دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..استهداف مصر من قبل قوى دولية واقليمية عديدة
استطيع أن أقول تأسيسا على ما تؤشر به شواهد الواقع ، وهذا السيل المتفجر حولنا طول الوقت من حروب وصراعات وأزمات ، والكثير منها ليس عفويا وإنما مخططا ومدبرا ، أن مصر مستهدفة من قبل قوى دولية واقليمية عديدة ، وهذه القوى المتآمرة عليها تعمل مع بعضها ضمن دوائر عديدة متشابكة وبدرجة يصعب فصلها عن بعضها.. أما لماذا مصر مستهدفة ، فلأنها استطاعت في الظروف الصعبة والحافلة بالأخطار والتحديات التي تمر بها هذه المنطقة منذ سنوات ، أن تبقي متماسكة أمنيا ، وأن تظل واقفة علي قدميها لتقوم بما يجب أن تقوم به لنفسها حتي لا تلقي مصير غيرها من الدول التي تعثرت وأنهارت ولم تقم لها قائمة بعدها. وربما تكون هذه المؤامرات والمخططات الدولية والإقليمية الشريرة قد وصلت ذروتها بما يحدث الآن في غزة من حرب إبادة شاملة وتهجير قسري ومن ترويع وترهيب لإخلاء غزة وتفريغها من شعبها ، وهي حرب ليست ككل الحروب التي سبقتها ، فهي حرب قد تنتشر حرائقها وتمتد نيرانها إلى مدي أبعد من حدود غزة بكثير وبما قد يتعذر اخماده أو احتواؤه.. ولا أعتقد أن مصر وقيادتها السياسية غافلة عن كل هذا الذي يحاك لها ، أو التي يراد استدراج مصر إليه أو توريطها فيه ، بفتح المزيد من الجبهات لاستنزافها وإرباك خططها والتشويش على رؤيتها حتي تضل طريقها إلى أهدافها بإخراجها من المسار الوطني الذي تتحرك فيه. ولتفقد تماسكها كدولة وطنية قوية وموحدة… وهذه هي الغاية النهائية والهدف من كل ما جرى وما يزال يجري على مقربة من حدودنا من كل الاتجاهات. ما تحتاجه مصر كأولوية عاجلة في تصوري هو أن تحاول أن تخرج من أزمتها الاقتصادية الراهنة بأسرع ما يمكن ، وهذا ممكن بالرؤية الاقتصادية الصائبة وبآليات التغيير المناسبة ، وبالتصميم على تجاوز هذه الأزمة حتى لا تعطيهم مصر الفرصة لخنقها أو لتعنيف ضغوطهم عليها على نحو ما يحاولونه معها الآن ، وهي التي لديها من الإمكانيات والقدرات والخبرات الاقتصادية الدولية المشهود لها ، ما يجعلها قادرة على التعافي بسرعة والعودة مرة أخرى إلى أحوالها الاقتصادية الطبيعية، وبما قد يخرج عن دائرة توقعات من يضمرون لها الشر ولا يكفون عن محاولة ايذائها واضعافها حتى ينفتح الطريق أمامهم إلى ما يريدونه منها.. ..
وعلى الإعلام المصري أيضا أن يتدارك أخطاؤه وعيوبه وسلبياته ليكون على مستوى المواقف والأحداث الخطيرة الراهنة وليستطيع التواصل مع قواعده الشعبية العريضة بديناميكية وإيجابية أكبر بكثير مما هي عليه الآن حيث يكاد يكون قد فقد تأثيره تماما على القواعد التي يخاطبها لأسباب ليست خافية على أحد منا.. لا بد له هو الآخر أن يتعافي من علله وأمراضه وعيوبه كدائرة مهمة من دوائر العمل الوطني الشامل.. كما تحتاج مصر أكثر من أي وقت إلى أحزاب سياسية قادرة على الحشد والتعبئة السياسية والمعنوية للجماهير في مواجهة مواقف التحدي والخطر..أحزاب قادرة على أداء الدور الذي وجدت من أجله.. والطريق إلى النهوض والإصلاح ليس مستحيلا إذا ما تهيأت الأسباب وتوفرت الإرادة.
وإزاء كل تلك الأخطار والتحديات ، فإنه يصبح لزاما على مصر أن تحشد كل قواها في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها وتتهدد أمنها القومي بأفدح الأخطار.. وهي قادرة على ذلك كما كانت دوما وعلى مدار تاريخها الطويل، فاللحظة فارقة ، والأخطار داهمة ، وعلينا أن نكون على مستواها بالأفعال الجادة والمؤثرة وليس بالأقوال والتمنيات الطيبة.
أقول كل ذلك وغيره كثير من منطلق حب بلا حدود لوطن عظيم لا بديل لنا عنه ، ولا نظير له من بين كل بلاد العالم.. وعلينا أن نؤدي ما علينا لانفسنا، وبالله التوفيق….
دكتور/ محمد علي الطوبجي