لواء دكتور/ سمير فرج يكتب..السويس التي هزمت جيش إسرائيل
في حياة الشعوب والأمم، بطولات، لا يمكن أن ينساها التاريخ، كما أن هناك معركه وبطولات للمدن تظل في الذاكرة حيث هناك قصة وبطولة معركة ستالينجراد خلال الحرب العالمية الثانية، ومعركة بورسعيد أيام العدوان الثلاثي سنة 56 على مصر التي يذكرها التاريخ. دائما بأنها قصة وبطولة نادرة لمدينة مصرية، وأخيرا جاءت معركة السويس التي نحتفل بها في 24 أكتوبر من كل عام والذي يعتبر العيد القومي لمحافظة السويس، ذلك اليوم الذي يوافق ذكرى أعظم معارك مصر، وهي معركة السويس في عام 73، التي تعد آخر معارك حرب أكتوبر المجيدة، قبل وصول مراقبي الأمم المتحدة، لمتابعة سريان وقف إطلاق النار، المتخذ قراره يوم 23 أكتوبر 1973.
تعود قصة تلك المعركة إلى قرار إسرائيل اقتحام مدينة السويس علي أساس انها هدف اعلامي كبير يحقق لها النصر في حرب كتوبر ، بافتراض أنها مهمة سهلة لذلك، خصصت القيادة الإسرائيلية لتنفيذها لواء مدرع، وكتيبة من اللواء المظلي ذات كفاءة قتالية عالية ، بينما القوات العسكرية المصرية، في مدينة السويس، هي عناصر إدارية، تابعة لقوات الجيش الثالث الموجود في شرق القناة، فأمر العميد يوسف عفيفي، قائد الفرقة 19 مشاة، الموجود في شرق القناة، بدعم قوات المدينة بعناصر من الصواريخ المضادة للدبابات، وعناصر من مجموعات قنص الدبابات. وكان قائد هذه المجموعة الرائد علي رضا من الفرقة 19 مشاة وقائد مجموعة الصواريخ المضادة للدبابات الرائد علاء درويش.
بدأت المعركة في الثانية من صباح يوم 24، حين أصدر الجنرال جونيه قائد الفرقة المدرعة الإسرائيلية أوامره الى قائد اللواء المدرع الكولونيل أرييه كيرين، وقائد كتيبة المظليين يوسي يوفي، بضرورة اقتحام مدينة السويس، قبل وصول مراقبي الأمم المتحدة لتطبيق قرار وقف إطلاق النار. وكان العميد أ.ح. يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 الموجودة شرق القناة عندا شعر باقتراب العناصر الإسرائيلية لمدينة السويس امر بأرسال الرائد على رضا ومجموعته من شرق القناة لدخول مدينة السويس ومع أول ضوء، تقدمت الوحدات الإسرائيلية في اتجاه حي الأربعين، فتصدت لها مجموعة الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وعناصر المقاومة الشعبية بإطلاق النيران، فكان أول عناصر المقاومة محمود عواد، الذي أطلق قذائف RPJ ضد الدبابات المتقدمة، ومعه زملائه، من اتجاه سينما رويال، إبراهيم سليمان ورفيقه محمد سرحان، فأصيبت الدبابات الإسرائيلية المتقدمة، والعربات المدرعة، واندلعت فيها النيران، وسط ذهول القوات الإسرائيلية، التي قفزت من الدبابات، محاولة الاختباء في المساكن المجاورة، فإذا بنيران رجال المقاومة الشعبية، ورجال الجيش الثالث، تنهمر عليهم.
أمام هذا المشهد، تراجع عناصر المظللين الإسرائيليين، وحاولوا الاحتماء داخل قسم الأربعين، فحاصرهم رجال المقاومة داخل القسم، ودارت الاشتباكات بين الجانبين، ومع حلول الظلام، أصدر الجنرال أدان أوامره للقوة الإسرائيلية بالخروج من مداخل المدينة، فانسحبت القوات الإسرائيلية، بالفعل، في فجر يوم 25 أكتوبر، بعدما تكبدت 80 قتيلاً، و120 جريحاً. حاولت إسرائيل، مرة أخرى، اقتحام المدينة، فلم تلاقي إلا نفس ويلات الهجمة الأولى وزاد عدد الجرحى. وبعد سريان وقف إطلاق النار، حضرت جولدا مائير، والتقطت صوراً لها على مدخل مدينة السويس، لتزعم للعالم أن إسرائيل استولت على مدينة السويس.
ومازالت الدبابات الإسرائيلية المحروقة امام مدخل السويس شاهدة على عظمة الشعب المصري المقاتل الذي حطم اسطورة الجيش الذي لا يقهر.
ويجب الا ننسي الاب الروحي للمقاومة الشعبية في السويس الشيخ حافظ سلامة الذي كان له دور عظيم في اذكاء الروح المعنوية لشعب مدينة السويس.
لقد خلد التاريخ هذه المعركة، وسطر بطولة وبسالة رجال المقاومة الشعبية من أبناء السويس، بأحرف من نور، بعدما دافعوا عن مدينتهم بأسلحة بسيطة ومعهم رجال القوات المسلة من أبناء الجيش الثالث الميداني، وكبدوا العدو الإسرائيلي خسائر فادحة.
وعندما نتحدث عن أنواع المعارك في مراجع التكتيك العسكري فان هناك معارك الصحراء والمناطق الجبلية و معارك الغابات وأخيرا معارك المدن حيث تصنف معارك المدن بانها مقبرة الجيوش وطبقا لأخر تحديث في قانون القتال. الجيش البريطاني Land Operation Part 2 عندما قدم عمليات الهجوم على المدن، أنها من أعقد العمليات العسكرية، واستدل على ذلك بمعركة السويس عام 73 في أنها حرب حديثة حيث استخدم فيها المهاجم الإسرائيلي الأسلحة والمعدات الحديثة عندما حاول اقتحام هذه المدينة. ولكنه فشل، رغم أن القوات المهاجمة من جيش الدفاع الإسرائيلي كانت من قوات النخبة الإسرائيلية، ليفشل هذا الهجوم، وتتكبد القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة لم تحدث في قتال القوات النظامية في أي معركة خلال حرب 73.
ويضيف المرجع البريطاني إنه مما جعل المعركة أشد ضراوة هو إصرار المدافع، ويقصد به القوات المصرية والدفاع الشعبي على الحفاظ على أرضه، وهذا أمر يجب أن يضعه المهاجم دائما عند التخطيط لأي عملية هجومية في المدن.
ولا أعلم لماذا دار في ذهني ما يحدث هذه الأيام في الحرب الروسية الأوكرانية، ونجاح القوات الروسية باحتلال 20% من أراضي الأوكرانية، وكلها مدن، بينما مقاتلي مدينة السويس الشجعان. حافظوا ودافعوا ببسالة. ومنعوا جيش الدفاع الإسرائيلي المعروف بانه الجيش الذي لا يقهر من استيلاء على مدينتهم وجاء منظر الدبابات الإسرائيلية المحترقة أمام حي الاربعين شاهدا على عظمة المقاتل المصري في حرب أكتوبر 73.
كما ان رجال المقاومة الإسرائيلية من رجال حماس مازالوا الأن يضعون امام اعينهم أبناء السويس الذين وقفوا امام هجمات إسرائيل واصبحوا مثالا لهم وسوف يقاتلون باستماته للدفاع عن غزة متسلحين بالروح القتالية لأبطال المقاومة في السويس امام العدو الإسرائيلي خاصة انهم يقتلون نفس العدو الإسرائيلي الذي تحطمت دباباته وقواته ولم يستطيع احتلال السويس.ولهذا يحتفل دائما ابناء المدن المصرية فخورين بشجاعتهم من اهل السويس والمنصورة ثم بسالة قتال أهالي بورسعيد في حرب 1956 وأخيرا معركة السويس التي هزمت جيش إسرائيل الذي لا يقهر