نحات المنيا يبهر سفير الفاتيكان والبابا بالقاهرة باعماله القبطية
على هيئته أنه تراثي قديم ربما قد ورثه عن أحد والديه.. فضبطه على إذاعة الأغاني القديمة، لينطلق صوت محمد فوزي مغردا “جاني اللي بحبه جاني.. وفرحت بقربه تاني.. ومين يا قلبي ينسى حبيبه الأولاني.. جاني اللي بحبه جاني”.
تلك الحالة الروحانية الجميلة، اعتاد “هاني جمال”، الفنان تشكيلي – من محافظة المنيا – أن يخلقها لنفسه في كل مرة تطأ فيها قدماه الأتيليه الخاص به، فبعد أن أنهى
دراسته في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا عام 2008، احترف الرسم والنحت على الجدران، بالإضافة إلى نحت التماثيل، ففي خلال سنوات دراسته تعرف على جميع عصور الفنون،
الفن الإسلامي، الفن القبطي، الفن اليوناني الروماني، وغيرها من الفنون، لكن نوع واحد فقط هو الذي مس قلبه، واهتم به، وبات يمارسه بمشاعره وهو “رسم ونحت الأيقونات القبطية”.
منذ الصغر، كانت ترافقه الأيقونات القبطية في كل جهة من الكنيسة، فكان يعتبرها رمزا لحضور الله في كنيسته، وكانت الأيقونة بالنسبة له تُعبر عن اتصالا حقيقيا مع الله، وليست مجرد فنا دينيا تتزين به الجدران ويتأمله الناس كأى
معرض فني، والآن وبعد خمسة عشر عاما من ممارسة فن النحت، استطاع “هاني” أن يكشف عن عمق الأيقونة المسيحية وروحانيتها، واستطاع أن يرتقي بهذا الفن إلى مستوى الاتصال بأسرار الأيقونات القبطية، وأن يوصل الرؤيا التي تعبر عنها.
عمل “هاني” في أكثر من كنيسة، لكنه واجه تحديا كبيرا أثناء تصميمه بانوراما لحياة السيد المسيح في إحدى الكنائس بشيراتون، بعرض 12 مترا في ارتفاع 30 سم، وكانت مطلوبة بطابع قبطي مصري، على الرغم من أن كل الإمكانيات كانت متاحة بالطابع الأوروبي.
وبدأ “هاني” في جمع معلومات وبدأ بالعمل عليها حتى شرع في رسم التصميم من البداية ليظهره بالطابع المصري، وبالفعل نفذه في أفضل صورة، أثارت إعجاب البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك
الكرازة المرقسية، عند رؤيته لها فطلب هاني وصافحه خلال افتتاح مذابح الكنيسة، وكان تعليقه أنه لأول مرة يرى مذبح بشكل جديد ومختلف عن كل المذابح الموجودة بباقي الكنائس، مع الاحتفاظ بالطابع الديني له.
وتختلف أشكال الأيقونات على حسب الشخصية التي تعبر عنها، فيوضح “هاني” أن هناك أيقونات ثابتة الشكل والملامح مثل أيقونات القديسين التي لها شكل محدد، لذا لا يستطيع النحات أن يلعب في أي جزء من الملامح لأن حينها
ستتغير الشخصية معها، أما بعض الأشكال الأخرى مثل بانوراما السيد المسيح فهي تحكي قصة، يمكن أن يتم تغيير الأشخاص بها نظرا لوجود أشخاص غير معروفين أو غريبين، لذا يمكن هنا تغيير ملامح الأشخاص، وحركاتهم على حسب خيال النحات.
ويستغرق التمثال الواحد من الفنان التشكيلي في نحته وتجهيزه نحو ثلاثين يوما، لكن يؤكد “هاني” أن هناك بعض التماثيل استغرقت معه ثلاثة أيام فقط في صنعها وهو ما يعتبره إنجازا كبيرا قام بتحقيقه، متمنيا أن يتكرر معه ذلك كثيرا حتى يستطيع إنجاز الكثير من الأعمال في وقت أقل.