د.سمير المصري يكتب.. خلّي بالك ياراجل يا بركة
يحدث في حياتك اليومية أن يطلب أحدٌ منكَ أن تقوم بخدمة له، خدمة تفوق قدراتك وطاقتك لأنّك مُنشغل بمَهام عدّة في هذه الفترة من حياتك ،
ومع هذا فأنتَ تخجل أن تقول له ” لا ” ، ليس بإمكاني ذلك ، وتفضل أن تجيب بنَعَم كي لا تخذله ولا تجرح شعوره أو لأنّك تخاف أن تبدو كشخصٍ فظ ولئيم .
وقد تصير هذه عادة لديك ، فيفهم الآخرون ذلك ويصيرون على الدوام يُلقون بالمَهام على عاتقك ظنًّا منهم بأنّك شخص طيّب ولطيف ولن تعترض أو تقولَ شيئًا.
أنّك شخص تهتمّ لأمرِ نفسك ، وتريد مساعدة نفسك للتخلّص من اللطف الزائد الذي يستغلّه الآخرون والذي يحرمك أن تُعبِّر عمّا تُريد حقًّا ،
إن مشكلتك هذه مشكلة معروفة في علم النفس ولها خطوات علاجية وتمارين بإمكانك اتّباعها ، إذا كُنتَ تريد قراءة التمارين والحلول المباشرة لمشكلة استغلال الآخرين لك، فأنتَ في المكان الصحيح .
كلّ ما عليك أن ترى الأدوات التي ستساعدك والحلول المقترحة ، أما إذا كُنتَ تُريد أن تفهم لماذا يحدث معكَ هذا وأن تفهم بشكل تفصيلي ومُعمّق جذور مشكلتك والنظريات التي تفسّرها ، فهذا الكلام هو نسخة موجزة وعملية من رد فعل الناس بانكراجل ” بركة ” “مسكين على نياته”..
إليك هذه الخطوات العلمية لقول “لا” والتغلب على الطيبة الزائدة بإمكانك زيارته في أيّ وقت للاستزادة والفهم المعمّق.
ماذا أفعل كي لا يستغلّ الآخرون طيبتي ولُطفي معهم؟
في علم النفس، يُطلق على الشخص شديد اللطف مع الآخرين وكثير المراعاة لهم ولمشاعرهم بإسم الشخص التوافقي ، بشكلٍ عام، تكمن الخطوات العلاجية للتخلّص من السلوك التوافقي المُفرِط في تمارين سلوكية ولُغوية وتواصلية،
افهم سماتك التوافقية … و كأيّ مشكلة أخرى ، يبدأ الحلّ دائما من تحديد أسباب المشكلة والتعمق في فَهمها، فتحديد المشكلة هو نصف الحلّ. لكنّ هذه المهمة ستكون حرجة بعض الشيء، فالمتهم هُنا هو أنت، شخصيتك. يحتاج الحلّ بعض الجُرأة بالاعتراف بأنّ كثيرا ممّا يحدث لنا من مشكلات قد نكونُ نحن أنفسنا سببا رئيسيا في إحداثها، فصفات الطيبة واللطف تُعتبرُ بالنسبة إلى أصحابها فضائل حَسَنة، لكنّ المشكلة تكمن حين نستخدم هذه الفضائل وسيلةَ تبريرٍ ذاتي لأنفسنا حين نعجز عن أَخْذ حقوقنا أو المُطالبة بها، فنستعيض عن استردادها بإقناع أنفسنا بأنّنا تنازلنا عنها بمحض إرادتنا لأنّنا أناسٌ طيّبون.
تبدأ الخطوة العلاجية في تنبّهكَ ابتداء لخطواتك أنت، لطريقة إجابتك وطريقة تعاطيك مع الآخرين، حين تستطيع أن ترصد هذا الجانب من شخصيتك، وحين تلحظ كيف تورّط نفسك بنفسك عن طريق عدم الإفصاح عن رغباتك الحقيقية. فهذا الجانب الجيّد من شخصيتك (اللطف) جيّد في نطاقات معيشية محدّدة، لكنّه يعود هو بنفسه عليك بالأعباء والأضرار حين تطبّقه في نطاقاتٍ أخرى، مثل الوظيفة أو أمام الغرباء أو الأصدقاء غير المُقرّبين، فتعجز عن رفض طلباتهم أو عن مواجهتهم حين يُقدمون على تصرّفاتٍ تؤذيك أنتَ شخصيا.
المشكلة الرئيسية لديكَ، بوصفك شخصا توافقيا، هو أنّك تخشى التورّط في الخلافات والنقاشات التي قد تتحوّل إلى نزاعات، لأنّك تعتقد أنّ تحوّل النقاش إلى مشكلة سيُظهرُكَ بمظهر مُحرِج أو قبيح. لذلك يجب أن تتعلّم مهارات التفاوض، وتحديدا أن تتعلّم الاستمرار بالنقاش لإيصال ما تُريد دون أن تنفعل أو تسارع إلى إنهاء النقاش والتخلّي عمّا تريد قوله. ولكي يحدث هذا، هناك ثلاث مهارات مفتاحية يمكنكَ أن تُدرِّب نفسكَ عليها في منزلك من أجل تطوير قدراتك النقاشية:
يجب أن تعرف تماما ما تريد. حينما تكون واثقا من قناعتك أو رغبتك أو حاجتك ستقف مدافعا عنها، ولن تجد مهربا أو مخرجا تُبرّر به لنفسك التخلّي عن النقاش حولها.
من هنا تعلّم أن تقول ما تريد النقاش حوله بثلاث أو خمس كلمات واضحة ومُحدّدة …
( أريد تبديل هذه القطعة من فضلك ) دون أن تقول كلاما فضفاضا وعاما وعشوائيا وزائدا عن الحاجة، فإنّ من شأن التردّد وعدم الوضوح أن يُقلّل من فُرَص استجابة الآخرين لطلباتك أو رغباتك، كما أنّه يجعلكَ عرضة للاتّهام والاستغلال بحجّة أنّك لا تعرف ما تريد أساسا.
تجهّز بحجج مُتعدّدة واحتمالاتٍ مختلفة
ماذا أفعل حين تفشل حجّتي الأولى ؟
تعتمد هذه الخطوة على أن تتعلّم تجاوز التفكير ذي الخطوة الواحدة ، إذ غالبا ما تفشل الحجّة الأولى للشخص التوافقيّ، إنّه يُفكِّر بخطوة واحدة فقط ،فإنّه لا يجد أمامه خيارات أخرى للمواجهة لأنّه شخص توافقي ويخشى كثرة الإلحاح ويخشى التورّط في خلاف.
لذلك يجب أن يكون لدى المرء أكثر من مُبرِّر وطريقة لإنفاذ طلبه …
تعلّم أن تقول “لا” حين تشعر بأنّه يتوجّب عليكَ ذلك
يتحمّل التوافقيون فوق طاقاتهم لأنّهم يخشون أن يُجيبوا بـ”لا” كي لا يجرحوا مشاعر الآخرين ولا يتورّطوا معهم في خلاف أو جدال أمام باقي النّاس من حولهم.4 يجب أن يفهم التوافقيون أنّهم لا يستطيعون إرضاء جميع النّاس طوال الوقت، وأنّهم ليكونوا محبوبين فهذا لا يعني أن يدمّروا صحّتهم الذاتية ومصالحهم الشخصية للحصول على إعجاب الآخرين. فالمهم هُنا هو الموازنة بين الطلبات المرجوّة منهم وبين إمكاناتهم الحالية من وقت ومهارة وأموال وجاهزية نفسية وجسدية ونحو ذلك.
التواصل الاجتماعي الحازم … قد تبدو فكرة بسيطة، لكنّها فعّالة، صدّق أو لا تصدّق أن جزءا كبيرا من مشكلات التوافقيين قد تكون لغوية أو تواصلية.
وبشكلٍ أدقّ، قد يتجاوز التوافقيون مشكلات طيبتهم من خلال استبدال إجاباتهم اليومية بإجاباتٍ أخرى.
فهي عبارة عن تدريبات تواصلية ولغوية تُعلِّمك كيفية استبدال الإجابات التي تعرّضك للإخضاع بإجابات حازمة، على طريقة ” قُل ولا تَقُل ” .
ارسم حدودا صحية … “المياه كلّها بلون الغرق”
لا أحد يستطيع أن يحمي عزلته إذا لم يعرف كيف يتعامل مع النّاس .
قد تكون هذه عبارة قاسية بعض الشيء، لكنّها بداية لقاعدة مهمة حول وضع الحدود الصحية.
والحدود الصحّية هي تلك التي تحافظ فيها على مسافة بينك وبين الآخرين بطريقة تضمن لكَ الأمان في أن تقول ما ترغب به حقّا دون التعرض لعواقب وخيمة.
وتكمن المشكلة حين تُخلَط علاقات المهنة أو الوظيفة بعلاقات العائلة، وعلاقات العائلة بعلاقات الوظيفة، وكذلك حين نجعل من الرئيس في العمل أبا. نعم، قد يكون هذا مفيدا بعض الوقت،
لكنّه سيعود باختراق خصوصيتك ، واستباحة أوقاتك ورغباتك في أوقاتٍ كثيرة ،
لذلك فإنّ رسم الحدود دائما ما يحافظ على العلاقات أكثر ممّا يُفسدها على عكس ممّا هو متوقّع.
تمرّن على أساليب الردود الحازمة ، تمرن علي كيفية الردّ على الأسئلة التي تحاول أن تستغلّ تأدّبك وطيبتك ؟
تمرّن جيدا .. وأوكل إلى نفسكَ في كلّ إحدى النقاط ،،،
” مثل التطفّل ” وحاول أن تلحظ كلّ سؤال يحاول استغلالك ، وأن تستخدم الإجابة المثلى ، ومن ثمّ راقب مدى تحسّنك في التواصل ، ومدى تخلّصك من أعباء الأسئلة التي تحاول إحراجك أو استغلالك.
تمرّن على أساليب التواصل الحازم ، فيعتمد استغلال الآخرين لطيبتك على طريقة التواصل التي تقوم بها بالأساس ، إذ يحدث عن طريق إجاباتنا الفضفاضة أن نخلق نوافذ مفتوحة للآخرين كي يقتحمونا ،
الآخرين في نهاية المطاف يتفاعلون مع الإجابات التي تُقدّمها لهم ، فهناك الأخطاء التواصلية اللطيفة ، والتي عبر تغييرها إلى الأساليب التواصلية الحازمة سترسم حدودا صحّية مع الآخرين بطريقة تحقّق لكَ ما تُريد ، وتحقّق للآخرين ما يريدون بشكل مرض للطرفين .
حاول أن تتمرّن على استبدال احدي أساليب التواصل الخطأ بأساليب التواصل الحازمة ، وهكذا حتّى تنجز بقيّة أساليب التواصل ،،،
الخلاصة
كن حاملا ، حافظا ، واثقا من قوتك … انها قوّة الرفض الإيجابي ….
يحدث كثيرا أن تكون إجابتنا “لا” على كثيرٍ من المهام التي تُطلَب منّا، لكننا نخشى أن نُجيب بـ “لا” خوفا على مشاعر الآخرين ، أو خوفا من سُلطتهم وبطشهم ، أو خوفا من خسارة رضاهم عنّا أو فقدان المكاسب التي تمنحها إيّانا علاقتنا الطيّبة معهم.
لكن كيف بإمكانك أن تقول “لا” بطريقة حيوية وإيجابية، دون أن يشعر الآخر بالهجوم أو الرفض ، ودون أن يتحوّل الموقف أو الطلب إلى نقطة للصراع والخلاف؟
“قوّة الرفض الإيجابي”
كيف تؤدي الإجابة بالرفض “لا” إلى أن تكون طريقة لتطوير علاقاتنا بالآخرين، وطريقة للحفاظ على صحّتنا الذاتية وإرادتنا ،،،،،
تحياتى وتقديري واحترامي ،،،
اوعي تبقي راجل بركة …. انها بداية لنهاية قاسية
غدا صباح مصري جديد ،،،،،