منال الأخرس تكتب.. منارة جديدة
منارة جديدة بينما يهيم القبح ويخيم الإحباط المجال تشرق بالأفق أغرودة أصيلة من داخل دار الأوبرا المصرية تحديدا مركز تنمية المواهب بقيادة متمكنة للدكتور محمد عبد الستار وزهور ووزهرات كوراله الموهوبين ليتألق المسرح الكبير من آن لآخر ويشد الجماهير رحالهم ليكتمل العدد وتتوالى النجاحات وسط دهشة محبي الغناء الأصيل و متذوقي الجمال والفن الراقي .. رأيتم في عدة فعاليات مهمة وفارقة وآخرها احتفالية ٣٠ يونيه التي استعرضت مشاهد فنية ولوحات ملحمية بأصوات أطفال وشباب مصر من مختلف بقاعها ، امتد الحفل لأكثر من وقته المحدد وفقرات متنوعة بمصاحبة فصل البالية ليكتمل مشهد فني متكامل ما بين أداء صوتي و استعراضات معبرة لأكثر من مائة وخمسون طفل وشاب من أبناء الكورال كل موهبة منهم مشروع مكتمل لنجم ونجمة قادمون بقوة ليمنحوا الأمل في غد أكثر جمالا و روعة ولنتأكد جميعا أن نهر الإبداع بمصر لن ينضب أبدا ليروي كل حيز بها وبعالمنا العربي و كل العالم من خلال تبادل زيارات مع كافة الثقافات وكان ضمن ذلك زيارة لأوبرا الولايات المتحدة الأمريكية وكان حفل أشاد به الجميع منذ عدة أشهر تفوق فيه الفن وتآلف الذوق وتألق فيه كورال مركز تنمية المواهب وصوت الأوبرا المصرية حقا حقا مصر بخير وسوف تبقى بكل خير .. كما أحيا المركز عدة فعاليات أمام رئاسة الجمهورية بحضور لافت ومؤثر منها حفل مركز المنارة بيوم المرأة المصرية حضره رئيس الجمهورية ليخطف فريق كورال مركز تنمية المواهب قلوب الحاضرين بأدائهم الممتع والمعلن عن أصالة فنهم ورسالتهم … تلك الحالة من الإشراق والإيجابية تتزامن مع حالة عابرة _ كما أتمنى_ لظهور
فيروس فتاك أصاب حالتنا الثقافية فكانت السطحية سيدة الموقف والتقليد الأعمى والسير مع القطيع في ركب بائس يدعي قيادة المشهد وسط عزوف من ذوي الإبداع الحقيقي وأراهم ذاهبين بحماس إلى قاع المحيط ..
ثقافتنا يخاول أن يحتلها مدعون ومزيفون لعلهم يدركون أنهم وما يفعلون مصيرهم هو قاع المحيط الهادي .. وحده يليق بهم . يتلخص ما يحدث في عدة مراحل : أولها هناك من يغلقون عمدا أفق الإبداع حتى يعبث من يعبث بالمشهد ثم يسيطرون عليه هم _ كما يظنون _ و لايدركون أنهم جميعا ذاهبون حتما إلى قاع المحيط الهادي
ثانيا: ألفة التكرار تقيد المجال وتخنق الإبداع رغم تعطش المناخ إليه ورغم أنه الملاذ المضمون للخروج من عقم الواقع وملل الحاضر ..
نعلم جيدا أن هناك تراكمات نعاني من تداعياتها وسوف نعاني حتى تتغير المنظومة الثقافية فنحن للأسف نعيش في مرحلة حرجة جدا في حال ثقافتنا الأصيلة وأخشى أن نكون وصلنا للاحتضار الثقافي .. انظروا للمشهد الثقافي والإبداعي وكم كثيرة هي الأزمات !
لذا لابد من استبدال كل هذا القبح بالجمال وكل هذا العقم بالإبداع وكل تلك المشاهد المزيفة للوضع الثقافي الراهن الى أداء أرقى يليق بمصر وأهلها و شعبها ومحبيها … ولعل مركز تنمية مواهب أوبرا مصر بؤرة تشع بريقها وذوقها الرفيع لينقي الأجواء شيئا فشيئا من خلال إخراج جيل يقدر قيمة الفن الراقي والأصيل واحترام الجمهور والالتزام بقواعد غرسها القائمون عليهم في انتقاء ما يقدمون وبأداء راق براق عماده الأصالة والجودة والسمو ، سعدت كثيرا بعقد بروتوكول بين نقابة الصحفيين بقيادة مجلس نقابي استثنائي راقي يضم صفوة من شباب وعظماء وعلامات فارقة في تاريخ الصحفيين مثل : خالد البلشي وجمال عبد الرحيم و كل أعضاء المجلس الموقر بلا استثناء والذي أفخر كوني زميلة لهم ضمن عمومية الصحفيين هذا الاتفاق الذي تم من خلال اللجنة الثقافية برئاسة الكاتب الصحفي محمود كامل وبين دار الأوبرا المصرية متضمنا مركز تنمية المواهب وأنتظر طفرة فنية وثقافية قادمة تليق بكل مصري وعربي ..
وأقول للجميع مصر أجمل و أروع و أهم و لن تسامح من يستهين بها والتاريخ لن يترك شاردة ولا واردة .. تحية لكل مبدع راقي ولكل حرف نصر الحق وأنصفه فحروف مثل تلك مدادها نور يضئ ولن يطفئون هذا النور أبدا لأنه من عند الله تعالى ، فعلى كل من ساهم في ضحالة مشهدنا الثقافي الاستعداد للذهاب فورا إلى قاع المحيط الهادي حيث العدم والتلاشي فليس لديهم رفاهية أن يختاروا أي مكان بسلة مهملات العالم ليس لاتساعها أو ضيقها ولكن لأنهم يهرولون بحماس نحو القاع وللقاع أيضا جاذبية مغناطيسية قوية ولن ينجو منهم أحد .
فقط ستبقى مصر الخالدة بشرفائها وجهود كل مخلص
منال الأخرس