دكتور سمير المصري يكتب.. لحن الوفاء
الذنوب والمعاصي تضر وقد اتفق العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا كبيرة ، وجعل الله سبحانه وتعالي لها عقوبات على قلب العاصي وجسده ، وعلى دينه ، وعقله ، وعلى دنياه وآخرته ، فهذه هي الذنوب والمعاصي .إن الوفاء من شيمة الكرام ، ، دليل المروءة ، اما الغدر فهو علامة الدناءة والحقارة والذلة ، فقد رأيت الحر يجتنب المخازي .. .. ويحميه عن الغدر الوفاء .لقد خلق الله الناس بين الوفاء والغدر درجات ودركات ، فمنهم من يحفظ المعروف ولو … بلقمة ، أو حتى مواساة بكلمة أو ببسمة، ومنهم من لا يرعى ودا ولو طال ، ولا معروفا ولو عظم ، لو ألقمته عسلاً عض إصبعك ، فالخسيس لا يفي ولو فديته بالرمح . أن الوفاء عزيز، وهو كذلك منذ زمن ، ولقلته بين الناس قال تعالى: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.وقد عز في هذا الزمان ، لقد ذهب الوفاء فما أحس وفاء .. .. وأرى الحفاظ تكلف ورياء .إن الوفاء من أروع الصفات التي يتحلى بها المرء ، هو علامة الإخلاص والعطاء وحفظ العهود ،هو بعيدا عن الخيانة والغدر ، وهو يقرب الناس إليك فيحبونك ويقدرونك ،
لقد كان له قيمة عظيمة في حياتنا ، وقدر كبير ، ان الوفاء أخو الصدق والعدل ، والغدر أخو الكذب والفجور . لقد كانوا يرون الغدر لؤما وخسة ، والوفاء مدحة ورفعة.و الوفاء بالعهد من الإيمان: فقال تعالي {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم}، وقال: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها}، وقال: {ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما}.وقال في الوفاء بعهود الناس: {يا أيها لذين آمنوا أوفوا بالعقود}، وقال: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا}. إن الآيات كثيرة تغني كثرتها عن كتابتها ، وتلوح معانيها في الافق البعيد حتي تقترب ، وتقرب النفوس ، وتؤكد علي الخصال الحميدة ويبعدنا عن كل ماهو غادر وكاذب. إن الناس في الوفاء بالعهد طبقات، ودرجات، وهم في الغدر والخيانة دركات ، فشعب لا يعرف الوفاء، شعب لايعرف التقدم ، الكريم إذا وعد وفى ، فأمهل الوعد وعجل بالوفاء . فلا ترم حجراً في البئر التي شربت منها ، واعلم أن الوفاء من شيم الكرام والغدر من صفات اللئام. سيدي …. عندما يخونك أحد من الناس، قف رافعاً رأسك ولا تنحني لأنك أنت من فزت بالوفاء. فخيانة المرأة التي أحبها، لا يساويها إلا وفاء المرأة التي تحبني ، فلا يقاس الوفاء بما تراه أمام عينك، بل بما يحدث وراء ظهرك.
أن لسانك موقفك فلا تهنه، ولا تكثر في وعدٍ لا تستطيعُ الوفاءَ بهِ، أو وعيدٌ لا يجد ما يدعمه في قدرتك ، ان الذي لا وفاء عنده لإخوانه عند نزول المحن بهم لا وفاء عنده لأمته عندما تحتاج إليه ، ان الدنيا مسألةٌ حسابيةٌ، اطرح منها التعب والشقاء، واجمع لها الحب والوفاء، واترك الباقي لرب السماء. أي حبٍ هذا الذي يجرفك طوفانه حين يجيء، ويقتلك ظمأً حين يذهب، فلا يملك من أجلك قطرة وفاءٍ للماضي …
لقد رأيت بنفسي الحُرّ يتجنب المخازي، ويحميه عن الغدرالوفاء ، ان الحياة بلا اخلاصٍ وقاحةٌ لا تنتهي ، إن الجمال هو الإخلاص ، و أجمل ما يمكن أن تهديه في حياتك هو العفو عن عدوك والصبر علي خصمك والقدوة الحسنة لطفلك والإحسان لوالديك والإحترام لنفسك
ان الأفضل علي الإطلاق هو الإخلاص لكل هذ ، فهل تعلم ان السعادة الحقيقية لا تتحقق أبداً من إشباع رغباتنا وتحقيق أمنياتنا فقط ، ولكن تتحقق بالإخلاص لهدفٍ يستحق ذلك. لا تقاس العلاقات أبداً بطول العشرة، ولكن تقاس بجميل الأثر وجميل الإخلاص والمحبة، فكم من معرفةٍ قصيرة المدى لكنها بجمالها وهدوئها أعمق وأنقى بكثير من أطول معرفة. فمن يقدم لك الإخلاص إياك أن تهمله أبداً، لأن هذة النوعية من القلوب على وجه الإنقراض ، ان الإخلاص عملةٌ نادرةٌ في مجتمع المادة الغير أخلاقي
إن كان قلبك ينبض بالحب الحقيقي وبالإخلاص فلا تتخاذل أبداً، لأن التخاذل هو الخيانة ولكن بحروفٍ مختلفة فقط. انه من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في عصر الخيانة ، وتبحث عن الحب في قلوب جبانة. فهل انتم تعلمون ان الإخلاص في قلوب الرجال أكثر أهمية من النجاح.
الخلاصة
الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله ، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله ، إن هذه الحكمة تتسم بطابع القانون والمنهج الذي يقوم حياة الفرد ويصلح المجتمع . فإن افراد المجتمع الواحد – فضلا عن المجتمعات المتعددة القومية واللغة والدين والعقيدة والتوجهات السياسية – مختلفة متعددة تجعل الاختلاف في الطبائع والضمائر امرا مألوفا طبيعيا، مع انه امر لا تقره الفطرة السليمة ان تجاوز الحد ، لأن الطبائع والضمائر البشرية تكاد تتفق او تتوافق على شاكلة واحدة وهي التي يعبر عنها بالفطرة السليمة الطيبة والانسانية وحب الخير الفطري ، ونحو هذه التسميات التي تؤدي مضمون فكرة واحدة وهي التعامل الايجابي من دون تكلف او تصنع وانما يأتي منسجما مع القناعة الشخصية بضرورة ذلك التعامل الطيب.مَن مِنَّا لا يقدِّر الوفاء ! ؟ فهذه الخصلة ليست نادرة وحسب، بل إنَّها لا تجتمع لشخصٍ إلَّا وفيه من كريم الأخلاق ما يؤهله ليكون وفيّاً، كما أنَّ في الحنثِ وقلَّة الوفاء ألمٌ كبيرٌ لنا جميعاً، فإن الوفاء خصلة الكرام، وإن كان الوفاء شراع سفينة الحبِّ فهو في الصَّداقة كلُّ الصَّداقة، وما أن يأخذ الغدر له بين الأصدقاءِ محلَّاً حتَّى تنقلب الصداقة عداوة.
فَمَا كلُّ مَنْ تَهوَاهُ يَهوَاكَ قلبهُ، ولا كلُّ مَنْ صَافَيتَه لَكَ قَدْ صَفَا
إذا لَم يكُنْ صَفو الوِدادِ طَبيعةً فلا خَيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
ولا خيرَ في خلٍّ يَخونُ خَليلَهُ ويلقاهُ مِن بَعدِ المودَّةِ بالجَفا
سَلامٌ على الدُّنيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعدِ مُنْصِفَا