ينشر موقع هارموني نيوز مقالا جديدا لـ لواء دكتور سمير فرج بعنوان F-16 فوق سماء أوكرانيا وإلى نص المقال:
وفجأة انتهى مؤتمر السبعة الكبار G7 في هيروشيما في اليابان في الأسبوع الماضي. والتي ضمت رؤساء أمريكا، وانجلترا، وفرنسا، واليابان، وإيطاليا، وألمانيا، وكندا، ليخرج منها الرئيس جو بايدن ليعلن بقراره بدعم أوكرانيا. 1,2 مليار دولار، ليصبح إجمالي الدعم الأمريكي الذي قدمته أمريكا لأوكرانيا منذ بدء الحرب 23,24 مليار دولار.
وجاءت المفاجأة الثانية الكبرى، بقرار جو بايدن بموافقة أمريكا على دعم أوكرانيا بطائرات المقاتلة من طراز أف 16 من الجيل الرابع وجاء هذا القرار كالصاعقة على دول العالم التي كانت تأمل أن تنتهي هذه الحرب التي دخلت عامها الثاني، والعالم كله يعاني من التضخم، وارتفاع الأسعار، والبطالة، وارتفاع ديون معظم الدول العالم، بسبب هذه الحرب الروسية الأوكرانية.
وكان الرئيس الأوكراني يطالب منذ مدة أن تمده أمريكا بهذا النوع من الطائرات، التي تمثل أعلى المقاتلات المتطورة في العالم، التي يصل مداها إلى أكثر من 4 الاف كم. ورغم أن جو بايدن أعلن أنه أكد على الرئيس الأوكراني ألا يستخدم هذه الطائرات في مهاجمة وضرب العمق الروسي حتى لا تضطر روسيا ان لا تتخذ من ذلك ذريعة لاستخدام القنابل الذرية التكتيكية ضد اوكرانيا، وعلى الفور بدأت التحليلات والدراسات حول إمكانية أوكرانيا استخدام مثل هذه الطائرات الأحدث تطورا في العالم. وكان السؤال الأول هل تستطيع المطارات والقوات الجوية الأوكرانية أن تستوعب إقلاع وهبوط مثل هذه الطائرات المتطورة وهل ستحتاج وقت إلى إعداد مدارج الهبوط والإقلاع لكي تلائم هذه الطائرات الحديثة لذلك من المحتمل ان تستخدم هذه الطائرات F16 من مطارات خارج أوكرانيا.
ثانيا، ما هو الوقت اللازم لتدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدام هذه الطائرات المتطورة والتي لم يسبق لأوكرانيا استخدام مثل هذه الطائرات من الدول الغربية حيث كانت أوكرانيا من قبل تستخدم طائرات الميج الروسية الصنع للدخول بها في معارك جوية ضد الطائرات الروسية الحديثة.
وبالطبع، جاءت الإجابة التقليدية أن التوقيت المحتمل هو من ثلاث إلى أربع شهور ليكون الطائر الاوكراني قادر على قيادة هذه الطائرة الامريكية الحديثة وهذا يعني بالطبع عدم قدرة أوكرانيا على القيام بالهجوم المضاد. ضد القوات الروسية في إقليم دونباس الذي كان مخطط له في الربيع، وبالتالي سيتأخر الى أواخر الصيف القادم، وثالثا جاء تساؤل اخر كيف تستطيع أوكرانيا استخدام هذه الطائرات الجديدة، وروسيا لديها سيادة جوية air supremacy على كل الأجواء الأوكرانية، وهذا يعني صعوبة إقلاع هذه الطائرات F16، وروسيا تسيطر على السماء الأوكرانية،
ورابعا يظهر تساؤل اخر كيف تنظم أوكرانيا دفاعها الجوي وقبلها بأسبوعين نجحت روسيا في تدمير أو إبطال عمل اهم سلاح جوي أمريكي وهو بطارية الباتريوت المضادة للطائرات والصواريخ في منطقة كييف العاصمة بواسطة صاروخ روسي كنجال (الخنجر) أحدث منظومات الصواريخ الروسية، وأعتقد أنها كانت ضربة قوية للقوات الأمريكية.
وأعتقد أنه في صباح اليوم التالي لتدمير أو إبطال عمل هذه البطارية، كانت هناك طائرة سي 130 الأمريكية تحمل حوالي من 70 ل 80 فني ومهندس وخبير للمعاينة على الواقع وللتحقيق في هذه الكارثة في فشل أهم قطعة سلاح في الدفاع الجوي الأمريكي. وهنا يبرز السؤال هنا كيف ستحمي أوكرانيا طائرتها الجديدة ضد الطائرات الروسية طراز سيخوي، والصواريخ الكينجال.
خامسا تأتي المشاكل اللوجستيكية، من حيث قطع الغيار وتصنيفها بالذخائر واحتياجاتها، ثم وسائل التعارف، أو كما يطلق عليها RF، وهي ترددات تطلقها الطائرات لكي لا تهاجم من وسائل الدفاع الجوي الصديقة، وهنا السؤال، هل تستطيع أوكرانيا أن تحقق كل ذلك في ثلاث أو أربع شهور قادمة. وسادسا يأتي سؤال اخر هل ستقبل أمريكا أن تخسر أحدا طائراتها F16 أمام الطائرات الروسية، مثلما حدث في مهاجمة بطارية الباتريوت.
وهناك يجي الرد وهو من أدراك أن أمريكا تريد اختبار هذه الطائرة F16 في قتال حقيقي أمام العدو العسكري التقليدي لها وهو روسيا وهنا تأتي الإجابة أن ذلك الأمر ممكن لو كان من يطير بهذه الطائرات هو الطيار الأمريكي، وليس الطيار الأوكراني الغير مدرب جيدا. وهنا يستمر الديالوج ، أن أمريكا استفادت من تدمير بطارية الباتريوت بأنها عرفت نقطة الضعف التي استغلتها القوات الروسية. ويمكن تلافيها مستقبلا، وبالتالي هي فرصة أيضا لمعرفة أي نقاط ضعف في الطائرة. F16 بدخولها، أعمال قتال حقيقية أمام عدوها التقليدي، وهو الروس.
وهنا يأتي الرد السريع أن أمريكا لا يمكن أن تفقد سمعة أهم طائرة قتال لديها. إذا نجح الروس في القضاء عليها، ولكن هناك وجهة نظر اخرى بأن أمريكا تقبل أن تظهر نقاط ضعف هذه الطائرات في القتال فوق أوكرانيا، بدلا من أن تظهر في معركة قادمة بين الروس والأمريكان.
على أي حال، فإن قرار جو بايدن أثار العالم. كله لإنه يعني ببساطة إن هذه الحرب مستمرة، وإنه لم يعد هناك أمل في المستقبل القريب أن يتوقف القتال كذلك ظهر للجميع أن أوكرانيا لن تستطيع القيام بالهجوم المضاد في الفترة القريبة القادمة لاستعادة أرضها التي فقدت 20% منها، اي ليس قبل نهاية الصيف القادم. وعلى العكس، هناك روسيا التي استولت على القطاعات الأربعة لوغانسك، دونيتسك، ذابورجيا، وخيرسون، بل وضمتها إلى الدولة الروسية، وإن القوات الروسية نجحت في فصل الشتاء الماضي في إعداد وتنظيم الدفاعات، بحيث أصبحت قادرة على صد أي هجوم مضاد أوكراني محتمل.
كما جاء استيلاء القوات الروسية على باخموت الأوكرانية بعد 442 يوم قتال ليرفع الروح المعنوية للقوات الروسية رغم أنه تم الاستيلاء عليها بقوات فاجنر، لكن ذلك رفع ذلك الروح المعنوية للجيش الروسي. وعلى الطرف الآخر حقق انخفاض للروح المعنوية. للجيش الاوكراني.
وفي وسط تلك الأحداث لا ننسى الكارثة العسكرية. التي حلت بالقوات الروسية، عندما نجحت طائرتان مسيرتان معاديتان في الوصول إلى مبنى الكرملين في موسكو، وانفجرت، فوق
المبنى العريق رمز الدولة الروسية، هذا الحدث أدى إلى عدم قيام روسيا يوم 9 مايو بإجراء الاستعراض العسكري. في الذكرى السنوية للانتصار على النازية الألمانية، كما كان يتم كل عام، واقتصر هذا العام على حفل لمدة 40 دقيقة لم يتم فيها استخدام العروض الجوية الروسية خوفا من استهداف العرض مرة أخرى بطائرات مسيرة كما، وضعت روسيا حاليا قيود على استخدام الانترنت وأساليب GPS في وسط موسكو تخوفا من احتمال هجوم ثاني بالطائرات المسيرة المعادية.
وهكذا تمضي. الأحداث، ولكن أهم ما فيها أن الحرب مستمرة، وأعتقد ان المنتصر الآن هي أمريكا الذي نجحت في استنزاف الاقتصاد الروسي لمدة عام وربع تقريبا ومازال العالم كله يعيش في اقتصاد بائس ينتظر بارقة أمل أن تنتهي هذه الحرب ويعم السلام والرخاء العالم كله.