أمجد المصري يكتب.. الحوار الوطني وبناء الإنسان
ينشر موقع هارموني نيوز مقالا جديدا لـ أمجد المصري بعنوان الحوار الوطني وبناء الإنسان
وبينما تجرى جلسات الحوار الوطني الدائر حاليًا مرتكزه بشكل كبير على محوريين أساسيين هما الشق السياسي والإقتصادى يبدو أن لدينا محور آخر شديد الأهميه لابد وأن يشمله الحوار وبعمق وتركيز كامل وهو محور الهويه المصريه ومقومات بناء الإنسان المصرى وشكل وتركيبة تلك الأجيال الناشئه فى الجمهورية الجديده .
لا غني عن الإصلاح السياسي لأى وطن فالسياسه هى روح الحياة . ولا مناص من مناقشة أمور الإقتصاد التى تؤثر على حياة الناس بشكل يومي مباشر . ولكن يبقي محور الفكر والهويه ومناقشة تلك التغيرات السلوكيه التى طرأت على المجتمع المصرى مؤخرًا هو أمر شديد الأهميه ونحن نتحدث عن مستقبل أجيال جديدة تفتقد لكثير من محددات الهويه الصحيحه وسط سطوة مواقع التواصل وبرامج الأنترنت التي باتت أكثر مؤثر واقعي علي عقول الصغار وأصبحت تشكل وجدانهم كما تشاء .
بين تطوير كامل للتعليم والثقافه والفن والإعلام والخطاب الديني لابد أن تدور القصه إذا كنا نريد أن نبنى إنسان قادر على صيانة مكتسبات الوطن سياسيًا وإقتصاديا وأمنيا خاصة فى أجواء مشحونه بالحروب الفكريه ومحاولات سرقة التاريخ المصري وتزييفه من الخارج والداخل . كيف نبني أجيال لديها القدره على إستكمال مسيرة الحفاظ على هذا الوطن العريق الذى يتم إستهدافه دائما عبر تاريخه لاسباب يعلمها كل قارىء جيد للتاريخ . ليناقش اهل الفكر والعلم طرق تربية الصغار بشكل يضمن لنا أن يظلوا مصريين شكلاً وموضوعًا رغم كل عوامل التعريه والتغييب الفكرى التى يتعرضون لها بشكل مباشر كل يوم .
فى تاريخنا الطويل الممتد تعرضنا كثيرًا للعديد من الأزمات السياسية والاقتصادية ولكننا لم نسقط أو تجاوزناها سريعًا بفضل تماسك الشعب المصرى وإحتفاظه بجيناته الفريده الثابته . ولكن هذا ما نخشاه اليوم اكثر من تلك العوامل الماديه العابره . لا نخاف على هذا الوطن من الفقر او تردى أحوال المعيشه بقدر ما نخاف على هوية هذا الشعب أن تُمسخ عمدًا فيسهُل كسر عزيمة الرجال وتسقط أهم ركائز الوطن وهى الإصطفاف والفداء وعشق تراب البلاد وأهلها .
على جميع من يحب هذا الوطن أن يناقش تلك القضايا بجرأه وإنفتاح فهذا فرض عين على المثقفين ورجال الدوله فبناء الانسان ليس ترفًا ولكنه أهم مقوم من مقومات الدول . فما جدوى أن تكون ثريًا فارغ العقل أو حراً بلا جذور وضوابط قيميه تحكم تلك الحريه حتى لا تتحول إلى فوضى عارمه .. كثيرًا من التركيز على ملف بناء الإنسان المصرى وأجياله الناشئه هو أفضل ما يمكن أن يقدمه الحوار الوطني اليوم لصالح هذا الوطن فليس الأمر فقط مأكل ومشرب وممارسه سياسيه ولكنها أسس يجب أن توضع لتحمى أبناء مصر من الإنسلاخ عن تاريخ وحاضر ومستقبل وطنهم .. حفظ الله بلادنا الأبيه من التغييب والتغريب . حفظ الله الوطن العزيز الغالي .