آراء حرة

دكتور محمد علي الطوبجي يكتب.. هل ستتدخل مجموعة ايكواس عسكريا في النيجر؟

سوف تكون مجموعة ايكواس أو المجموعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا في منتهي الرعونة والحماقة إذا هي تدخلت عسكريا في النيجر لاستعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم، والقضاء على الانقلاب العسكري الذي اطاح به. هذه ليست مهمة ايكواس ولا دورها حتي تعطي نفسها الحق فيه.. وإذا كانت دول ايكواس تجتمع علي مدار الساعة منذ حدوث هذا الانقلاب ، ولا تكف عن تهديد المجلس العسكري الحاكم بالتدخل عسكريا لإقصائه من السلطة واستعادة الشرعية الدستورية إلى النيجر ، فإنها تفعل ذلك بتحريض مباشر من فرنسا ورئيسها ماكرون لها.. فهو يحاول تحميلها بهذا الدور وتوريطها فيه ليتجنب الدفع بقواته للقيام به وهي التي ترابط بالآلاف في قواعدها العسكرية والجوية داخل أراضي النيجر ومع ذلك فإنها لم تتحرك لتحبط هذا الإنقلاب في ساعاته الأولى وذلك لتأكد ماكرون من أنها سوف تتعرض لمجزرة كبيرة قد تكلفه ثمنا سياسيا باهظا سوف يتحمل كامل المسئولية عنه كرئيس أمام شعبه.. وهو ما أجبره على التراجع وتخفيف لهجته.تاركا هذه المهمة لغيره لينجزها بالنيابة عنه رغم أنه سوف يكون المستفيد الأول منها إذا قدر لها أن تنجح ، ويبدو أن ايكواس قد ابتلعت الطعم بتصدرها للمشهد الآن. ثم وهذا هو تساؤلي ، ما الجديد أو المفاجئ في ما حدث في النيجر وهذه الإنقلابات العسكرية وكما نعلم هي ظاهرة شائعة ومتكررة في الكثير من البلدان الافريقية وليست جديدة عليها حتي يثير إنقلاب النيجر كل هذا الاستغراب والاستنكار والشجب له إفريقيا ودوليا وكأنه حدث وسط واحة من الديموقراطية ؟

  ومن ناحية أخرى، وحتي تكتمل الصورة أمامنا ، فإن الديموقراطية التي يتباكون عليها بعد إنقلاب النيجر لا تقاس ولا يجب أن تقاس بما إذا كان الجالسون على مقاعد السلطة مدنيين أو عسكريين ، فقد يكونوا أسوأ من بعضهم والأمثلة على ذلك كثيرة ، فالدكتاتورية هي الدكتاتورية مدنية كانت أو عسكرية بأساليبها القمعية والاستبدادية وبتنكرها لكل وسائل التعبير الحر عن الراي ، وإنما تقاس الديموقراطية في أي مكان في العالم بمدى وجود مناخ حقيقي من الحريات العامة المدنية والسياسية وبالأخص حرية التعبير عن الرأي والرأي الآخر دون خوف ، وكذلك بمدى سيادة الدستور والقانون ، وحرية الإعلام ، واستقلال القضاء ، وإحترام الإرادة الشعبية باعتبار أن الامة هي مصدر السلطات ، وبتفعيل أدوار السلطات العامة وإخضاعها للمساءلة بالآليات الرقابية المتعارف عليها في نظم الحكم الديموقراطية. ، الخ… حتي إذا ما توفرت كل تلك المعطيات والشروط وبالشكل المناسب ، فإنه تكون هناك وقتئذ قضية تستحق الدفاع عنها والتضحية من أجلها سواء في النيجر أو في غيره من الدول والمجتمعات… …

  ولا يخالجني شك في أن تدخل ايكواس عسكريا في النيجر سوف تكون له تداعياته الكارثية الأكيدة ، ولن يمر بسلام، بل وقد يفجر حربا واسعة في هذه المنطقة الحساسة من العالم، حرب تتم بالوكالة لحساب قوي خارجية معينة ، بينما ستكون الشعوب الإفريقية التي ستمتد تداعيات هذه الحرب إليها على رأس ضحاياها وأكثر الخاسرين فيها

دكتور محمد علي الطوبجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى