صباح عاصم تكتب.. الجامع الكبير
ينشر موقع هارموني توب إيجيبت، مقالا جديدا بعنوان الجامع الكبير للكاتبة صباح عاصم، وإليكم نص المقال:
في قريتنا جامع كبير، يسعنا جميعا، مفتوح لجميع أهل القرية، الغني والفقير، جامعنا غير باقي الجوامع، نعم تقام فيه الصلوات ولكنه كبير، نلتقى فيه في جميع مناسباتنا، يسعنا جميعا، في العيد أول الملتقى، بجامعنا الكبير، في الأفراح وعقد القران، في الأحزان أول من ينادي، مات فلان بن فلان، جامعنا الكبير، وفي يوم الجمعة، يجمعنا الجامع الكبير، يلجأ إليه المحتاج والفقير واليتيم، الجائع يشبع، والمديون يقضي دينه، حتى المريض غير القادر، يذهب للجامع الكبير، يحل مشاكلنا ويزيح الهم ويشرح الصدر، كلمات شيخنا أمر، على الجميع، ننصت ونطيع، أنه الجامع الكبير، وفي رمضان، شهر الخير، شهر القرآن، نجتمع حول الجامع الكبير، نزين الجامع، نزين القرية، بقصاصات ملونة، نستعد لصيام وقيام وتراويح، تريح النفس، وتذهب الهم، نلتف حول مائدة الرحمن بالجامع الكبير، حتى ملتقانا أمسيتنا الجميلة ولهونا كان عند الجامع الكبير، لنا جميعا ذكريات، وأجمل الذكريات كانت في الجامع الكبير، كبرنا وكبر الجامع الكبير، بعدنا وسافرنا، وكلما عدنا، نذهب للجامع الكبير.
أما آن الأوان أن يعود الجامع الكبير ودوره في مجتمعنا وبقوة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، بتحديد جامع كبير لكل منطقة، وليست القرى فقط، وعلى مستوى جميع المحافظات، يجتمع فيه من له الحاجة إلى طعام والمال في ظل ظروف طاحنة، أناشد أصحاب القرار، الأوقاف، مجالس المدن، المحليات، العمل بلا مركزية، بتخصيص جامع كبير لكل منطقة، يكون قبلة للمحتاجين يخدمهم، يمد لهم يد العون، يحصي عددهم، ويدرس حالهم، وأيضا يكون قبلة للغني الباحث عن الفقير، وللمتطوع بعمله وجهده وتخصصه لخدمة الجامع الكبير، لخدمة أبناء الحي، وبخريطة توضح الجامع الكبير داخل كل مدينة، لتسهيل عمل المجتمع المدني بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وليعود دوره في ظل أزمة طاحنة ومع اقتراب الشهر الكريم، شهر الخير، يكثر رواد المساجد، الغني والفقير، ويسهل حصر الحالات وأيضا إيجاد الحلول داخل نفس المنطقة، بأيدي أبنائها، ليتكاتف الجميع للقضاء على الجوع والفقر والمرض امتثالا لأمر رسولنا الكريم، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، وقد كان لنا في الصحابة العبرة والعظة، هذا الصديق أبو بكر رضي الله عنه لما استخلف أصبح غاديًا إلى السُّوق، وكان يحلب للحي أغنامهم قبل الخلافة، فلمَّا بُويَع قالت جارية مِن الحي: الآن لا يحلب لنا. فقال: بلى لأحلبنَّها لكم وهو المبشر بالجنة، فلنبدأ بالجار في السكن في المنطقة ليبحث كل منا عن من بجواره، ليعود التكافل والتراحم فيما بيننا، ليقدم كل منا يد العون قدر المستطاع لمن حوله، وليصبح ملتقانا جميعا الجامع الكبير.