دكتور محمد علي الطوبجي يكتب.. كوريا الشمالية ونظام حكمها الفردي المستبد
لا اخشى على السلم والأمن الدوليين من الصين ، ولا أعتقد أن لها مصلحة في إثارة حرب نووية ضد الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين والاوروبيين ، فللصين قيادة سياسية تزن قراراتها الخارجية. َوتدير الأزمات الدولية التي تكون طرفا فيها بمنتهي العقلانية والحرص والحذر لاحتواء تداعياتها وللابقاء عليها تحت السيطرة ، وقد نوهت بذلك مرارا في كل ما كتبته واكتبه عنها…
لكن خوفي الاكبر هو من كوريا الشمالية ونظام حكمها الفردي المستبد الذي يفتقر الي هذا المستوي من الحكمة والعقلانية والقدرة علي ضبط الاعصاب كما تفعل الصين، ، ويتصرف من منطلق احساسه بالتهديد المستمر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وتآمرهم عليه وهو ما داب علي المجاهرة به وعدم اخفائه.، وهو ما يفسر تعمده اطلاق صواريخه الباليستية ذات الرءوس النووية في سلسلة من التجارب المتلاحقة قاصدا منها ردع خصومه برفع تكلفة المخاطرة بالنسبة لهم وهو ما يبدو انه قد نجح فيه حتي الآن.. حتي انه لا توجد دولة نووية اخرى في العالم قادرة على مجاراة كوريا الشمالية في هذا الصدد..وأما كيف يمكنها أن تجري كل هذه التجارب النووية المكلفة في ظل الحصار الاقتصادي والتكنولوجي الصارم المفروض عليها ، فتلك قضية اخري تستحق التوقف عندها والتفكير فيها لفك طلاسمها والغازها. وما اخشاه هو أن يعمد الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج اون في لحظة ياس ، ولكسر الحلقة المفرغة التي اجبروه علي الدوران فيها ولسنوات طويلة بابقائهم عليه منبوذا ومعزولا ومقاطعا دوليا بكل أنواع العقوبات والاجراءات الانتقامية ، الي المجازفة بشن هجوم نووي استباقي دون اكتراث بما يمكن أن يكون لمثل هذا الهجوم النووي من عواقب وتداعيات كارثية.قد تصل إلى حد تدمير كوريا الشمالية تدميرا شاملا ونهائيا وهو ما سبق لامريكا ان هددته به وحذرته منه لترهيبه وكبح جماحه ولارغامه علي وقف تجاربه…. ومما يرفع من هذا الاحتمال علي فظاعته وكارثيته ولاعقلانيته ، هو أنه مع نظام قمعي عنيف لا يقيم وزنا أو اعتبارا للحياة الانسانية باي شكل من الاشكال كهذا النظام ، فان كل السيناريوهات بما فيها اسواها علي الاطلاق تصبح واردة.. وعندما يتعلق الأمر بالحرب النووية ، فان الرئيس الكوري هو وحده من يملك سلطة اتخاذ مثل هذا القرار بالحرب مهما ترتب علي تنفيذه من تكاليف أو من مخاطر وتبعات…فالخيوط كلها في يده وصلاحياته مطلقة ولا دور للمؤسسات البرلمانية في دولته.. وهذه كارثة اخرى بحد ذاتها…فالدولة كلها يمكن اختزالها في شخصه.. وفي تصوري أن الغرب يخطئ اذا ظل علي اعتقاده بانه باستمرار تعنيف ضغوطه علي النظام الكوري الشمالي، بسياسة لف الحبال حول رقبته لخنقه والتعجيل بسقوطه وانهياره ، فان ذلك هو ما سوف يضمن بقاء هذا النظام الدكتاتوري مشلولا ومعزولا داخل حدوده… فهذا تصور خاطئ من اساسه ، لانه مع تصاعد الضغط عليه فقد يحدث الانفجار الذي سوف يكون نوويا هذه المرة ، وهذا هو اكثر ما يثير الخوف من محرقة نووية قد تكون بدايتها من بيونج يانج….. … ..
دكتور/محمد على الطوبجى