أطلقت الدولة المصرية عبر وزاره التضامن مبادرة من أهم مبادرات العصر الحديث ، وهي مبادرة “وعي” من أجل الحياة الكريمة، وبهدف نشر المعرفة، وتطوير منظومة الوعي خاصة في الريف المصري، بما يضمن العمل على إستمرار تحقيق التنمية والحياة الكريمة، عبر توحيد وتكامل خطاب الوعي الإجتماعي، والعلمي، والديني، والثقافي، والقانوني، والمستند على منظومة القيم المرتبطة بالأعراف ،والتقاليد، والمناخ الثقافي والإعلامي ، وقد جاء التعاون البناء مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لتنفيذ برنامج وعي للتنمية المجتمعية من أجل إستهداف 17 مليون مواطن بجانب النساء المعيلات، والشباب المقبل على الزواج أو المتزوج حديثا ،هو في حقيقة الامر يمثل ثورة فكر، وصحوة أمة، وإرادة سياسية لا ترضى بغير الحداثة، عبر النزول الميداني للمجتمعات الريفية والنائية، والمجتمعات العشوائية والجديدة، وبما يتوازي تماماً مع إستراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030، فمبادرة وعى تهدف إلى إستكمال منظومة التمكين الإقتصادي والإجتماعي عبر التثقيف الفكري ، بما يمثله ذلك من إحداث نقلة نوعية للمجتمع ،وبقيم جوهرية تمثل جوهر شخصية المواطن التى نبحث عنها منذ سبعينيات القرن الماضي، وكذلك بقيم اساسية تتطلبها طبيعة المرحلة،والتى تركز على المبادئ العامة، وهو ما إستندت عليه دولة سنغافورة التي لم تحقق هذه المكانة الإقتصادية العالية إلا من خلال الوعي، وخصوصاً عبر الوعي بأهمية العلم ،ووجود نظام تعليم متطور ،عبر تكوين كفاءات وخبرات ساهمت فى بناء الإقتصاد رغم عدم إمتلاك سنغافورة أي موارد طبيعية تذكر، إلا أنها ركزت على مورد واحد فقط يمثل الرأسمال الحقيقي ألا وهو الإنسان، وعبر التوجة نحو التحول بشكل كامل إلى الإقتصاد المبني على المعرفة، وتوظيف كل طالب حسب موهبته وقدراته، بما يضمن تحقيق منظومة الوعي المشتملة على تنشئة الأفراد على الأخلاق الحميدة وإكتساب المهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل، والوفاء بمسؤوليتهم تجاة وطنهم ، والأهم هو تقديرهم للجمال من حولهم، بما يسهم في تشكيل بنيان جسدي صحي متكامل. ولعل من أهم التحديات المستقبلية التي نواجهها وواجهها من سبقنا في منظومة الوعي، هي العولمة، والتحديات والمتغيرات الديموجرافية، والتقدم التكنولوجي ولعل أهم الركائز التي يجب ان نستند إليها لتحقيق ثورة في الفكر ،وصحوة للأمة، هو التركيز على القيم الجوهرية، وهي جوهر شخصية المواطن التي تعمل على تشكيل معتقداته وأفعاله، بالإضافة إلى التركيز على القيم الأساسية المتمثلة في الإحترام تجاة المجتمع، والمسؤولية تجاة النفس والغير والمجتمع، أيضاً تحقيق المرونة اللازمة لإحداث التوازن بين إظهار القوة العاطفية والمثابرة في مواجهة التحديات ،مع إظهار الشجاعة والتفاؤل والقدرة على التكيف مع مستجدات العصر، كذلك فإن النزاهة تعتبر من أهم القيم الأساسية التي تضمن التمسك بالمبادئ الأخلاقية، ويبقى أخيراً الإنسجام عبر التماسك الإجتماعي، وتقدير وحدة وتنوع مجتمع متعدد الثقافات ،لذلك فإن الندوة الناجحة التي إستضافتها جامعة بني سويف الأسبوع الماضي بعنوان “المواطنة والبعد الإستراتيجي لقوة التنوع” وبالتعاون مع وزارة التضامن الإجتماعي والمنتدى الإستراتيجي، والتي اطلقت الوزارة 12 رسالة وعي عبر المبادره الرئاسيه مبادرة وعي، ومن اهم هذه الرسائل كلنا مصريين تنوعنا قوة، وهو ما ركزت عليه الندوة الناجحة في جامعه بني سويف، والتي أكدت على أن مفهوم المواطنة لا يتقادم لأنه مفهوم شامل وعملية مستمرة من التشكيل والتطبيق والتطور ووفقاً لإحتياجات المجتمع المتجددة والمتعددة، ولأول مرة نجد ان مفهوم وعي قد إنتقل إلى الممارسات العملية، بعد ان ظل عقوداً طويلة شعارا سياسياً فقط ، مع التأكيد على أن هذا المفهوم لا يتحقق له النضوج إذا لم يكن مراعيا لأوجة الاختلافات داخل النسيج المجتمعي، ففي الحالة المصرية نجد ان مصر بلد غني بالتعددية، والتنوع وهو ما خلق حالة من الغنى والثراء الثقافي والحضاري، أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي فى خطابه الأخير بعيد العمال، وأكد عليه الدستور المصري بأن تراث مصر الحضاري بجميع تنوعاته ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، كما أكدت الندوة المتميزة ضروره البحث عن آليات لإدارة التنوع عبر التماسك الإجتماعي، والتعامل مع كل دعاوي الكراهية التي لا تفكر في مصلحه وإستقرار الوطن ،كذلك الحث على ضرورة تحقيق المواطنة ،وهي العملية الشاملة التي تتجاوز المساواة لتصل إلى العدالة بواسطة ربط الحقوق السياسية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن عملية الوصول إلى مواطنة داعمة للتنوع هو عمل يجب ان تشارك فيه أطراف متعددة على راسها الدولة من خلال التشريعات والاقرارات والتمسك بسيادة القانون ،كذلك المؤسسات الدينية عبر طرح خطاب ديني متسامح لقبول الآخر، وكذلك الفن عبر كل ما يمتلكه من أدوات تساهم في دعم التنوع الثقافي، والتركيز على المواطنة للصالح العام، كذلك مؤسسات التنشئة وهي المدارس والجامعات فعليها دور كبير في دعم ثقافة التنوع والمواطنة .وما نؤكد عليه هو أننا لن نستطيع مواجهة كل تحديات المستقبل إلا اذا كان هناك إرادة وعملا جادا مخلصاً، وهو ما نستطيع أن نلمسه فى ما تقوم به وزارة التضامن الإجتماعي وعلى راسها الوزيرة النشيطة الدكتورة نيفين القباج والفريق العلمي المساند لها ، والتي سمحوا لنا بان نقوم بتوعية أهالينا ونعرف معهم مشاكلنا وطرق حلها، والأهم هو النجاح في تقديم المنهج المتكامل للقضايا المجتمعية للإستثمار في البشر عبر التركيز على مجموعه من القيم الجوهرية والأساسية لتكون داعمة للتوجه نحو تغيير السلوكيات المجتمعية السلبية المعوقة للتنمية البشرية والإقتصادية، من اجل ضمان الوصول إلى الفئات الأكثر إحتياجا في المجتمع لتوعيتهم بالممارسات الضارة والمفاهيم الخاطئة المناهضة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 على المستوى المحلي.