الأرض .. و لقد اعتدنا كمصريين أن نتحرك و نذهب و نقاتل من أجل أن نعود بالنصر ..
بإذن الله سنعتبرها يوما ما فى المستقبل بوصف ” أزمة و عدت و الحمد لله “
حفظ الله مصر من كل الفتن و الشرور و الأزمات و ندعو الله أن يمنح عقولنا اليقين لنتحقق مما يتم اثارته من أكاذيب أو شائعات.
عاشت مصر و تحيا مصر دائما أبدا .