الشاعر أحمد حسن آل ياسين يكتب..فلسفة العتاب وتسطيح القضية
بخصوص ظاهرة العتاب للآخر، ونموذج لهم:
– اللاعب محمد صلاح..
– الحكام العرب.
مسألة العتاب في حد ذاتها هو بُعْدٌ عن القضية الرئيسية، وأشبه بحالات الإنكار والإسقاط في الواقع.
حين لا يكون بأيدينا شيء يمكننا فعله فإننا نحاول أن نبتكر أشياء يمكننا فعلها، ولا تكون مهمة للقضية في الواقع بقدر ما هي تنفيس لمشاعرنا الغاضبة العاجزة عن التنفيس.
ومن ذلك اختراع قضية العتاب للآخر وتوجيه اللوم له ونقده لأنه لم يتخذ نفس استجابتك، وفي ظني أن المعاتب يحمل نفس طاقة المعاتَبَ في الغالب (وأكرر: في الغالب، وليس دومًا والله أعلم).
بمعنى أن معظم من تفرغوا للهجوم على لاعب مثل محمد صلاح هم أصلاً مذنبون من جهتين:
– أولاً: هم اختاروا محمد صلاح لأن طاقته وطاقتهم متشابهة، وهذا يدل على أنهم لو كان عندهم 10% من مكتسبات محمد صلاح في صمته، لصمتوا هم الآخرون بدون مشكلة. أرجو أن تنتبهوا لهذه النقطة جدًا لأنها متعلقة أيضًا بصمت الحاكم. وهناك جزء من اللوامين ممن يمشون في الزفّة فقط، ومتى وجدوا أي تعبيرات نفسية جاهزة للتنفيس استخدموها، فهم لا يقصدون اللوم نفسه، بقدر ما يقصدون استخدام المفردات الموجودة للتنفيس والمشاركة في القضية.
– ثانيًا: توجيهك اللومَ إلى لاعب الكرة توجيه غير مفهوم في الواقع، فالرجل قدم نفسه للجميع كلاعب كرة، ولم يقدم نفسه كمنقذ اجتماعي ولا مصلحٍ ولا أي شيء .. ولكن نحن بعقلية الجمهور -الفاسدة في الغالب- قدسناه ومنحناه (برضاه وغصبًا عنه) ميزات ونياشين إنسانية ومجتمعية وشجعناه في المباراة بنفس كمية التشجيع كما لو أنه يحرر القدس، واعتبرنا -بدون سنَدٍ منطقي- أن انتصاراته الكروية تضيف إلى مكانة العرب وثقافتهم وقوتهم..
هذه كلها أوهام نحن اخترعناها لأن عقلياتنا المعاصرة أصبحت صنيعةً لجهْد غربي مكثف في تسطيح عقولنا واهتماماتنا، ونفس الصانع الغربي المجتهد في ذلك هو الذي يسترضيه صلاح بصمته أو لنقل: الذي يطيعه صلاحُ في صمته، فلماذا تلوم شخصًا يطيع نفس الجهة التي أطعتَهَا أنت بنفسك فيه (أي في شأن صلاح) من قبل.
… ثم لما افقنا من وهمنا صرنا تتلذذ بعتابنا له وهذا يشرح لك حجم المرض النفسي الذي نعاني من سيطرة حيلِهِ علينا.
…
أما بالنسبة إلى الحكام والمسؤولين وصمتهم فالمسألة التي أؤمن بها أن الحاكم ما هو إلا تلخيص إنتاج طاقة عموم الشعب الذي يحكمه، الحاكم ليس عبدًا لدى الغرب ولا هذه الأمور في الواقع، إنما الحاكم صنيعة طاقةِ شعبه؛ الطاقة المنتشرة! (حتى لا يقول لي أحد: هناك ناس طاقاتهم مختلفة وهذه الأمور…) في الواقع:
1- لا أحد يستطيع أن يحكم إن كانت طاقته مختلفة، إلا بعد خوض التجربة، فكثير من الثوار المخلصين حين اقتربوا من الحكم أفسدوا أكثر من الملِك الذي ثاروا عليه.
2- الطاقة العامة وحشٌ يتغذَّى على من تحت يدِهِ سواء أكان شعبًا أو حاكمًا، ولذلك ففي الغالب يتصرف الحاكم بأسلوب طاقة عامة مسيطرة على شعبه، وكما تكونوا يولّى عليكم..
..
أعتقد أن الأسلوب الوحيد الذي ينبغي اتباعه الآن هو تركيز طاقاتكم الفكرية والدينية في محاسبة أنفسنا أولاً في سلوكياتنا وأفعالنا وخلواتنا، وهل نحن ندافع عن القضية الفلسطينية التي شرحها لنا القرآن أم أنها مجرد فرصة لتنفيس نفس الطاقة التي تستطيع مباراة لمحمد صلاح أن تنفّسها، بل ورأينا كبارًا ناضجين ينفقون فيها وقتًا وشتائم ومعارك تخبرك الآن بالحجم الفعلي في طاقة تأثرهم بالقضية الفلسطينية!
…
المسلمون الآن يملكون قبلةً واحدة، ولديهم طاقات يمكنهم توجيهها في موجات وفوتونات حيوية خمس مرات حقيقية في اليوم الواحد إلى هذه القبلة، مما يجعلها مصدرًا مهمًا في معالجة الجرح الفلسطيني في جسد الأمة، بل كل جرْح آخر… ومع ذلك نحن مقصِّرون في هذه المقدمة البسيطة، لكننا نصر على أننا قادرون على معالجة القضايا الكبرى بطاقة الفكاكة والحيل المرَضية بالإنكار والإسقاط
الشاعر أحمد حسن إل ياسين