دكتور محمد علي الطوبجي يكتب.. نكبة درنة
ما تعرضه قناة الحدث العربية الفضائية الليلة من مشاهد مروعة بل ومذهلة لما أحدثه الاعصار الذي ضرب مدينة درنة في شرق ليبيا وأحدث فيها هدا الكم الهائل من الدمار خلال ساعات معدودة ، هو أمر يفوق الخيال ويكاد لا يصدقه العقل.. فالضحايا بعشرات الآلاف ، واعداد المفقودين تتجاوز المائة الف.. والمدينة فقدت معالمها تماما ، وتكاد تكون قد ابيدت وانتهت بعد أن توقفت كل مظاهر الحياة فيها وأصبح في حكم المستحيل الدخول إليها أو الخروج منها بفعل السيول الجارفة التي غمرتها واصابتها بالشلل التام وحولتها إلى مدينة أشباح تفوح منها رائحة الموت في كل مكان. هذه واحدة من أبشع وأفظع النكبات الطبيعية التي حدثت في العالم خلال سنوات طويلة… وقد لا تضاهيها من حيث عنفها وضراوتها سوي كارثة تسونامي المعروفة . ، والتي كانت حديث العالم كله وقتها..وجاءت كارثة اعصار دانيال في ليبيا الآن لتغطي عليها…ولتشد انتباه العالم كله اليها.اشاهد كل هذا الدمار البشري والعمراني في ليبيا العزيزة علينا جميعا بقلب يعتصره الحزن والاسي ، وباحساس عميق بفداحة الفاجعة الانسانية التي المت بها وبشعبها الوديع المسالم والمحب للحياة. والذي له في قلوب المصريين اعز الذكريات التي تكونت عبر تاريخ طويل وحافل من العلاقات الودية المتميزة بين الشعبين المصري والليبي.. فضلا عما يجمعهما ببعضهما من علاقات نسب ومصاهرة…
وفي الحقيقة أن المطلوب في هذه اللحظات العصيبة كثير جدا ، فكارثة هذا الإعصار بما خلفته من دمار يفوق الحصر ما تزال اكبر بكثير جدا من كل الجهود والامكانات المتاحة للحكومة الليبية ، ولا نعني بذلك الامكانات المالية وحدها وإنما الامكانات بصورتها الشاملة والتي لم تكن ماثلة في الحسبان قبل وقوع هذه الكارثة ، وسوف تستغرق عمليات الانقاذ الشاقة والمضنية ، وإعادة تاهيل المناطق المدمرة وقتا طويلا قبل ان تدب فيها الحياة من جديد، وهو امر يصعب تصوره الآن لفداحة اعبائه وتكاليفه ومستلزماته.، الخ.
وحسنا فعلت مصر وقيادتها السياسية التي كانت كالعهد بها دائما علي مستوي الحدث، وسارعت الي تقديم كل ما امكنها تقديمه من مساعدات اغاثية واقامت جسرا جويا كبيرا بدا علي الفور في نقل فرق الانقاذ والاسعاف وغير ذلك من المواد الطبية والغذائية، وكان رئيس اركان القوات المسلحة المصرية في مقدمة كبار المسئولين المصريين الذين وصلوا الي المنطقة التي اجتاحها الاعصار لتقديم واجب العزاء ولتقييم الموقف فيها علي حقيقته حتي يمكن لمصر أن تواصل دعمها بكل الوسائل الممكنة للاشقاء الليبيين في محنتهم .. وهو واجب إنساني مقدس لا يمكن لمصر التخلي عنه او التقصير فيه ، وسلمت ليبيا والمغرب واقطارنا العربية جميعا من كل شر.. ولله الامر من قبل ومن بعد..كان الله في عون ليبيا وشعبها علي ما هم فيه الآن من هم وكرب وابتلاء… نكبة طبيعية مكتملة الاركان داهمتهم على غير انتظار ودون سابق استعداد.. النكبة اكبر بكثير من قدرة ليبيا علي التعامل معهاَ بالاعتماد على إمكاناتها الذاتية وحدها.. وعلي المجتمع الدولي ان يتفاعل مع ظروفها الصعبة وان يقدم اليها كل المساعدات الاغاثية اللازمة لها… وهذا هو ما تطلبه الحكومة الليبية منه الإن وتلح في طلبه دون استشعار منها لاي حرج. .. المشاهد مروعة ، والكارثة فظيعة ومرعبة ، والخسائر هائلة ، والليبيون يعيشون مع كارثة هذا الاعصار الجامح أسوأ أيام حياتهم.. قلوبنا جميعا معهم تدعو لهم..
دكتور/ محمد على الطوبجى