ماري ميخائيل تكتب.. فوبيا باردة
مثل كل يوم استيقظت صباحاً لأرى السماء بوجه شاحب ، الطيور ما زالت نائمة ، الطرقات شبه فارغة ، شعرت أن السماء كادت أن تنفجر بالبكاء.
إنه ليوم ممل كالعادة مشبّع بالروتين ، إنه الأثنين ما زال يذكرني بأني أكرهه وأنه ممل منذ كنت طالبةً في الابتدائية.
تفاصيل هذا اليوم كانت شبيهة بالأثنين لأنه أول يوم دوام في المدرسة بعد عطلة نهاية الأسبوع.
خرجت من منزلي إلى عملي الروتيني القاتل أفكر بطول الطريق ، الأرصفة فارغة ، صوت الأطفال خارج من نوافذ المدرسة الابتدائية التي أمّر من أمامها كل يوم .
بعد ستون دقيقة شعرت أن الملائكة سألت السماء ما بكِ ؟ ف انفجرت باكية.
أشعر بخوف من صوت المطر عندما يطرق على سطح المنزل أشعر أن قلبي يرتجف ويطرق بسرعة ، كان الجو كئيبٌ للغاية والهدوء طاغي على المكان كأنه مقبرةٌ مبللة ، أشعر برهبة من صوت البرق والرعد يذكرني بأيام الحرب والقذائف التي سقطت في مدينتي.
مثلما كنا نختبئ من القذيفة هاربين من الموت هكذا أختبئ في حجرتي ( غرفتي ) منعزلة منطوية على نفسي هاربة من المطر والبرد.
أكره الشتاء وكل ما يخصهُ أشعر برغبة شديدة أن أقوم بجريمة قتل به وأقتل البرد والثلج لأنني أرتدي خزانة ملابس وأبقى متجمدة لمجرد شعوري بهؤلاء الأطفال الذين لا مأوى له إلا الشارع حيث أن لا معطفاً يأويهم ولا حذاء وأنهم يأكلون من الثلج وبقايا مأكولات العالم ويشربون من المطر هنا لا شكراً للمطر إلا لأنه يروي أطفال الشوارع.
جالسةٌ أنا على طاولتي وفي حضني كراستي وقلمي أكتب الآن هذا النص ولا أعرف بأي كلمات أعبر عن كرهي الشديد للمطر.
هنا أودّع آخر يوم مشمس ودافئ ، آخر يوم صيفي طويل ، آخر ليلة صيفية ، آخر مرة أشاهد بها سماء صافية مليئة بالنجوم وآخر إجازة بحرية مرصعة برمل البحر وقوارير الجعة الباردة وآخر فستان رقيق باللون الوردي المفضل لدي.
أحمل في قلبي أيامي الصيفية التي أحب وأهرب بها إلى حجرتي أخبئها بين دفاتري وأقلامي وأضعها في حقيبةٍ صغيرة وأغلق عليها الصندوق الخشبي لتبقى دافئة خوفاً عليها من برد الشتاء وصوت المطر والرعد.
كاتبة سورية