لواء دكتور/ سمير فرج يكتب.. هل عادت الحرب الباردة مرة أخرى
انتهى اجتماع قمة حلف شمال الأطلنطي الناتو التي عقدت في ليتوانيا عاصمتها فيلينوس الأسبوع الماضي، يومي 11 و12 يوليو، لكي تظهر للجميع أن التحالف العسكري لدول حلف الناتو عاد إلى مخططات الحرب الباردة التي كانت في الخمسينات والستينات طبقا لما أعلنته وزارة الخارجية الروسية في تعليقها على قرارات قمة الحلف. وأضافت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو ستحلل بعناية نتائج هذه القمة وسترد في الوقت المناسب باستخدام جميع الوسائل والأساليب المتاحة. كما أكدت أن روسيا ستواصل تعزيز نظامها العسكري والدفاعي للتصدي لهذا لتحالف.
وكان الرئيس بايدن قد قال في حديث بعد قمة الناتو أن الحلف ظل موحدا طوال فترة الحرب في أوكرانيا، بينما كان الرئيس بوتن يراهن على أن الصراع في الحرب الروسية الأوكرانية سيفكك هذا التحالف. وأضاف بايدن أن التزامنا نحو أوكرانيا. لن يضعف وإننا سندافع عن الحرية اليوم وغدا، وأضاف انه قام بتجميع تحالف يضم أكثر من 50 دولة للتأكد من أن أوكرانيا سوف تكون قادرة على الدفاع عن نفسها الآن، وقادرة على القيام بذلك في المستقبل،
وكان حلف الناتو قد أسسته في البداية 12 دولة، من بينها الولايات المتحدة، بريطانيا، وكندا وفرنسا عام 1949 بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبح اليوم يضم 31 دولة بعد انضمام فنلندا مؤخرا. وكان إنشاء هذا الحلف في البداية هو لمواجهة التوسع السوفيتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وعلى الاتجاه الآخر قام الاتحاد السوفيتي بإنشاء حلف وارسو لمواجهة حلف الناتو. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وتفكك حلف وارسو. وجدت روسيا نفسها وحيدة أمام حلف الناتو، لذلك أعلنت روسيا قلقها بشدة من طلب أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو، خشية من اقتراب الحلف ليكون على حدودها مباشرة. ولكن تمكن حلف الناتو من الاقتراب من الأراضي الروسية في إبريل الماضي، عندما أصبحت فنلندا عضو في الحلف.
والآن فإن السويد ستصبح العضو رقم 32 بعد موافقة أردوغان على قبولها في حلف الناتو. وسيتم اتخاذ القرار النهائي. بعد موافقة البرلمان التركي في أول اجتماع له في الخريف القادم بعد أجازه الصيف، وبالنسبة لأوكرانيا، فإن اجتماع الحلف هذه المرة قرر تأجيل قرار انضمام أوكرانيا، وذلك لانه طبقا للمادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو التي تنص على أنه إذا تعرض أحد الأعضاء للهجوم، فيجب على جميع أعضاء الحلف الدفاع عنهم، وإذا أصبحت أوكرانيا حاليا عضو في الناتو، فهذا يعني على الفور دخول جميع أعضاء حلف الناتو ال31 في حرب مع روسيا فورا وبالتالي ستتحول الي حرب عالمية ثالثة.
لذلك قرر الحلف في هذه الجلسة. تأجيل مسألة انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو إلى ما بعد الانتهاء من الحرب مع روسيا، ومن هذا المنطلق زود العديد من الأعضاء في الحلف أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة، حيث ترى هذه الدول أنها تريد مساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد روسيا.
ومن هذا المنطلق، أرسلت الولايات المتحدة إلى أوكرانيا القنابل العنقودية لمساعدتها في اختراق الدفاعات الروسية في هجومها المضاد. وقد أثارت هذه الخطوة الكثير من الجدل، حيث أن هناك أكثر من 120 دولة وقعت على معاهدة حظر استخدام. هذا النوع من القنابل العنقودية، (الانشطارية) بسبب ما تمثله من خطر على المدنيين. كذلك، أرسلت الولايات المتحدة 31 دبابة من طراز M1A1 وأرسلت المملكة المتحدة 14 دبابة تشالنجر 2 وألمانيا 14 دبابة ليوبارد. 2 وأرسلت النرويج ثماني دبابات ليوبارد و كذلك أرسلت الولايات المتحدة العربيات القتال المدرعة برادلي وأنظمة مدفعية صاروخية من طراز هيمارس ذات المدى الطويل 80 كيلو وبطاريات الباتريوت المضادة للطائرات والصواريخ الباليستية. وأخيرا جاءت الضربة من الولايات المتحدة بإمداد أوكرانيا بطائرات. F16 أمريكية، ولقد فرضت الولايات المتحدة قيودا على أوكرانيا لإمدادها بهذه الأسلحة، بأن تتعهد أوكرانيا، عدم استخدام هذه الأسلحة لضرب العمق الروسي لأي سبب من الأسباب،
وبالطبع ظهرت مشكلة تدريب الطيارين الأوكرانيين. على قيادة طائرات F16، والتي سوف تستغرق عدة شهور، لأن هؤلاء الطيارين كان يستخدمون من قبل للطائرات الميج الروسية الصنع، وعندما بدأت أوكرانيا الهجوم المضاد لاستيعاب الأراضي التي فقدتها وتمثل 20% من أراضيها في مناطق لوهانسيك دونيتسك زابورجيا وخيرسون تمام، كان تحليل جميع الخبراء أن هذا الهجوم لن ينجح لعدة اعتبارات،
أولا، عدم وجود غطاء جوي لأوكرانيا لتنفيذ هذا الهجوم المضاد، كذلك أن القوات الأوكرانية. تفتقد التفوق العددي على القوات الروسية التي نظمت دفاعاتها خلال فترة الشتاء. وأصبح من الصعوبة اختراق هذه الدفاعات المنظمة، وكان على أوكرانيا، على الأقل، انتظار وصول طائرات F16 الأمريكية للمعاونة في تنفيذ الهجوم المضاد ضد الدفاعات الروسية، وهكذا أصبح الجميع ينتظر أن تنجح القوات الأوكرانية في الهجوم، المضاد في الفترة القادمة لتحقيق نجاحات رئيسية تحقق لها الوقوف في أرض صلبة، في حالة بدء مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، ورغم تلويح روسيا بالتهديد باستخدام القنبلة النووية التكتيكية. إلا أن الجميع يعلم أنها خيار غير مطلوب، لأنه سوف يدخل العالم في حرب عالمية ثالثة، وقد أثير في مؤتمر الناتو جملة قالها رئيس وزراء بريطانيا ريتشي سوناك عندما خاطب الرئيس الأوكراني قائلا له نحن لسنا في محلات أمازون. نعطيك كل ما تطلبه على الفور من الدعم العسكري، وكانت هذه الجملة قد عبرت عن رأي العديد من الدول الأوروبية التي ترى شعوبها. أنا بدأت تشكو من قيام حكوماتهم بتقديم الدعم اللامحدود إلى أوكرانيا.
وبالطبع أثر على اقتصاد هذه الدول. لذلك كانت هذه الجملة مؤشرا خطيرا في ذلك المؤتمر على ان الدعم الأوروبي الي أوكرانيا لن يستمر طويلا رغم الإعلان في مؤتمر الناتو بسبب ضغط الشعوب الأوروبية على حكوماتهم في الشهور القادمة على أية حال انتهى المؤتمر ولكن ما زال الجميع يبحث عن طرق جديد لإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.